حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرفسحة الصيف

النبوات في التاريخ… هل يمكن اعتبار التاريخ مصدرا موثوقا للمعرفة؟

النبوات بين علوم التاريخ والأنثروبولوجيا والأركيولوجيا

نقديم عام

 

 سؤال مفصلي: لماذا بعث الأنبياء في التاريخ؟ ولماذا قال بشر إن خلف مظاهر الوجود عقل وحكمة ورحمة وتدبير وقدرة لا نهائية هو الله رب العالمين، وإن هذا الرب اتصل بهم فأوحى لهم بالحكمة في تبليغ البشر رسالة مقننة في أخلاقيات وتشريعات؟ والسؤال مضاعف هل من حاجة إليهم؟ وهل حدث فعلا هذا الشيء العجيب الغريب؟ ألا يمكن للبشر أن يعيشوا بدون دين ورسل؟ سؤال لا يناقشه المؤمنون، وينكره الملحدون، ويقف أمامه العلم والفلسفة بدون تفسير..

في فسحة الصيف هذه، وعلى صفحات جريدة «الأخبار»، سوف نحاول الإجابة عن هذا السؤال، الذي اختلف حوله البشر وتنازعوا؛ بل وانفجرت من خلفه الحروب وما زالت، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد.       

 

 

النبوات بين علوم التاريخ والأنثروبولوجيا والأركيولوجيا

 

بقلم: الدكتور خالص جلبي

 

ظاهرة النبوات في التاريخ واضحة ومكررة، ومنه قال نبي الرحمة (ص): ما كنت بدعا من الرسل. مع هذا فقد أنكر هذه الظاهرة الكثيرون، وقالوا كما قال القرآن في وجه المنكرين (إيتوني بكتاب أو أثارة من علم إن كنتم صادقين). وهناك من قال تتحدثون عن موسى في مصر فهل جاء ذكره في نحت مسلة؟ أو خلد ذكره في الأهرامات؟ أو نحتت صورته في الأقصر مع مخلفات الفراعنة، وهنا نحن أمام ثلاث معضلات، أولها معرفة التاريخ؟ وهل يمكن اعتبار التاريخ مصدرا موثوقا للمعرفة؟ ثم متى بدأ التاريخ في عمر الأرض؟ وهو كما نرى أبحاثا شيقة للغوص فيها؟   

 يعتبر التاريخ قصير العمر نسبيا، مقارنة بوجود الإنسان على وجه الأرض، حسب ما كشفت عنه البحوث الأنثروبولوجية، فإذا كان عمر الأرض حسب تقنية الأرغون ـ البوتاسيوم قدر بــ[4,6] ملايير سنة (1)، فإن رحلة الخلايا الأولى بدأت بعد ذلك

بثمانمائة مليون سنة، أما بدايات الحياة للكائنات عديدة الخلايا، حسبما وصل إليه علم (الباليونتولوجيا)(PALEONTOLOGY) الحديث، بكشوفاته الأخيرة في الصين؛ فقد جرى تحديدها في ما يشبه (الانفجار العظيم) ليس من النوع الكوني، بل الحيوي  BIOLOGICAL   BIG-BANG   THEORY ))  على شكل (انفجار عظيم بيولوجي)، حيث ظهرت في وقت متقارب معظم الكائنات الحية المنتسبة للحياة الحالية، قبل [530] (خمسمائة وثلاثين مليون سنة)، في حين أن بدايات الإنسان التي وصل إليها العالم الأنثروبولوجي (تيم وايت) في الأرض الجافة في الحبشة، قفز فيها الرقم حاليا إلى 4,6 ملايين سنة، حينما كشف عن هيكل (أرديبيثيكوس ـ راميدوس)( ARDIPETHICUS —  RAMIDUS) ويتوقع أن يمسك قريبا بالجذور الأولى لبدايات الإنسان، ويتوقع أن تكون في حدود خمسة إلى سبعة ملايين من السنين، أما الثورة الزراعية فهي قريبة العهد نسبيا، فلم تدشن سوى قبل تسعة آلاف سنة، في حين أن انتشار الإنسان الحالي من شرق إفريقيا ليعمر الأرض قد بدأت قبل حوالي مائتي ألف سنة، فاستقر في الشرق الأوسط قبل 65 ألف سنة، وانتشر في أوروبا قبل 30 ألف سنة، وعبر مضيق بهرنك بين آسيا وآلاسكا ليستقر في الأمريكيتين قبل 12 ألف سنة، قبل أن تصل إليهم يد الإسبان بالإبادة الجماعية، أما بدايات بزوغ الحضارات فكأنها البارحة، حيث أشرقت شمسها من انطلاقة الإنسان من العصر الحجري، قبل 6000 سنة ليدشن عصر الحضارة، التي تميزت بأربعة فتوحات عجلت بتسريع نظم الحضارة، بتملك أدوات تطويرها: باختراع الكتابة، وتدشين التجارة، وتأسيس البيوت والسكن، واكتشاف المعادن وصقل الأدوات، بتفاعل اليد مع الدماغ المتطور؛ فالحضارة تصور وعقلانية في الدماغ، وإبداع تقني من اليدين. أو هي تفاعل الإنسان مع التراب والوقت، حسب مصطلحات المفكر بن نبي.

 

التاريخ المكتوب ـ وغير المكتوب ـ وعلم الأنثروبولوجيا

التاريخ الإنساني المكتوب الذي بدأ مع اختراع الكتابة، التي بدأت قبل حوالي خمسة آلاف سنة، إذاً قريب العهد، صغير السن، تافه المحتوى، مضطرب النصوص، تحفل كتاباته المنقولة بالكثير من أهواء الإنسان وكوارثه؛ فالنصوص التي نقلت لنا أشبه بسجلات الشرطة عن ملهاة الملوك الكبرى: الحروب؛ فكما كانوا يتسلون بالصيد وقتل الحيوان، فإن الحروب كانت منظرا مثيرا لهم، وهم يتأملون عمليات الذبح الجماعية بين أيديهم من العبيد، التي تتقاتل وتسفك دماءها تحت الأوامر الموجهة لقتل بعضهم بعضا. كانت وما زالت حتى يتم استبدال قانون (نفذ ثم اعترض)، بقانون (لا طاعة لمخلوق بمعصية الخالق)، وبتحويل الإنسان من (آلة) إلى (إرادة). وهكذا فإن (دارا) الملك الفارسي، خلد لنا على الصخر انتصاراته وفتوحاته ومجازره بكثير من الفخر والاعتزاز، ولكننا بالكاد نشم رائحة الإنسان الفعلية. من عطر النبوة، أو إشعاع القديسين والفلاسفة والمفكرين. لكنها مع ذلك هي النصوص التي أعطتنا فكرة عن بدايات التاريخ، وكيف عاش الإنسان، والوضع الاقتصادي، وتركيبة المجتمع السكانية والطبقية، والدين وتأثيره، وعقيدة اليوم الآخر، التي تجلت بأعظم زخمها في الحضارة الفرعونية، التي كانت خلف البناء العملاق للأهرامات، والنظام الأخلاقي والسياسي، وعلى أي نحو كان يفكر الناس، وهذه الفكرة تفتح النافذة لفكرة التقدم في التاريخ، فبدايات التشريعات مثل حمورابي ألقت الضوء على الوضع التشريعي قبل آلاف السنوات، وبمقارنته مع وضع الإنسان الحالي يمكن الإمساك بفكرة التقدم في التاريخ، والتقدم المعني به هنا التقدم الإنساني وليس التكنولوجي، فالتقدم التكنولوجي حاصل أكيد، ولكن المشكلة التي تثار هي في التقدم الإنساني، حتى أن هناك من يعتقد بأن نظام العبودية ساري المفعول مع تغير الاسم لا أكثر، وهذا يحتاج إلى بحث تفصيلي منفرد؛ هل التقدم حقيقي في التاريخ.

 

 

 

 

مراجع وهوامش: (1) يمكن في الوقت الراهن تحديد عمر أي مادة تقع تحت اليد، بما فيها عظام الإنسان والأهرامات وبقايا الجلد والكتب، بموجب تقنيتين مختلفتين: الأولى هي الكربون 14، حيث يمكن تحديد العمر حتى ستين ألف سنة، وأما تقنية (الأرغون ـ البوتاسيوم) فهي تمد في التقدير إلى رقم خرافي يصل إلى مليارات السنوات، وفي إحدى الجلسات مع بعض الشباب سألني أحدهم بطريقة لا تخلو من السخرية، عن هذه القصص الغريبة التي أرويها من تطوير السلاح النووي وعمر الأرض وكشوفات الأنثروبولوجيا الحديثة، وكيف يمكن توثيق مثل هذه الأخبار؟ مما يدل على مدى شرود عقلية الإنسان المسلم في الوقت الراهن وأنه خارج التاريخ والجغرافيا واللعبة الكونية التاريخية بالكامل! ففي الوقت الذي تعمل فيه مؤسسات في إنجاز هذه الأخبار وتقديمها إلى الرأي العالمي، نحن لا نعرف ماذا يتم في مثل هذه المختبرات، في شهادة معلنة مضمرة على محنة ثقافة الإنسان العربي، وأعود للكربون والبوتاسيوم، فهذه المادة توجد على شكل طبيعي وآخر يشبهه ويطلق عليه (النظير) وهناك عملية تحول من شكل لآخر حسب جدول زمني، ويصدق نفس الكلام على تحول البوتاسيوم إلى مادة الأرغون، بفارق أن الكربون يبقى ضمن نفس فصيلة المادة، في حين أن التحول الآخر يقلب المادة برمتها إلى مادة مختلفة، كما أن الزمن يبقى في مجال الكربون ونظيره في حدود عشرات الآلاف من السنوات، أما التحول الآخر فيتطاول في الزمن كما ذكرنا إلى مليارات السنوات، وبهذه الطريقة لم يبق على العلماء سوى وضع يدهم على أي مادة، وإرسالها إلى المخبر للتأكد من كمية المواد الموجودة فيها من كربون وبوتاسيوم وأرغون، وبمقارنة هذه النسب إلى بعضها، ومدى التحول فيها، يعرف عمر المادة ومنذ متى وجدت، واليوم يجري تحديد عمر الأهرام على هذه الطريقة، فكل ما كتبه كهنة آمون القدماء، لن يكون بنفس الدقة التي سيميط عنها اللثام مخبر نظير الكربون السويسري مثلا.

 

نافذة:

يعتبر التاريخ قصير العمر نسبيا مقارنة بوجود الإنسان على وجه الأرض حسب ما كشفت عنه البحوث الأنثروبولوجية فإذا كان عمر الأرض حسب تقنية الأرغون ـ البوتاسيوم قدر بــ[4,6] ملايير سنة فإن رحلة الخلايا الأولى بدأت بعد ذلك بثمانمائة مليون سنة

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى