شوف تشوف

الرأيالرئيسية

عائدون من العمرة..

يونس جنوحي

 

في الوقت الذي يستعد فيه الحجاج المغاربة للتوجه إلى الديار المقدسة، في سنة تُميزها إجراءات جديدة، فإن بعض العائدين من عُمرة رمضان لم ينسوا بعدُ تجربة مريرة اضطروا عيش أطوارها لوحدهم، في الظل.

يتعلق الأمر بعدد من المُعتمرين الذين انطلقوا من مدينة تيزنيت، بمعية وكالة أسفار محلية، كانت الأمور طبيعية، إلى أن وصل يوم العاشر من أبريل الماضي، حيث كان هؤلاء المعتمرون يستعدون لتوديع تجربة العمرة والعودة إلى أحبابهم. لكنهم فوجئوا بالوكالة التي اصطحبتهم، واعتمر معهم ممثلها وتضرع إلى الله مثلهم، وهو يتخلى عنهم في قلب الفندق، ويخبرهم ببرود أن تذكرة العودة التي كانت مبرمجة يوم 12 أبريل من مطار عبد العزيز في اتجاه مطار الدار البيضاء على متن الخطوط المصرية، قد «تبخرت» وأنه يتعين عليهم الانتظار إلى يوم 26 أبريل -أي بعد أسبوعين كاملين- لكي يتمكنوا من العودة إلى أحبائهم وعائلاتهم.

وحسب الإفادات التي استقيناها من بعض الذين عاشوا هذه «المأساة»، فإن الوكالة في شخص ممثلها الذي رافق المُعتمرين لم يكلف نفسه عناء شرح ما وقع. وتحت الصدمة، اتصل هؤلاء المعتمرون، وأغلبهم مُسنون لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة، بعائلاتهم في المغرب يُخبرونهم أن رحلتهم المبرمجة سلفا قد ألغيت، وأن ممثل الوكالة أخبرهم أن الوكالة سوف تتكلف بمصاريف الفندق لخمسة عشر يوما، وأنه يتعين عليهم تدبر مصاريف الأكل والشرب بأنفسهم، بل ونصح بعضهم بالاتصال بعائلاتهم لكي يتدبروا موضوع تحويل الأموال إليهم، خصوصا وأن أغلبهم كانوا قد صرفوا أموالهم في شراء الهدايا لأسرهم، بحكم أنه لم يتبق على رحيلهم سوى يومين فقط.

هل يُعقل أن تُؤجل رحلة جوية لخمسة عشر يوما كاملة؟ وكأننا في زمن الرحلات الموسمية إلى الشرق؟ لو كان الأمر يتعلق بخطأ في الحجز، فإن يوما واحدا أو يومين على الأكثر كافيان لتدارك المشكل. ثم إن الوكالة منحت هؤلاء المعتمرين، وهم لا يزالون في المغرب، عقودا واضحة تنص على أنهم سوف يعودون إلى المغرب يوم 12 أبريل، بل ومعهم تذاكر الطيران، لم تعد صالحة إلا لتبقى ذكرى عما وقع.

المصيبة أن العائلات في تيزنيت، لما حاولت التواصل مع الوكالة المعنية، لم يكن أحد يرد على اتصالاتها نهائيا. وبعد ساعات من المحاولات للوصول إلى صاحب الوكالة، أخيرا رد على مكالمة واحدة وأخبر سيدة أن والدها العالق في الديار المقدسة كان يعلم منذ توجهه إلى المطار، وبالضبط عندما كانوا في الحافلة التي أقلتهم إلى المطار، بأن رحلة العودة سوف تتأخر لأسبوعين! وهو ما نفاه المُعتمرون وكذبوه جملة وتفصيلا.

هناك من اضطروا إلى اقتناء تذاكر في اليوم نفسه، حتى يُجنبوا آباءهم الإصابة بأزمات صحية، ودفعوا أزيد من 8500 درهم إضافية، لكي يضمنوا العودة في غضون يوم أو يومين على الأقل. بينما آخرون لم يملكوا خيارا آخر، اضطروا فعلا إلى عيش فصول المسلسل المرعب، وأمسكوا تذكرة العودة المؤجلة لأسبوعين، دون حتى أن يعتذر لهم أحد!

ربما لا أحد من المسؤولين لديه علم بما وقع لهؤلاء المعتمرين، على اعتبار أن أغلبهم من كبار السن ولم يُقدموا على مراسلة السفارة، ولا وضع شكاية لدى المصالح المختصة في الأراضي السعودية أولا.

يحز فعلا في النفس أن تتوفر مساع لتطوير تجربة العمرة والحج، وتوضع آخر الإمكانيات الرقمية وثورة الاتصالات رهن إشارة ضيوف البقاع المقدسة، في حين أن البعض عندنا لا يزالون يحنون إلى زمن التذكرة الورقية من الحجم الكبير، حيث كانت قصص الحجاج والمعتمرين الذين يكتشفون في المطار أنهم سجلوا أنفسهم لدى وكالات وهمية، تملأ الجرائد!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى