شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تآكل النية والثقة

 

أدخلتنا احتجاجات الأساتذة وشلل المدارس حقبة من الزمن تكتنفها غيوم الشك والتساؤل بشأن مصير الموسم الدراسي، وإذا كانت الأزمات القطاعية بسبب مطلب تحسين الوضعية أمرا عاديا، فإن أزمة التعليم أكدت لنا حقيقة مهمة تكمن في تآكل الثقة بين الأطراف الفاعلة في العملية التعليمية، هذه خلاصة تبدو اليوم ظاهرة واضحة، وهي من العمق والخطورة بما كان.

والحقيقة أننا نحن في هاته الورطة الاجتماعية، التي بدأت تتخذ أبعادًا سياسية، أمام مشكلة ثقة مركبة، فمن جهة هناك توسع في فجوة عدم الثقة السياسية بين تنسيقيات الأساتذة والحكومة، وهناك من جهة أخرى عدم ثقة بين النقابات والحكومة، ومن جهة ثالثة هناك تخوفات بين النقابات والتنسيقيات التي تتنافس على نفس الزبناء.

وإذا كانت عدة قضايا مطلبية بالوظيفة العمومية قد مرت بأحداث مفصلية، وكان مؤشر عدم الثقة ينخفض فيها حسب المعطيات السياسية، فإن المؤشر هذه المرة وصل إلى الحضيض في ملف التعليم، مما جعل الوصول إلى حل أمرا صعبا للغاية ويحتاج للكثير من المشقة والصبر والكلفة الاجتماعية التي سيؤدي ثمنها غاليا التلاميذ وأهاليهم.

إننا اليوم أمام تحد أكبر من تحدي النظام الأساسي والزيادة في الأجور، هو تحدي رصيد الثقة بين الحكومة والأساتذة. فإذا لم تحضر قيم الثقة والنية التي تباهينا بها خلال المونديال وجعلناها قيما مرجعية فلن يستعيد التعليم عافيته وسيضيع الحاضر بعد أن بتنا على وشك تضييع المستقبل.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يحجم مَن يتحملون المسؤولية اليوم أو مَن يعتبرون أنفسهم اليوم مُمَثلين عن الشعب ومختلف المؤسسات والهيآت الدستورية عن لعب دور الوساطة وصناعة حالة من الثقة بين الفاعلين؟ لماذا اختارت الوساطات المدنية والبرلمانية والدستورية موقع المتفرج في قتال الثيران في انتظار من سيسقط بالضربة القاتلة؟

نحن اليوم في مثل هذه الحالة العصيبة نحتاج إلى وسطاء حكماء ونزهاء ومتجردين في محاولة استعادة الثقة بين التنسيقيات والوزارة والنقابات، باعتبار ذلك أفضل طريق لتصحيح الاختلالات وسوء التقدير والتدبير الذي وقع في هذا الملف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى