شوف تشوف

الرأيالرئيسيةثقافة وفن

الاجتماعي يقود الإخباري

صفية الشحي

 

يسجل المشهد الإعلامي تطورا ملحوظا، من خلال مشاركة منصات التواصل الاجتماعي في بناء التوجهات العامة نحو القضايا المختلفة، في حين أن الشبكات التقليدية تشهد تراجعا ملحوظا، يرافقه انخفاض في نسبة الاهتمام بالأخبار تصل إلى 48 في المائة فقط، وذلك حسب تقرير الأخبار الرقمية  الصادر عن «رويترز» في يونيو 2023، الذي أثبت أنه رغم ارتفاع مستويات القلق حيال تلاعب الخوارزميات في خياراتنا الإخبارية، وتضررنا بشكل غير مسبوق بالأخبار المزيفة والمعلومات المغلوطة المتدفقة من المنصات الاجتماعية المختلفة، إلا أن اعتمادنا على هؤلاء الوسطاء، يستمر في النمو. فما هي حقيقة هذا التوجه؟ وما هي أسبابه؟

تظهر البيانات المجموعة من 93 ألف مستهلك للأخبار الرقمية في 46 سوقا إعلاميا من ست قارات، أن هذا التحول الذي سرعته بعض النكبات، مثل فيروس «كوفيد- 19» ، وحرب أوكرانيا، يتأثر بعوامل أساسية منها: تفضيلات الأجيال الجديدة الناشئة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث لا تتجاوز نسبة الأشخاص الذين يفضلون المواقع الإخبارية كمصدر للأخبار الـ22 في المائة، بينما تولي النسبة الأكبر الاهتمام بالمؤثرين والمشاهير أكثر من صناع الأخبار والصحفيين، كذلك تشير التقارير إلى عامل ثان يتمثل في تزايد الانتقادات الموجهة إلى وسائل الإعلام الإخبارية، إضافة إلى الانقسامات التي تعانيها المؤسسات نفسها، ما يضاعف التحديات أمام تقديم رسائل إخبارية قادرة على خدمة الجماهير وصناعة التغيير المنشود، إضافة إلى عامل أخير وهو ضعف مشاركة الجمهور وثقته، حيث يقول 4 من كل عشرة أشخاص فقط، إنهم يثقون بالوسائل الإخبارية، كما أن نسبة كبيرة من المستهلكين باتت تفضل الاعتماد على شبكات «إنستغرام»، و«تيك توك» و«سناب شات» كمنصات إخبارية أولى بزيادة 30 في المائة عن السنوات السابقة، بينما يسجل «فيسبوك» و«تويتر» تراجعا ملحوظا.

على المدى البعيد تشير التفاصيل المذكورة في هذا التقرير إلى أن التحولات في سلوك الجماهير نحو الصناعة الإخبارية، مدفوعة بشكل كبير بتفضيلات التركيبة السكانية الأصغر سنا، والتي من المرجح أن تحدث تأثيرا حتى في طريقة طرح المواد الإخبارية وتنسيقاتها المرئية والصوتية، والتي ستتحول إلى جزء مهم من العملية خلال السنوات القادمة. كما أن القوة الاقتصادية ذات الأبعاد السياسية التي تمثلها هذه الشبكات، قد تسهم في إعادة تشكيل الكثير من التوجهات العامة، بسبب تفوقها على الوسائل الإعلامية الإخبارية المتخصصة، من حيث سهولة التناول والانتشار والتفاعلية العالية، مع تأكيد فكرة أن الناس لم يعودوا يبحثون عن المزيد من الأخبار، بل عن الأخبار ذات الصلة باهتماماتهم الشخصية والتحول إلى الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تواجهنا اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى