شوف تشوف

الرأيالرئيسية

منطقة الساحل والصحراء

رضوان السيد

بعد انتهاء مؤتمر القمة العربي في جدة، قد لا يكون مألوفا الحديث عن منطقة الساحل ومشكلاتها. لكنني سمعت مقابلة مع خبراء في فضائية غربية، أجمعوا فيها، وكانوا يتحدثون عن مالي ودارفور، أن مشكلات منطقة الساحل ستتزايد حتى تصبح شغل العالم الشاغل. وتبدأ منطقة الساحل اصطلاحا في مالي وتنتهي في دارفور، وربما باستثناء موريتانيا فإن كل بلدان الساحل يحوطها الاضطراب أو يخترقها.
في مطالع القرن الحادي والعشرين، وقد كان التنافس الدولي منصبا على العالم العربي ونشر الاضطراب فيه، كانت الآمال عالية بإفريقيا وديمقراطيتها الصاعدة ومواردها الطبيعية المكتشفة والمتكاثرة. وما أن مر عقدٌ على الخيبة الأمريكية بأفغانستان والعراق، حتى بدأ الحديث عن الخيبة الفرنسية والأمريكية بإفريقيا، والتراجع لصالح الصين.
ومع أن الصين لا تنتشر في العادة عسكريا، بل تجاريا، فإن الولايات المتحدة استحدثت قيادة عسكرية جديدة لإفريقيا. وما أفاد ذلك كثيرا، فمع تنامي ظاهرة العنف والإرهاب وانتشارها عبر دول الساحل وما وراءها وحولها، كثر الحديث عن الوجود الروسي بدول الساحل. عمليا، وباستثناء موريتانيا، ما عادت الجيوش الوطنية في دول الساحل كما كانت. فالجيوش التي شكلها الفرنسيون والبريطانيون وأخيرا الأمريكان أضعفتها الانقلابات، والفئوية القبلية والإثنية. لذا تنشأ مع الجيش أو إلى جانبه أو ضده ميليشيات تنشئها القبائل الأخرى للدفاع عن مصالح القبيلة في وجه الجيش الوطني الموجود في العاصمة، أو بالتنسيق معه إذا سلم بالقوة الجديدة.
وتعود أصول المسائل إلى ستينيات القرن العشرين، حين خلف المستعمرون وهم ينسحبون في كل بلد قوة دفاع. ثم ما لبثوا أن عادوا عندما بدأ الاضطراب القبلي، لدعم السلطات القائمة. وفي فترة ما خُيل لكثيرين أن الاستقرار سيحل، فتحدثوا عن الديمقراطية والتنمية.
الاضطرابات الحالية، والتي بدأت في مالي ثم بوركينا فاسو واستمرت في النيجر ونيجيريا، لها علاقة بالتنظيمات القبلية، وبالجريمة المنظمة، وبالتدخلات الدولية والإقليمية. وفي كل مرة تظهر ميليشيا يكون هدفها إما الاستيلاء على السلطة في البلاد، أو احتلال منطقتها الخاصة، أو التعاون مع الخارج من أجل تكوين التنظيم الذي يكون هناك رهان على إمكان عمله ضد جهة أُخرى بالداخل، إذا لزم الأمر! وكما سبق القول فإن ذلك يزيد المشهد تعقيدا لتعدد التنظيمات وكثرة السلاح، ووفرة الأهداف المزورة.
ولنضرب مثلا نختم به هذه العجالة: كان الرئيس المالي توماني توريه مصرا على التجديد لنفسه، ولربما نجح في ذلك.. لكن ضابطا صغيرا في الجيش ثار عليه وأسقطه وأرغمه على الهرب.
وامتد الأمر إلى كل من بوركينا فاسو والنيجر. وإذا خرجت الجيوش الأجنبية فإن ذلك لا يُنهي مشكلة «الاستعمار»، لأن هناك الكثير من الميليشيات التي تظل تحمل الدعوى نفسها، أو تعلن عن دولة إسلامية، أو عن ديمقراطية، وإعادة انتخابات، وكلها شعارات فارغة، لا تفيد فيها تدخلات الاتحاد الإفريقي ولا غيره.
ذهب مسؤول سوداني إلى جنوب السودان ليطلب منه التوسط في الأزمة، فعلقت كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وقالت: إذا صار «كير» وسيطا في السودان، فلا بد أن هناك شيئا خطأً! أما الحرب ذاتها فهي أكثر من خطأ!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى