محمد اليوبي
أحال الوكيل العام للملك، لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ملف اختلالات جماعة “أحد كورت” بإقليم سيدي قاسم، على الفرقة الوطنية للدرك الملكي، من أجل إجراء الأبحاث والتحريات بخصوص الاتهامات الواردة في شكاية وضعتها الرئيسة الحالية للمجلس، عائشة النهري، ضد الرئيس السابق، مصطفى الغزوي، الذي يعتبر أقدم برلماني بالإقليم لمدة ست ولايات تشريعية.
وتقدمت رئيسة المجلس، المنتمية لحزب الأصالة والمعاصرة، بشكاية إلى النيابة العامة المختصة في جرائم الأموال ضد الغزوي الذي شغل منصب رئيس المجلس الجماعي، خلال الولايتين السابقتين بين سنتي 2011 و2016، وسنتي 2016 و2021، وذلك بناء على اختلالات وخروقات رصدها تقرير المجلس الجهوي للحسابات بجهة الرباط سلا القنيطرة يتعلق بمراقبة تسيير جماعة “أحد كورت” بإقليم سيدي قاسم، والصادر في شهر مارس 2021، والذي شمل، على الخصوص، الفترة الممتدة من سنة 2013 إلى سنة 2019.
وأكدت الشكاية أن هذه الاختلالات الواردة في تقرير المجلس تشكل “جريمة تبديد واختلاس أموال عمومية”، وأوضحت أن التقرير خلص إلى وجود نقائص تشوب إعداد برنامج عمل الجماعة الذي قسم إلى أربعة قطاعات بتكلفة إجمالية قدرها 150 مليون درهم، شکلت مساهمة الجماعة فيها مبلغ 23 مليون درهم، بالإضافة إلى قطعة أرضية، غير أنه لم يحدد أهداف كل مشروع ومؤشرات النجاعة وفق ما ينص عليه القانون، فضلا عن تعثر إنجاز جل المشاريع، إذ لم يتم إنجاز سوى خمسة مشاريع من أصل 25 مشروعا.
ورصد التقرير عدم تفعيل لجان المجلس، خلافا لما تنص عليه المادة 28 من القانون التنظيمي للجماعات 113.14، وعدم شمولية المعلومات المقيدة في سجل جرد المنقولات، وعدم القيام بعمليات الجرد الدورية، بالإضافة إلى عدم التوفر على مخزن وعدم مسك السجل المتعلق به.
وعلى مستوى تدبير مداخيل الجماعة، خلص التقرير إلى تسجيل مجموعة من الخروقات، على رأسها الاحتفاظ بمبالغ مالية مهمة ولمدة طويلة قبل دفعها للمحاسب المعني، وكذلك إثبات المداخيل الجبائية للجماعة أقل بكثير من الإمكانات الحقيقية، بالإضافة إلى تسجيل اختلالات على مستوى فرض الرسم على محلات بيع المشروبات على كل مستغلي المقاهي المتواجدة بالجماعة، واختلالات على مستوى عملية استخلاص الرسوم المفروضة على المحلات المعنية.
وسجل التقرير عدم تطبيق الرسم المترتب على إتلاف الطرق، واختلالات تدبير الرسم على المحجز، واختلالات تخص استخلاص أكرية المحلات التجارية والبنايات المعدة للسكنى، واختلالات تخص تحديد الكلفة التوقعية والبنود التعاقدية لكراء السوق الأسبوعي.
أما على مستوى تدبير النفقات والطلبيات العمومية، فخلص التقرير إلى تسجيل مجموعة من الخروقات، من بينها عدم احترام مسطرة نشر البرنامج التوقعي للصفقات، وتسجيل خروقات على مستوى تحديد معايير تقييم العروض خاصة بالصفقات رقم 2013/12، ورقم 2013/13، ورقم 2015/03، ورقم 2016/02، فضلا عن عدم اللجوء إلى مسطرة الاستفسار عند وجود أثمنة أحادية مرتفعة أو منخفضة بطريقة غير عادية، خاصة الصفقتين رقم 2015/04 ورقم 2017/04، وعدم مسك السجلات الخاصة بالصفقات العمومية، عدم تقييم الصفقات العمومية ذات الأهمية المالية، وخروقات تتعلق بإنجاز الاختبارات المنصوص عليها في دفتر التحملات.
وتطرقت الشكاية إلى خروقات شابت الإشهاد على تسلم أشغال الصفقات قبل إتمام الأشغال، وقبل إنجاز الاختبارات، خاصة الصفقتين رقم 2013/12 ورقم 2013/13، بالإضافة إلى تسجيل خروقات في التعامل مع بعض الشركات في إطار سندات الطلب خارج المساطر القانونية، وإبرام سندات طلب وهمية والتعامل مع شركات تم التشطيب عليه من السجل التجاري، حسب وثائق نشرها تقرير المجلس الجهوي للحسابات.
ورصد قضاة المجلس اختلالات وخروقات في تدبير النفقات، حيث أبرمت الجماعة 19 صفقة خلال الفترة ما بين سنتي 2013 و2018، حيث اعتمدت الجماعة في أنظمة الاستشارة لجل الصفقات على العرض الأقل ثمنا مقياسا وحيدا في تقييم عروض المتنافسين، وذلك دون اعتبار لما يتطلبه كل مشروع على حدة من كفاءات تقنية ووسائل مادية للحصول على الجودة. وأشار تقرير المجلس إلى عدة اختلالات شابت الصفقتين رقم 13/2013 المتعلقة بتشييد الطرق الحضرية ورقم 12/2013 المتعلقة بتشييد المسالك القروية، وكذلك الصفقتين 03/2015 المتعلقة ببناء قنوات التطهير و02/2016 المتعلقة بالتشجير على الطريق العمومية، حيث لم تتم الإشارة إلى المعايير التقنية الواجب توفرها في المتنافسين على الصفقة.
وسجل تقرير المجلس وجود خروقات في سندات الطلب التي فوتها الرئيس السابق للمجلس، ولاحظ قضاة المجلس الجهوي للحسابات، من خلال تفحص عينة من سندات الطلب المتعلقة بسنتي 2016 و2017، أن الجماعة تتعامل بشكل مكثف مع الممون نفسه الذي يملك شركة يوجد مقرها بمدينة وزان، حيث استفادت هذه الشركة من 44 في المائة من سندات الطلب المبرمة مع الجماعة، خلال السنتين المذكورتين، والذي يعادل 41 في المائة من النفقات المؤداة خلال الفترة نفسها، وتبين أن “ف.ج”، المدير العام للشركة، يملك شركات أخرى تتعامل معها الجماعة، كما أن الشركات التي تتم استشارتها لتقديم بيانات الأثمان المنافسة للشركة المحظوظة، لا تتغير، مما يشهد على غياب اللجوء إلى منافسة حقيقية لاختيار المتنافسين، خاصة في غياب رسائل الاستشارة.
ولوحظ، من خلال تفحص الوثائق الخاصة بالمتنافسين الذين يتم اللجوء إليهم لاقتراح بيانات الأثمان، أن إحدى الشركات تم التشطيب عليها، مما يدل على عدم مصداقية الاستشارات التي تقوم بها الجماعة، والأخطر من ذلك، فقد عقدت الجماعة سندات طلب مع ممون تم التشطيب عليه من السجل التجاري، مما يدل على عدم مصداقية النفقات التي تم القيام بها، حسب تعبير التقرير.
ووقف تقرير المجلس، كذلك، على خروقات تتعلق بمنح الدعم المخصصة للجمعيات دون تحديد معايير موضوعية للاستفادة، وعدم تتبع صرف المنح المقدمة للجمعيات المستفيدة، وتسليم مبالغ مالية لبعض الجمعيات بعينها في غياب اتفاقيات أو عقود شراكة. وتحدثت الشكاية عن وجود خروقات على مستوى استفادة مؤسسة أحد كورت للثقافة والتنمية من مبالغ كبيرة لتنظيم مهرجان أحد كورت، واستفادة جمعيات من دعم الجماعة رغم حالة التنافي وعدم التحقق من وضعيتها القانونية.