شوف تشوف

شوف تشوف

أنا وبعدي الطوفان

ما من شك في أن لليسار دورا مهما ما زال عليه القيام به في المشهد الحزبي المغربي، ولطالما رأى الناس في فيدرالية اليسار والاشتراكي الموحد قشة الخلاص التي ستنقذ اليسار من طفولته الأبدية التي لم يستطع تجاوزها في المغرب بسبب الذاتية والتضخم المفرط في الأنانيات ووهم الزعامة الذي شتت أقطاب اليسار.
لكن هذا الحلم تحول إلى كابوس مع زعيمة رأى فيها المناضلون وجزء من الإنتلجنسيا شخصا قادرا على نقل اليسار نحو النضج، فإذا بها تقوده رأسًا نحو شقاوة الطفولة ونزق المراهقة السياسية.
واليوم يشهد الحزب الاشتراكي الموحد غليانا غير مسبوق داخل صفوفه في الجهات وداخل قيادة الحزب في المجلس الوطني والمكتب السياسي بسبب التصرفات والخرجات غير المحسوبة لأمينته العامة نبيلة منيب والتي وصفها بعض القياديين والمنتسبين للحزب بالمسيئة للحزب ولمستقبله ولليسار بشكل عام، والتي تعمل بشعار أنا وبعدي الطوفان.
داخل الحزب يطالب عدد من القياديين بضرورة اتخاذ المكتب السياسي لقرارات مستعجلة للتبرؤ من تصريحات الأمينة العامة، سواء تلك التي تشتم فيها بعض أعضاء الحزب بأسلوب غير مقبول حتى في الشارع فالأحرى من طرف قيادية في حزب يساري، وكذا من تصريحاتها غير العلمية والشعبوية حول كوفيد واللقاحات والتي تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة قد تعرضها للمساءلة الجنائية وليس السياسية والعلمية والأخلاقية فحسب.
ويبدو أن هناك توجها نحو قيادة الحزب في ما تبقى من الولاية بمبدأ القيادة الجماعية وتعيين ناطق رسمي جديد أو ناطقة رسمية باسم الحزب، أو عقد مؤتمر الحزب من الآن رغم أنه لم يبق سوى أربعة أشهر على موعده القانوني ونهاية الولاية الثانية والأخيرة للأمينة العامة الحالية حسب قوانين الحزب.
وفي كواليس الحزب يتساءل كثيرون عن الأهداف الحقيقية من هذه المواقف والتصريحات المدمرة للحزب من طرف نبيلة منيب في وقت لم يتبق لها سوى أسابيع لكي تغادر المنصب. ويبدو أن هناك علاقة ما بين هذه التصرفات ورغبتها في خلق أزمة خطيرة داخل الحزب تسمح لها بالبقاء على رأسه ولو لمدة سنة لتكون متحكمة في دواليب الحزب أثناء الانتخابات ومحاولة الفوز بمقعد برلماني يحفظ لها حضورا في الحياة العامة، ولربما منصبا ما حسب انتظاراتها. وهو ما يفسر افتعالها للأزمات الواحدة تلو الأخرى مع باقي مكونات فيدرالية اليسار وتعطيل مشروع الاندماج، عندما تأكدت أنها غير مرغوب فيها من طرف باقي المكونات، بل حتى من طرف أعضاء حزبها. ولذلك تلجأ نبيلة منيب لافتعال الأزمات داخل حزبها لتعطيل المؤتمر المفروض عقده شهر يناير المقبل، فيما لاحظ أعضاء الحزب أن المكتب السياسي للحزب تحت رئاستها لم يتحدث بعد ولم يشرع في تحضير المؤتمر الذي يتطلب ستة أشهر من التحضير، وهو ما يؤكد رغبتها في البقاء على رأس الحزب لسنة أخرى ولو بطريقة غير قانونية بافتعال الأزمات التي من شأنها تشتيت الحزب ودفع مكوناته إلى سبل أخرى للعمل السياسي بعيدة عن نبيلة منيب.
لذلك فهناك دعوات من طرف بعض حكماء الحزب الاشتراكي الموحد للتحرك لإنقاذ الحزب وإنقاذ فيدرالية اليسار التي يحتاجها المشهد السياسي حتى لا يربط شخص نهايته بنهاية حزب بأكمله، بل بنهاية مشروع يساري حقيقي على أبواب الخروج إلى الوجود لولا الحسابات الضيقة لنبيلة منيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى