الرئيسية

تحالف نواب «البام» و«البيجيدي» لإسقاط ميزانية السلطة القضائية

محمد اليوبي

بعد تبادل الاتهامات بـ«الاغتيال» خلال الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة أمام مجلس النواب، شهدت لجنة العدل والتشريع بالمجلس نفسه، في اجتماعها المنعقد أول أمس الأربعاء، تحالفا «غريبا» بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، لإسقاط ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، ما دفع بوزير العدل، محمد أوجار، إلى تأجيل تقديمها إلى وقت لاحق.

ووجد أوجار نفسه في موقف حرج، بعد انقلاب نواب من الأغلبية عليه وتحالفهم مع نواب المعارضة، إثر مطالبتهم بحضور رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مصطفى فارس، ورئيس جهاز النيابة العامة، محمد عبد النباوي، إلى البرلمان، لتقديم حصيلة وميزانية المجلس، بدلا عن وزير العدل، ولوحوا بإسقاط هذه الميزانية في حال عدم حضورهما إلى اللجنة، بدعوى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومعه النيابة العامة، أرسل تقريرا عن أنشطته دون حضور رئيسه إلى البرلمان لتقديم ميزانيته تحت إشراف السلطة الحكومية ممثلة في وزير العدل.

واعتبر عبد اللطيف وهبي، عضو اللجنة عن فريق الأصالة والمعاصرة، عدم حضور رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة إلى البرلمان، بأنه «احتقار للمؤسسة التشريعية»، وقال «إن الاستقلالية التي منحت للسلطة القضائية بدأت تتغول أكثر»، وأضاف «هل رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية سوبيرمان حتى لا يأتي للبرلمان ليقدم ميزانية مؤسسته»، وتساءل «كيف يحضر رؤساء بعض المؤسسات للبرلمان لتقديم ميزانياتهم الفرعية، رغم أننا لا نحاسبهم، مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الأعلى للحسابات، وفي المقابل يرفض رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية المثول أمام النواب لتقديم ميزانيته»، وأوضح أن «القانون يشير إلى أن ميزانية النيابة العامة تدرج ضمن ميزانية الدولة، لكن لما نتفحص مشروع ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية لا نجد أي إشارة إلى ميزانية النيابة العامة».

وحظي تدخل وهبي بدعم ومساندة قوية من نواب فريق حزب العدالة والتنمية، الذين انقلبوا على وزير العدل، باعتباره ممثل الحكومة التي يقودها حزبهم، وذلك من خلال احتجاجهم على عدم حضور رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث طالبت بثينة القروري، عضو اللجنة عن الحزب الحاكم، وزوجة القيادي بالحزب نفسه، عبد العالي حامي الدين، بضرورة حضور رئيس المجلس ومعه رئيس النيابة العامة، لتقديم ميزانيته الفرعية، وأعلنت عن موقف حزبها الرافض لتقديم وزير العدل لهذه الميزانية، باعتبار أن «السلطة القضائية جهاز مستقل عن الحكومة من الناحية القانونية»، كما عبرت عن رفض فريقها البرلماني أن «تبقى ميزانية النيابة العامة غامضة ما دامت جهازا مستقلا»، وطالبت بأن تكون ميزانية هذا الجهاز واضحة ضمن ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

واكتفى أوجار بتقديم الميزانية الفرعية لوزارة العدل، وقال إن الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية الذي تحقق خلال سنة 2017، ونقل سلطات وزير العدل المرتبطة بالإشراف على عمل النيابة العامة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، جعل المغرب يدخل غمار تجربة جديدة في مجال العدالة، حيث إن تدبير هذا القطاع أصبح شأنا تتقاسمه السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، إلى جانب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وفق هندسة تشاركية تنسيقية قائمة على التنسيق والتعاون والتفاهم البناء، كل في حدود اختصاصاته، وبما لا يمس باستقلال السلطة القضائية ويضمن توازن السلط وتعاونها، طبقا للفصل الأول من الدستور.

وكان محمد عبد النباوي قد حسم الجدل بخصوص قانونية ودستورية مثوله أمام البرلمان، لمساءلته حول تنفيذ السياسة الجنائية، بعد استدعائه من طرف فريق العدالة والتنمية، عندما أكد أثناء تقديمه لأول تقرير سنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية وتطوير أداء النيابة العامة برسم سنة 2017، أن استقلال النيابة العامة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية أصبح أمرا دستوريا وقانونيا، زكاه قرار المجلس الدستوري رقم 16/991 الصادر بتاريخ 15 مارس 2016، بخصوص التقرير الذي يرفعه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث إن الدستور لم يشترط عرض الوكيل العام للملك لتقريره أمام اللجنتين المكلفتين بالتشريع بمجلسي البرلمان. وبمفهوم المخالفة، فإن قيام رئيس النيابة العامة بتقديم التقرير أو حضوره لمناقشته أمام لجنتي البرلمان مخالف للدستور لأنه يمس بالاستقلالية، كما أكد المجلس الدستوري على أهمية مناقشة البرلمان تقرير رئيس النيابة العامة، باعتباره تقريرا يهم الشأن القضائي، مع إمكانية الأخذ بما ورد فيه من توصيات، في مراعاة لمبدأ فصل السلط، والاحترام الواجب للسلطة القضائية المستقلة.

ويستفاد من قرار المحكمة الدستورية، حسب التقرير، أن استقلال النيابة العامة لا يعني إفلاتها من المراقبة والمحاسبة، ذلك أنها تخضع لمراقبة القضاء بالنسبة للقرارات التي تتخذها، وكذا مراقبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي تقدم له تقارير دورية بشأن تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة. وأضاف قرار المحكمة الدستورية، أن رئيس النيابة العامة يظل مسؤولا عن كيفية تنفيذه للسياسة الجنائية، وذلك أساسا أمام السلطة التي عينته والمتمثلة في رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو الملك محمد السادس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى