شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

حزيران الملعون

 

مقالات ذات صلة

 

حسن البصري

 

كلما حل شهر حزيران (يونيو)، يخرج المتلاعبون من جحورهم لتفويت نتائج الاختبارات والمباريات وقصف قيم التنافس الشريف.

في شهر حزيران، تستغرب الأرض من الراكضين فوقها.. وعن هذا الشهر كتب الشاعر نزار قباني «هوامش على دفتر النكسة»، وشخص حقيقة أمة وجدت نفسها فجأة تستيقظ على فاجعة هزيمتها المذلة، وهي التي نامت على أغاني النصر وهدير إذاعة «صوت العرب».

في شهر يونيو، تظهر أعراض النكبة والهزيمة، وينتعش المتلاعبون في جلساتهم الليلية ويفتخرون بفتوحاتهم الغبية.

في يونيو، تنشط لجن الأخلاقيات فتستعيد مواقعها في جلسات الحكم، وينفض كتاب البلاغات الغبار عن أقلامهم، ويصدرون بيانات الإدانة والاستغفار.

في ملاعب الكرة، سيناريوهات عديدة لتلاعب مفضوح بنتائج المباريات، حين فتح حراس المرمى شباكهم أمام من يدفع أكثر واستباحوا فض بكارة فرق ظلت على امتداد الموسم تتغنى بالشرف.

في القنيطرة، انفجرت عبوة الفضيحة، فافتقدت المباريات فرامل التنافس، حيث شهدت ملاعب الغرب رواجا تجاريا عرضت فيه ذمم فرق للبيع. أبان المتلاعبون عن سخاء كبير وهم يرفعون حصص الهزيمة إلى ما فوق العشرين هدفا. وحين اكتشفوا أن العرض يتجاوز الطلب، مسحوا القضية في حارس سخي وحكم جف ريقه فعجز عن الصفير وجمهور يردد في المدرجات «سير سير».

قبل أن تنتشر الفضيحة، حكمت لجنة التأديب غيابيا بمعاقبة المتلاعبين، ومنعتهم من لعب الكرة سرا وعلانية، ومصادرة صفارات الحكام المنفلتة، ثم طوي الملف حتى لا يتحول إلى «سيت كوم».

في شهر يونيو، «يتسوق» المرشحون لاجتياز شهادة الباكلوريا من تجار الغش في الامتحان، يقتنون بضاعة الخذلان ويربطون الاتصال ببائع «أجوبة» له سوابق في الاتجار في حلول الامتحانات.

يقال والعهدة على تلميذ، تسكنه الهجرة السرية، إن أغلب زملائه يؤمنون بأن «الصاك» قبل «الباك» فيتخلصون من محفظة المدرسة ويتأبطون حقيبة السفر، حتى الذين اقتيدوا طوعا أو كراهية نحو قاعات الامتحان تعوزهم الرغبة والعزيمة لأنهم يعانون من ضعف التنافسية الدراسية.

لتجاوز هذا المأزق، لم يجد بعض التلاميذ حرجا في الاعتماد على مهاراتهم في الغش، ومنهم من ضبط في عملية «نقل» واضحة وتم تحرير محضر غش عرض على اللجنة التأديبية للامتحانات المدرسية، ومنهم من انسحب بداعي الإصابة. لحسن الحظ أن تقنية «الفار» لم تدخل بعد قاعات الامتحانات وإلا لعشنا مشاهد أخرى تطيح برؤوس العديد من التلاميذ وتغير ملامح هذه المسابقة الفكرية.

في يونيو الماضي، سجلت بلاغات وزارة التعليم أن تفعيل إجراءات زجر الغش أدى إلى ضبط 1107 حالات غش، في ربوع المملكة، وهو لمكر الصدف يعادل عدد حالات الغش في ملاعب الكرة، حسب بلاغات الجامعة.

ولأن يونيو شهر امتحانات الكفاءة المهنية، فإن الغش يسكنها والمحاباة عنوانها، على غرار ما يعيشه التلاميذ وهم يجتازون مباريات الالتحاق بالمعاهد العليا.

حين كان شكيب بنموسى سفيرا للمغرب في فرنسا، وقع المغرب على اتفاقية تتعلق بالتلاعب بالمسابقات الرياضية المعروفة باسم «اتفاقية ماكولين»، والتي تعد آلية قانونية دولية غايتها منع وكشف ومعاقبة التلاعب بالمسابقات الرياضية، وتعزيز التعاون بين الهيئات العمومية المعنية والمنظمات الرياضية والفاعلين في مجال الرهانات الرياضية.

ناب السفير عن مسؤولي الرياضة المغربية، في تعهد تاريخي بنظافة الذمة في الملاعب، لم يكن يعلم أنه سيصبح يوما وزيرا للرياضة وسيعرف أن اللاعبين والمسيرين والمدربين ورؤساء لجان الزجر لا علم لهم بماكولين واتفاقيته.

في حزيران، نعيش سيناريوهات «غش الأكابر» حين فتحت السجون في وجه قادة سياسيين كان لهم ما يكفي من الحصانة لتجنب المساءلة. لست وحدك أيها اللاعب من يغش في مباراة.. لست وحدك أيها التلميذ من يمارس هواية «النقل السري».. فإذا عم الغش هان.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى