شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

نيران صديقة داخل الأغلبية الحكومية دعم استيراد الأبقار والأغنام تحول إلى ورقة انتخابية

ألقى نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، قنبلة ثقيلة داخل الأغلبية الحكومية، عندما صرح بأن كلفة الدعم الذي خصصته الحكومة لاستيراد الأبقار والأغنام تجاوزت مبلغ 1300 مليار سنتيم، دون أن يحقق هذا الدعم أهدافه في تخفيض أسعار اللحوم الحمراء وتوفير الأضاحي للمواطنين، قبل أن يخرج رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، والقيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، لتكذيب الأرقام التي صرح بها بركة، وأكد أن كلفة الدعم لم تتجاوز 30 مليار سنتيم، وبدوره طالب المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة بإلغاء الإعفاءات الجمركية والضريبية على اللحوم، بدعوى أنها لم تحقق الأثر المرجو في خفض الأسعار. وخلافا لذلك، أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن هذه الإعفاءات كان لها أثر ملموس على توفير وتعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى لسنتي 2023 و2024، علاوة على المساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني، وأفادت الوزارة بأن تكلفة عملية الدعم التي وجهتها الحكومة لتشجيع الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024، بلغت ما مجموعه 437 مليون درهم، كما دخلت أحزاب المعارضة على خط تضارب تصريحات قادة أحزاب الأغلبية، واستعملت موضوع الدعم كورقة انتخابية وظفتها لمهاجمة الحكومة.

مقالات ذات صلة

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

بركة يفجر قنبلة «1300 مليار» داخل الأغلبية الحكومية

 

 

في خرجة مثيرة كشف نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، عن أرقام مثيرة بخصوص دعم الحكومة لاستيراد الأغنام والأبقار. وجاء كلام بركة في تجمع حزبي عقده بجماعة أولاد فرج بإقليم الجديدة، ما اعتبره متتبعون محاولة منه لتوظيف خطاب شعبوي في إطار تسخينات انتخابية سابقة لأوانها تخوضها مكونات الأغلبية الحكومية.

وتحدث بركة عن حصول مستوردي الأغنام والأبقار على دعم مالي بمبالغ يقدر مجموعها بحوالي 13 مليار درهم من المال العام، معترفا بفشل هذا الإجراء في تخفيض أسعار اللحوم الحمراء، بقوله إن «الحكومة منحت المستوردين 500 درهم عن كل رأس؛ غير أنهم قاموا ببيع كل رأس غنم يساوي 2000 درهم بواقع 4000 درهم». وأضاف بركة «هؤلاء فضّلوا أن يرفعوا من أرباحهم بواقع 100 في المائة»، مؤكدا في على أن «الدعم الذي تعطيه الدولة يجب أن يكون مشروطا، ويجب أن نمر إلى النزاهة الاقتصادية والاجتماعية». وهاجم بركة المستوردين الذين استفادوا من «كعكة» الدعم والإعفاءات الضريبية، دون أن ينعكس ذلك على الأسعار التي بقيت مرتفعة، متحدثا عن شبهات حول وجود تلاعبات في الدعم الذي كان مخصصا لتخفيض أسعار اللحوم الحمراء، وضمنهم برلمانيون وسياسيون حصلت شركات في ملكيتهم على ملايير الدعم.

وبدوره كشف وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن معطيات مثيرة حول التلاعبات التي شابت الدعم العمومي الموجه لاستيراد الأبقار والأغنام، وتحدث الوزير عن وجود نحو 18 مضاربا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، عملوا على تضخيم هوامش الربح بشكل غير مسبوق. وأشار مزور إلى أن الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات لخفض أسعار اللحوم الحمراء عبر فتح باب الاستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية على اللحوم، بهدف زيادة العرض وخفض الأسعار.

وحسب مزور، فإن من ضمن التدابير المتخذة، سماح الحكومة باستيراد 200 ألف رأس من الأغنام، مع إلغاء الرسوم الجمركية لحماية المستهلك من الارتفاع الكبير في الأسعار، إلا أن التحقيقات أظهرت أن هامش ربح المستوردين تراوح بين 20 و25 درهما للكيلوغرام، بينما كان يفترض ألا يتجاوز 10 دراهم، أما الجزارون التقليديون فتتراوح هوامش ربحهم بين 8 و10 دراهم. وكشف مزور أن إجمالي هوامش الربح وصل إلى 40 درهما للكيلوغرام، مقارنة بـ 20 إلى 25 درهما سابقا، مما يعكس استمرار سيطرة فئة محدودة من المضاربين على السوق.

وكانت الحكومة خصصت في السنة الماضية دعما بمبلغ 500 درهم لكل رأس غنم مستورد، وكان الهدف المعلن هو توفير القطيع بأثمان معقولة، خلال عيد الأضحى، لكن «المضاربين» قاموا بإخفاء هذه الأغنام داخل الضيعات، وأعادوا بيعها بأسعار مرتفعة بعد العيد. وحسب الأرقام المعلنة من طرف وزير الفلاحة والصيد البحري، أحمد البواري، تم استيراد 480 ألف رأس في السنة الماضية، بدعم عمومي قيمته 240 مليون درهم، لكن، مباشرة بعدما تم الإعلان عن دعم استيراد الأغنام الموجهة للأضاحي، تمت إضافة 500 درهم أخرى في المنبع أي عند المنتجين، فلم يكن للعملية تأثير على خفض الثمن.

وبخصوص دعم إنتاج اللحوم الحمراء، تم توقيع عقد برنامج لدعم سلسلة اللحوم الحمراء، خلال فعاليات  الدورة 15 للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس المنعقدة خلال شهر ماي 2023، بين الدولة والفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، وتصل التكلفة الاجمالية لتنزيل مضامين العقد ما يناهز 14.45 مليار درهم، منها 6.7 ملايير درهم مساهمة من المهنيين و7.75 ملايير درهم مساهمة من الدولة، لكن لماذا لم يظهر أثر هذا الدعم في تخفيض أسعار اللحوم الحمراء؟

ومن جهة أخرى قررت الحكومة وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على فصيلة الأبقار الأليفة وذلك من 29 يناير إلى 31 دجنبر 2024 وفي حدود 100 ألف رأس من الأبقار الأليفة، غير أنه، ونظرا لاستمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء واعتبارا للظروف المناخية الصعبة، تبين أن هذه الحصة ليست كافية لتغطية الطلب على هاته اللحوم، وتقرر رفع هذه الحصة إلى 120 ألف رأس.

وقررت الحكومة، كذلك، وقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأغنام الأليفة، للتخفيف من تداعيات الاضطرابات في سلاسل التموين العالمية والجفاف الحاد الذي عرفه المغرب، مما ترتب عنه ارتفاع كبير في الأسعار العالمية لأعلاف الماشية وانخفاض في موفورات هذه الأعلاف على الصعيد المحلي، وبالتالي انخفاض في العرض المحلي من الأغنام الأليفة. ولمواجهة هذا الوضع، وإعادة تكوين القطيع المحلي مع ضمان تموين عادي للسوق المحلي من الأغنام الأليفة، اتخذت الحكومة قرارا بوقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على هذه الحيوانات وذلك في حدود 100 ألف رأس من الأغنام الأليفة إلى غاية 31 دجنبر 2024.

وقررت الحكومة، كذلك، وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على فصيلة الأبقار الأليفة المعدة للذبح قصد توفير اللحوم في الأسواق الوطنية، غير أنه تبين أن هذا الإجراء لم يمكن من الحد من ارتفاع أسعار اللحوم. ولضمان مواصلة تموين السوق المحلي من اللحوم، تم وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على لحوم الأبقار ولحوم الحيوانات من فصيلة الضأن والماعز والجمال في حدود 20 ألف طن إلى غاية 31 دجنبر 2024.

«البام» والاستقلال يطالبان بإلغاء الإعفاءات ووزارة الفلاحة تكشف الحقيقة

 

 

تزامنا مع التصريحات التي أطلقها نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بخصوص الدعم الذي خصصته الحكومة لمستوردي الأغنام والأبقار، والتي أكد فيها أن هذا الدعم لم يحقق أهدافه، خرج المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة بدوره، للمطالبة بإلغاء الإعفاءات الجمركية والضريبية على اللحوم، وأكد أن هذه الإعفاءات لم تحقق الأثر المرجو في خفض الأسعار.

وخلافا لذلك، أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن هذه الإعفاءات كان لها أثر ملموس على توفير وتعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى لسنتي 2023 و2024، علاوة على المساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني، وأفادت الوزارة بأن تكلفة عملية الدعم التي وجهتها الحكومة لتشجيع الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024 بلغت ما مجموعه 437 مليون درهم.

وأوضحت الوزارة، في بلاغ حول «عملية دعم الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024»، أن 193 مليون درهم تم توجيهها لهذه العملية برسم سنة 2023، و244 مليون درهم برسم سنة 2024، حيث تم استيراد ما يناهز 875 ألف رأس من الأغنام، منها 386 ألف رأس خلال سنة 2023، و489 ألف رأس خلال سنة 2024.

وأشار البلاغ إلى أنه قد تم فتح المجال أمام جميع المستوردين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري المشترك بين وزارة المالية ووزارة الفلاحة، موضحا أن عدد المستوردين الذين تمكنوا من الانخراط في مسطرة الاستيراد هو 156 مستوردا (61 مستوردا سنة 2023، و95 مستوردا سنة 2024)، وذكرت الوزارة أن «عملية استيراد الماشية ما زالت مفتوحة، مع استمرار العمل بتعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة».

وأكدت الوزارة أن هذه الإجراءات كان لها أثر ملموس على توفير وتعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى لسنتي 2023 و2024، علاوة على المساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني، مبرزة أنها مكنت كذلك من ضمان تموين الأسواق باللحوم الحمراء، والمحافظة على استقرار الأسعار وعدم ارتفاعها إلى مستويات قياسية.

وتابع البلاغ أنه في ظل ارتفاع نسب التضخم عالميا وتوالي سنوات الجفاف، أقرت الحكومة منذ تنصيبها حزمة إجراءات تروم دعم القدرة الشرائية للمواطنين، على غرار إعفاء مجموعة من المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع من الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن إقرار إعفاءات جمركية على عدد من المنتجات (القمح اللين والماشية والمعدات الموجهة للاستخدام الفلاحي)، وهو ما كان له أثر إيجابي على أسعار عدد من المواد الأساسية.

وسجلت الوزارة أنه بالنظر إلى الظرفية الراهنة، المطبوعة أساسا بتوالي سنوات الجفاف التي أثرت بشكل سلبي على الموفورات العلفية، وساهمت في تراجع كبير لأعداد القطيع الوطني، وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بشكل ملحوظ، وأخذا بعين الاعتبار أن تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة المطبقة على استيراد الأغنام لم يكن لوحده كافيا لرفع وتيرة الاستيراد وتحقيق وفرة في الأغنام خلال عيد الأضحى، فقد اتخذت الحكومة إجراءات استثنائية إضافية خلال سنتي 2023 و2024، من خلال تخصيص دعم يقدر بـ500 درهم لكل رأس من الأغنام الموجهة للذبح خلال عيد الأضحى.

وخلص البلاغ إلى أن تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة لم ينتج عنه أي أثر مالي على ميزانية الدولة، بالنظر إلى كون تطبيق هذه الرسوم خلال السنوات الماضية (200 في المائة) كان ذا طابع حمائي للقطيع الوطني، ولم يكن يدر على خزينة الدولة أي موارد.

وكانت الحكومة قد خصصت في السنة الماضية دعما بمبلغ 500 درهم لكل رأس غنم مستورد، وكان الهدف المعلن هو توفير القطيع بأثمان معقولة، خلال عيد الأضحى، وحسب الأرقام المعلنة من طرف أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري، فقد تم استيراد 480 ألف رأس في السنة الماضية، بدعم عمومي قيمته 240 مليون درهم، لكن مباشرة بعدما تم الإعلان عن دعم استيراد الأغنام الموجهة للأضاحي تمت إضافة 500 درهم أخرى في المنبع أي عند المنتجين، ولم يكن للعملية تأثير على خفض الثمن.

ومن جهة أخرى، خصصت الحكومة دعما ماليا لإنتاج اللحوم الحمراء، حيث تم توقيع عقد برنامج لدعم سلسلة اللحوم الحمراء، خلال فعاليات  الدورة الخامسة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس المنعقدة خلال شهر ماي 2023، بين الدولة والفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، وتصل التكلفة الاجمالية لتنزيل مضامين العقد إلى ما يناهز 14.45 مليار درهم، منها 6.7 ملايير درهم كمساهمة من المهنيين، و7.75 ملايير درهم كمساهمة من الدولة، لكن لم يظهر أثر هذا الدعم في تخفيض أسعار اللحوم الحمراء.

دعم الأبقار والأغنام تحول إلى ورقة انتخابية بيد المعارضة

 

 

تحول موضوع دعم استيراد الأغنام والأبقار إلى ورقة انتخابية بيد أحزاب المعارضة، حيث سارعت فرق التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية ومجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، إلى المطالبة بعقد اجتماع للجنة المالية بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، ولجنة القطاعات الإنتاجية، وزير الفلاحة والصيد البحري، لتقديم توضحيات حول كلفة الدعم، والكشف عن لائحة المستفيدين منه.

وفي هذا الصدد، تحدث الفريق الحركي بمجلس النواب عن  تضارب التصريحات من قبل مسؤولين في الحكومة وفي الأحزاب السياسية وفي الإعلام، بشأن مبالغ الدعم المخصصة لاستيراد الأغنام والأبقار خلال السنوات الأخيرة، وفي هذا الصدد ارتأى الفريق أن يطالب بعقد اجتماع لجنة المالية ولجنة القطاعات الإنتاجية،  بحضور الحكومة لحسم الجدل المرتبط بتضارب الأرقام المتعلقة بالمبلغ الإجمالي للدعم والعدد الحقيقي للمستفيدين من جهة ، ومن جهة ثانية تسليط الضوء على حيثيات هذا الملف الاجتماعي لما له من تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني والقطاع الفلاحي وكذا على القدرة الشرائية للمغاربة.

وأوضح الفريق أنه في ظل غياب معطيات دقيقة وموحدة حول التكلفة الفعلية لهذه العمليات، وكذا هوية وعدد المستفيدين منها، فإنه يطالب بعقد اجتماع عاجل للجنة القطاعات الإنتاجية بحضور وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات، من أجل مناقشة هذا الموضوع بكل مسؤولية وتقديم توضيحات دقيقة حول حجم الإنفاق العمومي الموجه لاستيراد الأغنام والأبقار، والجهات المستفيدة منه، فضلا عن التدابير المتخذة لضمان شفافية هذه العمليات في المستقبل بما يعزز انسجام السياسات العمومية مع مبادئ العدالة والنجاعة الاقتصادية وضمان حق المواطنين في الحصول على المعلومات المرتبطة بتدير الشأن العام.

وبدوره تناول المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في اجتماعه الأخير حيثيات وتداعيات القرارات الحكومية، المتواصلة إلى حدِّ الآن منذ نهايات سنة 2022، للرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لاستيراد الماشية، وهو الموضوع الأساسي الذي استنزف ولا يزال مبالغ ضخمة تُقدر بملايير الدراهم من المال العام، والذي ينضافُ إليه كذلك تقديمُ دعمٍ مالي مباشر قدره 437 مليون درهم لمستوردي الأغنام الموجَّهة لعيد الأضحى برسم سنتيْ 2023 و2024، وكل ذلك دون أيِّ أثرٍ إيجابي يُذكر، لا على أسعار الأضاحي آنذاك، ولا على أسعار اللحوم الحمراء عند الاستهلاك، ولا على وضعية القطيع الوطني، ولا على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي.

وأكد حزبُ التقدم والاشتراكية أنَّ ملايير الدراهم التي فَقَدَتها مباشَرَةً أو حُرِمت من تحصيلها خزينةُ الدولة، ولا يزال نزيفُها مستمراً، بسبب هذه المقاربة الحكومية المستوجِبَة للمساءلة، تَفوقُ قيمتُها 13 مليار درهماً، كما أكد الحزبُ على ذلك في وقتٍ سابق، وقد تصل إلى نحو 20 مليار درهماً، وذلك بعد أن تُفصِحَ الحكومةُ أيضاً عن الموارد المالية المفترضة والمهدورة منذ أكتوبر 2024 إلى الآن.

وأشار الحزب إلى أن الحكومة، بإقدامها على اتخاذ هذه الإجراءات المُكَلِّفة باهظاً للمالية العمومية، من غير أيِّ أثرٍ إيجابي على المواطنين، وبإصرارها المتعنت على الاستمرار في اعتمادها المتواصل ضداًّ على كل الأصوات المنادية بإلغائها، حتى من داخل صفوف الأغلبية، إنما تؤكد بالملموس على أنها حكومةٌ تُرَجِّحُ مصالح حُفنَةً من لوبيات المال وتجار الأزمات، على حساب أوسع فئات المجتمع. كما أن هذه المقاربة الحكومية، يضيف الحزب، لا يمكنُ تبريرُها فقط بالجفاف، بل إنها مقاربَةُ تؤكد، مرة أخرى، الفشل الذريع لمخطط المغرب/الجيل الأخضر الذي جُعِلَ بالأساس في خدمة المصدِّرين الكبار، على حساب السيادة الغذائية الوطنية، والفلاحين الصغار والمتوسطين، وعلى حساب الموارد المائية الوطنية.

كما رد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب، على الأرقام التي صرح بها رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، عندما تحدث أن كلفة الدعم لم تتجاوز 30 مليار سنتيم، استفاد منها أكثر من 100 مستورد، خلافا لما صرح به نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بأن دعم استيراد الأرقام والأغنام كلف خزينة الدولة 1300 مليار سنتيم.

وأكد بنعبد الله الأرقام التي صرح بها بركة، مستندا في ذلك على معطيات تتضمنها وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، طلبها فريق التقدم والاشتراكية أثناء مناقشة قانون المالية، وأوضحت الوثيقة أنه في إطار التخفيف من آثار الجفاف الذي عرفته البلاد في المواسم الفلاحية الفارطة والذي تزامن مع أزمة جيوستراتيجية عالمية ترتب عنها اضطراب في سلاسل الإنتاج والتموين على مستوى العالم و ارتفاع في الأسعار العالمية للمواد الأولية والتي تؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن، تم وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على الأبقار الأليفة خلال الفترة الممتدة بين 21 أكتوبر 2022 و 31 دجنبر 2023، وقد تم تمديد هذا الإجراء إلى غاية 31 دجنبر 2024 وذلك في حدود مائة ألف رأس.

غير أنه نظرا لاستمرار ارتفاع أسعار لحوم الأبقار ولضمان مواصلة تموين السوق المحلي من اللحوم الحمراء، وكذلك أخذا بعين الاعتبار الظروف المناخية، تبين أن حصة مائة ألف رأس سالفة الذكر ليست كافية لتغطية الطلب على هاته اللحوم، وعليه تم رفع هذه الحصة إلى مائة وعشرين ألف رأس، وقد ترتب عن هذا الإجراء منذ تطبيقه وإلى غاية 22 أكتوبر 2024، نقص في موارد رسم الاستيراد يقدر ب 7.3 مليارات درهم.

وفي نفس السياق، تضيف الوثيقة، وللحد من وقع ارتفاع الأسعار العالمية لبعض المنتجات الفلاحية على المستهلك المغربي تحملت الميزانية العامة للدولة الضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأبقار الأليفة المستفيدة من وقف استيفاء رسم الاستيراد منذ 03 فبراير 2023 وفي حدود مائة ألف رأس، وعلى غرار ما تم بالنسبة لرسم الاستيراد، فقد تم رفع الحصة المستفيدة من هذا الإجراء إلى مائة وعشرين ألف رأس، وقد ترتب عن هذا الإجراء منذ تطبيقه وإلى غاية 22 أكتوبر 2024 تحمل ميزانية الدولة المجموع 744 ملايين درهم، وبلغ عدد المستفيدين من هذين الإجراءين 133 شركة منذ 21 أكتوبر 2022 الى غاية 22 اكتوبر 2024

وحسب الوثيقة، فإنه بالنسبة للأغنام، وقصد مواجهة الجفاف الحاد الذي عرفه المغرب مما ترتب عنه ارتفاع كبير في أسعار أعلاف الماشية ومن أجل إعادة تكوين القطيع المحلي تحملت الميزانية العامة للدولة رسم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة عند استيراد الأغنام الأليفة منذ فبراير 2023، وقد ترتب عن هذا الإجراء تطبيقه وإلى غاية 18 أكتوبر 2024 تحمل ميزانية الدولة لما يعادل 5,03 مليارات درهم، منها 3,87 مليارات درهم بالنسبة لرسم الاستيراد و 1,16 مليار درهم بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة.

وابتداء من 19 أكتوبر 2024 وإلى غاية 31 دجنبر 2024 تم وقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على الأغنام الأليفة والذي ترتب عنه نقص في موارد رسم الاستيراد يقدر ب 15.7 ملايين درهم وتحمل الميزانية العامة للدولة لـ 1.6 ملايين درهم برسم الضريبة على القيمة المضافة عند استيراد هذه الأغنام، وبلغ العدد الاجمالي لرؤوس الاغنام التي تم استيرادها بمناسبة عيد الأضحى لسنة 2024 الى 474.312 رأس مستفيدة من الدعم المباشر الجزافي الذي حدد في 500 درهم للرأس مما يجل الغلاف المالي المخصص لهذه العملية يصل إلى 237 مليون درهم، كما بلغ عدد المستفيدين من هذه الإجراءات 144 شركة منذ 10 فبراير 2023 إلى غاية 22 اكتوبر 2024.

 

 

دعم استيراد الأغنام.. الحكومة وهاجس حماية القطيع الوطني

 

شهدت أسعار الأغنام في مختلف أسواق المملكة ارتفاعاً ملحوظاً، في ظل تداعيات الجفاف الذي تعرفه البلاد للسنة الثالثة على التوالي، وتأثيره المباشر على سلاسل الإنتاج الفلاحي وتربية المواشي، ما يثير مخاوف الأسر المغربية، خاصة من الطبقة المتوسطة والفقيرة، من صعوبة اقتناء الأضاحي هذا العام.

ويُعزى هذا الارتفاع، حسب مهنيين في القطاع، إلى تراجع الغطاء النباتي وشح الكلأ، وارتفاع كلفة الأعلاف المركبة، إلى جانب تقلص أعداد القطيع بسبب ضعف الموارد المائية وغياب دعم كافٍ للكسابة الصغار.

في هذا السياق، قال أحد مربي الماشية في جهة بني ملال- خنيفرة: «أصبح من الصعب جداً الحفاظ على رؤوس الغنم بسبب قلة المراعي وغلاء العلف، وهو ما انعكس على الأسعار التي تجاوزت 4500 درهم للرأس الجيد».

وفي محاولة للتخفيف من حدة الوضع، سارعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، على رأسها دعم عمليات استيراد الأغنام من الخارج، بهدف تعزيز العرض الداخلي وتفادي أي خصاص في السوق خلال فترة عيد الأضحى. وأكدت وزارة الفلاحة أن هذه الخطوة تأتي في إطار الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب، ومساعدة المواطنين على اقتناء الأضاحي بأسعار مناسبة.

وفي هذا الإطار أعلنت السلطات عن تخصيص دعم مالي مباشر للمستوردين لتقليص كلفة الاستيراد، وتوفير رؤوس أغنام مستوردة بأسعار تراعي القدرة الشرائية للمواطنين، حيث حدد ثمن الرأس الواحد ما بين 4000 و4500 درهم، وهو السعر الذي وصفه عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، رشيد الطالبي العلمي، بـ«النتيجة المتوخاة»، بالنظر إلى السياق الوطني والدولي الصعب.

ويشير المنتقدون إلى أن دعم استيراد الأغنام حلّ طارئ لا يقدم حلولًا جذرية للمشاكل التي يعاني منها قطاع تربية الماشية في المغرب. ويعتمد هذا الدعم على استيراد الأغنام من الخارج، وهو ما قد يعزز الاعتماد على السوق الدولي ويزيد من ضعف القطاع المحلي. ناهيك عن أن استيراد الأغنام يمكن أن يتسبب في عدم تحفيز الإنتاج المحلي وزيادة ضعف السوق الداخلية إذا استمر الاعتماد على الواردات.

ورغم هذه التدابير لا تزال جمعيات حماية المستهلك تعبّر عن تخوفها من استمرار ارتفاع الأسعار، داعية إلى مراقبة سلاسل التوزيع، والتأكد من وصول الدعم إلى المستهلكين الحقيقيين وعدم استغلال الأزمة من قبل بعض الوسطاء لتحقيق أرباح غير مشروعة. من جهة أخرى يتوقع عدد من المراقبين أن تعرف الأسعار مزيداً من التذبذب في الأسابيع المقبلة، خصوصاً إذا استمرت الأزمة المناخية، وغياب الأمطار التي يحتاجها الفلاحون ومربو المواشي لإنقاذ ما تبقى من الموسم الفلاحي وبعد القرار الملكي بعدم إقامة شعيرة النحر خلال عيد الأضحى القادم.

ومن أبرز الانتقادات التي وُجهت لهذا القرار عدم استفادة المربين المحليين من الدعم بشكل كافٍ. إذ يرى المنتقدون أن دعم استيراد الأغنام كان ينبغي أن يكون موجهًا أيضًا نحو تحفيز المزارعين والمربين المحليين من خلال دعم تكاليف الإنتاج، مثل دعم الأعلاف أو تقديم قروض ميسرة لهم. في غياب ذلك، فإن المستوردين هم المستفيدون الوحيدون من هذا الدعم، بينما يعاني الفلاحون المغاربة من تدهور الظروف الإنتاجية. ورغم هذه التدابير عبّرت جمعيات مهنية ومنظمات لحماية المستهلك عن تخوفها من استمرار المضاربات واحتكار السوق من قبل بعض الوسطاء، داعية إلى تدخل عاجل من طرف السلطات الرقابية لضمان استفادة المواطن من الدعم بشكل غير مباشر وعدم ترك السوق في قبضة المضاربين.

ثلاثة أسئلة لمحمد زين الدين*:

 

«ملف دعم مستوردي الأغنام جرى استغلاله سياسيا في إطار تسخينات انتخابية»

 

1- ما قراءتك للجدل المثار حول دعم الحكومة لمستوردي الأغنام والأبقار؟

إن الملاحظ أن هناك توظيفا سياسيا متبادلا من لدن بعض أحزاب الأغلبية، وهو ما كان واضحا في التصريحات التي أدلى بها الأمين العام لحزب الاستقلال، السيد نزار بركة، والتي حملت انتقادات وإن لم تكن لقرار توزيع الدعم على مستوردي الأغنام، وإنما كانت موجهة للمستفيدين من هذا الدعم. وبدا من خلال التصريحات التي لحقت خرجة بركة، أن «الكل يتنصل من الكل»، غير أن الملاحظ في هذا السياق أيضا أن الحزب القائد للحكومة لم يكن لديه توجه للتهرب من المسؤولية، أو مواجهة الشركاء، وهو الأمر الذي بدا واضحا في خرجة راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، التي كانت تبريرية أكثر من كونها قد هاجمت طرفا سياسيا، سواء في الأغلبية أو المعارضة، كما أن خرجة مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، كانت منصبة على تقديم توضيحات، بناء على بلاغ وزارة الفلاحة والصيد البحري. ومن هنا فإن الحزب الحاكم توجه نحو محاولة التهدئة مع باقي مكونات الأغلبية، في الوقت الذي كان توجه الشركاء بأخذ عين الاعتبار الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفي الوقت الذي انصبت تصريحات وزراء ومسؤولي الأحرار حول تشخيص وتبرير هذه العملية، مرت مواقف الحزبين الشريكين نحو محاولة بيان أو كشف الخلل في هذه العملية، علما أن الحزبين شريكان في التدبير الحكومي، ومبدأ التضامن الحكومي يفرض وقوف الأحزاب الثلاثة في صف واحد.

من جانب آخر، كانت مواقف المعارضة ممثلة في حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، أكثر حدة في مواجهة الحكومة والحزب الحاكم بالتحديد، ففي الوقت الذي اعتبر حزب التقدم والاشتراكية هذه العملية تبديدا للمال العام، نجد أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذهب حد مطالبة الحكومة بالاستقالة، وهو ما يؤشر على استغلال سياسي من حزبي المعارضة لهذا الملف، ونحن على مشارف الاستحقاقات الانتخابية، والملاحظ في هذا الجانب أن هناك تضاربا للمعطيات والمعلومات بخصوص هذا الجانب، سواء من أحزاب الأغلبية أو المعارضة.

 

2- كيف أطر القانون اتخاذ الحكومة لإجراءات من قبيل دعم مستوردي الأغنام؟

أولا، يجب التأكيد أن القانون والمشرع منح الحكومة أحقية اتخاذ إجراءات، سواء ترى أنها استعجالية، أو أنها تحمل طبيعة إجرائية في إطار معالجة وضعية معينة، وهنا لا يمكن لوم الحكومة على اتخاذ إجراءات دعم استيراد الأغنام والأبقار، على اعتبار أن هذا الإجراء جاء بعد الوقوف على وضعية القطيع الوطني، الذي بات مهددا في ظل استمرار سنوات الجفاف ونقص التساقطات، غير أن النقاش الذي يفرض نفسه هنا، هو طريقة تنزيل هذا القرار ومواكبته من لدن الحكومة، والأهم في كل هذا آثاره على أرض الواقع بالنسبة إلى القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، وهنا مكمن الخلل ومحط الانتقادات التي توجه للحكومة، كما لا يجب إغفال أن المسؤولية ليست مسؤولية الحكومة لوحدها، بل أيضا مسؤولية البرلمان، الذي هو مطالب بتتبع هذا الإجراء وتقييم السياسات العمومية، وبالتالي فلا يمكن أن نستسيغ محاولة الحكومة التنصل بشكل كامل من المسؤولية، كما لا يمكن تجاوز الحديث عن مسؤولية البرلمان بمكوناته من الأغلبية والمعارضة، خصوصا إذا وقفنا على أن نتائج هذا الإجراء كانت صفرية، وما يجب أن يطرح بشكل أدق هو مراقبة ومحاسبة المستفيدين من هذه الامتيازات، وهذا الأمر مسؤولية الحكومة وليس مكونا سياسيا دون الآخر، انطلاقا كما أشرت سالفا من مبدأ التضامن الحكومي، زيادة على أن البرلمان ملزم بخلق آليات للتبع، وهنا نجد أنفسنا أمام مسؤولية البرلمان بمكوناته من الأغلبية والمعارضة.

 

3- كيف يمكن معالجة هذا الملف داخل البرلمان؟

لا يمكن الجزم بأن إجراءات معينة من قبيل تشكيل لجنة برلمانية للتقصي، كفيل بمعالجة هذا الموضوع على اعتبار أن اللجان البرلمانية لا تذهب بعيدا في عملها وتكتفي بإصدار تقرير، سيتم إحالته على البرلمان الذي يتكون بالأساس من أغلبية هي التي تقود الحكومة أيضا، وبالتالي فالأثر المباشر لهذا القرار لن يكون مجديا، مع الإشارة إلى أن هناك تغييرات هامة في الساحة السياسية في مقابل الضعف الحقيقي في الأحزاب، زيادة على ما ذكرت من كون هذه الأحزاب، سواء في الأغلبية أو المعارضة، لا تمتلك ناصية المعطيات والأرقام، حيث إنه من خلال التصريحات والمواقف ظهر أن هناك تضاربا في الأرقام لدى الفاعلين الحزبيين، إلى أن أصدرت وزارة الفلاحة بلاغا بهذا الخصوص، تضمن معطيات مغايرة عما تم ترويجه. وبالتالي بمكن القول إن الصراع السياسي في أفق الانتخابات المقبلة، ينبني على عدد من الأسس من بينها دقة المعطيات والأرقام، بعيدا عن الخطاب العاطفي.

 

*أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بالمحمدية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى