
يتساءل العديد من المغاربة عن سر اختفاء رؤساء الجهات وعمداء المدن، وأكثر من 1500 رئيس جماعة عن الأنظار، بعدما وضعت معركة الانتخابات أوزارها، وظفروا بالكعكة الانتخابية. لن نستبق الأحداث ونقول إن الآمال التي علقت على الانتخابات، تحولت إلى كابوس يطارد الناخبين في اليقظة، بعدما تبددت أصواتهم ونسبة مشاركتهم، وتحولت الوعود إلى كذب، فالأمر ما زال سابقا لأوانه، ونحن ما زلنا نعيش الشهور الأولى من ولاية تضم ست سنوات، لكن صراحة لا شيء يدعو إلى التفاؤل في البداية مع معظم الجماعات، باستثناء القليل منها الذي حظي بانتخاب شخصيات تفي بوعودها، مهما كلف الأمر.
لم يعد المغاربة قادرين على تحمل الكلفة المالية والاجتماعية لمنتخبين يغيب أثرهم تماما عن الساحة بعد الانتخابات، ويكتفون بالبقاء بمكاتبهم، ويتركون المواطن يتخبط في مشاكل تنموية بالجملة على المستوى الترابي، فما الجدوى من انتخاب أكثر من 31 ألف مستشار جماعي وإقليمي وجهوي، إذا لم يستطيعوا أن ينتشلوا جماعاتهم وجهاتهم من براثن الفقر والتهميش والإقصاء، واحتواء أبسط المظاهر المشينة من قمامات منتشرة في كل مكان، وظلام يفرض سطوته على كل الأزقة والشوارع؟
الجميع ما زال يعول على هاته الولاية الانتدابية، لكي تتحسن أوضاع الجماعات الترابية، وتتحول إلى مشتل حقيقي لتنزيل السياسات العمومية، خاصة في القطاعات التي لها صلة بيوميات المواطن، وتكريـس الفضاءات الترابية كنواة أساسية للامركزية، وتكوين النخـب المحلية، وتدبير خدمات القرب لفائـدة المواطنين، فلا يعقل أن يتابع المواطن مشاريع كبرى على المستوى المركزي، لكن لا يلمس أي أثر لها في جماعته، ثم أين تصرف أكثر من 3000 مليار سنتيم تتحصل عليها الجماعات الترابية كمداخيل عادية سنوية من دافعي الرسوم والضرائب المحلية، دون احتساب عشرات الملايير من الديون؟
لا بد لهذا العبث أن ينتهي، وتتحرك مؤسسات إنفاذ القانون، للضرب بقوة على أيدي المتاجرين بالصفقات وتفويضات الإمضاء، والسماسرة المتحكمين في قرارات الجماعات التي تلد ذهبا، فكم من مستشار ورئيس جماعة دخلوا المجالس المنتخبة عراة حفاة وخرجوا يتطاولون في البنيان، ويتسابقون في اقتناء أفخم السيارات. لا يمكن أن يستمر هذا الوضع، حيث تنهار الوضعية الاجتماعية للمواطن، بينما تتحسن بسرعة الصوت وضعية منتخبيه، هناك إذن شيء ليس على ما يرام، والخوف أن نضيع فرصة أخرى عمرها ست سنوات، قد لا يتحمل بلدنا كلفتها في ما بعد.





