
أصدرت مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) تقريرها السنوي لعام 2024، مستعرضة فيه حصيلة عام حافل بالإنجازات التنموية التي رسخت موقعها كفاعل محوري في التحولات الاجتماعية، التعليمية، والبيئية، سواء داخل المغرب أو على الصعيد الدولي. ويعكس التقرير رؤية المؤسسة لتنمية إنسانية عميقة، تنطلق من الواقع المحلي وتُراعي التحديات العالمية، متجاوزة لغة الأرقام إلى أثر ملموس على حياة الأفراد والمجتمعات، حيث نجحت المؤسسة في تنفيذ 590 مشروعًا في 13 دولة، استفاد منها أكثر من 89 ألف شخص – غالبيتهم من النساء – بشراكة مع مئات الفاعلين المحليين والدوليين. في المغرب، برز قطاع التعليم كأحد أبرز مجالات تدخل المؤسسة. فقد واصلت جهودها في تأهيل 60 مؤسسة تعليمية عبر خمس أقاليم، ما أثر إيجابيًا على 30 ألف تلميذ. وامتدت المبادرات إلى ما هو أبعد من ترميم البنيات التحتية، لتشمل تكوين الأساتذة، تنشيط الحياة المدرسية، إدخال المختبرات الرقمية، وتطوير المحتوى الرقمي. كما لعبت المؤسسة دورًا فاعلًا في الاستجابة العاجلة لزلزال الحوز، حيث أنشأت مدارس مؤقتة، قبل أن تطلق برنامجًا لإعادة بناء مؤسسات تعليمية مستدامة، بالتعاون مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، الشريك الأكاديمي والاستراتيجي الذي يدعم مشاريع بحثية وتكوينية ذات تأثير ملموس. في مجال التمكين الاقتصادي، واصلت المؤسسة تنفيذ برنامج “مرافقة”، الذي دعم هذا العام أكثر من 600 تعاونية في مختلف جهات المملكة، ساهمت في تعزيز الاستقلالية الاقتصادية للنساء في المناطق القروية. كما دعمت المؤسسة مشاريع في دول مثل السنغال، مالاوي، زيمبابوي، البرازيل، والهند، معتمدة مقاربة تشاركية ترتكز على الحاجات المحلية. وشكل الإدماج الاجتماعي محورًا أساسيًا في تدخلات المؤسسة، من خلال مواكبة فئات هشة كالأطفال في وضعية إعاقة، الشباب المتعايشين مع التوحد، متلازمة داون، وضعف السمع، إضافة إلى الأشخاص المصابين بالسكري أو فيروس نقص المناعة، وسكان المناطق النائية. وقد تم تطوير مسارات دعم مخصصة، وتوفير تكوينات للمرافقين، وحلول تعزز الاستقلالية والاندماج. تميّزت سنة 2024 أيضًا بتعزيز الشراكات مع فروع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، الجمعيات المحلية (Act4Community)، والمؤسسات الوطنية والدولية، ما مكّن من خلق شبكة تعاون واسعة. واعتمدت المؤسسة على أدوات تواصلية مثل “التواصل من أجل التنمية”، لتمكين المجتمعات من التعبير عن احتياجاتها وسرد قصصها، بهدف إعطاء معنى للبيانات وإبراز أثر المبادرات. شهد عام 2024 تحولًا بصريًا وتواصليًا للمؤسسة، من خلال تحديث شعارها، وإطلاق موقع إلكتروني جديد وقناة على يوتيوب، وتبني أسلوب تواصلي أكثر قربًا وإنسانية، يعكس عمق رسالتها ويجعلها أكثر وضوحًا وتفاعلًا مع الجمهور. يختتم التقرير برسالة واضحة: مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط لا تسعى إلى حلول آنية أو سطحية، بل تؤمن بالتغيير العميق والمستدام، المبني على العلم، الإنسان، الثقافة، والعمل الجماعي. وتؤكد المؤسسة أن نموذجًا تنمويًا بديلًا – أكثر عدالة، تضامنًا، وإلهامًا – ليس ممكنًا فحسب، بل يتحقق فعلًا، خطوة بخطوة.