الرئيسية

زوبعة في تيران

حسن البصري
لم ينتبه منظمو المباراة «الودية» التي جمعت المنتخبين المغربي والأرجنتيني، للتحذيرات الصادرة عن مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، التي كشفت في نشرة خاصة، عن هبوب رياح قوية تتجاوز سرعتها مائة كيلومتر في الساعة. لم يعيروا أي اهتمام لقرار إدارة الموانئ الإسبانية، التي بادرت إلى تعليق حركة الملاحة البحرية في مضيق جبل طارق، وأجلت عددا من الرحلات البحرية بين جنوب إسبانيا انطلاقا من ميناء الجزيرة الخضراء، نحو شمال المغرب في ميناء طنجة المتوسط.
لم يعر متعهدو المباراة التقلبات المناخية أدنى اهتماما، خوفا من تقلبات مالية تعصف بالعائدات وتلغي عقود الإشهار المبرمة مع شركات كانت تراهن على حضور ميسي، لرفع رقم معاملاتها. رفضوا تأجيل المباراة لدواعي مناخية وقالوا لا يمكن لرياح أن تعصف بجهود بيع المباراة، وحققوا أعلى إيرادات مالية لمباراة قيل إنها ودية والعهدة على المعلق.
في الطريق إلى ملعب ابن بطوطة، كانت سرعة الرياح تمارس جاذبيتها على المشجعين، بينما تساقطت لوحات إشهارية كانت تروج للمباراة، وتبين أن ميسي قرأ جيدا النشرة الجوية المغربية ووقف على أحوال طنجة وتبين أن الرياح القوية ستسحب منه صفة اللاعب الخارق.
قبل انطلاق المباراة بساعة كاملة، كان رجل أربعيني يهم بتقديم تذكرة المباراة لأحد المنظمين، فرمت بها الرياح بعيدا ليدخل المشجع المغربي في مطاردة رهيبة كادت أن تنتهي بما لا تحمد عقباه، حينها تبين أن المواجهة ستكون تحت رحمة إعصار. عانى الباعة المتجولون من الزمهرير ووجدوا بضاعتهم تتنقل من مكان إلى مكان ضدا على قانون الجاذبية. وفي مستودع الحكام أوصى الحكم مساعديه بالإمساك جيدا بالراية كي لا تنفلت من بين كفيهما، فبادلاه النصيحة بأخرى وحذراه من التعامل باستخفاف مع الصفارة حين تكون بين شفتيه والبطاقتين الصفراء والحمراء عندما يهم بإشهارهما في وجه اللاعبين، واتفق الجميع على توخي الحذر والالتزام بتعليمات مديرية الأرصاد الجوية.
سخر الأرجنتينيون من المباراة التي جمعت منتخبهم الوطني بـ«أسود الأطلس» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفوا اللقاء بـ«الممل» وذهبت بعض الرسومات الساخرة إلى التأكيد على وجود إعصار في ملعب طنجة، وحمد الأرجنتينيون الله لعدم قدرة الرياح على العبث باللوحات الإشهارية، حيث ظلت صامدة ضد عوامل التعرية.
كان للرياح القوية تأثير مباشر على مزاج اللاعبين، حيث شهدت المباراة خاصة في جولتها الأولى أعلى درجات العصبية، وتحولت رقعة الملعب إلى حلبة للاصطدامات والأخطاء زادت من سخرية المتفرجين، الذين تبين لهم أن التذكرة التي أدوا ثمنها هي لفرجة في رياضة عراكية.
يبدو أن التصميم الهندسي المنفتح لملعب طنجة، كان عاملا مساعدا على اختراق الرياح وعبور تيارات وزوابع، خصوصا أن منطقة بوخالف التي يوجد فيها تعرف تيارات هوائية قوية قادمة من واد تاهدارت قرب أصيلة، ما يجعل برمجة المباريات على أرضه رهينة ببلاغات الأرصاد الجوية وليس لجنة البرمجة. يكفي أن يتقاسم مدربا المنتخبين المغربي والأرجنتيني رأيا واحدا ويصفان المباراة بـ«شديدة الملل».
غياب ميسي وبعض نجوم المنتخب الأرجنتيني زاد من مؤشر الملل، لكن من المفارقات الغريبة أن يسقط في يوم المباراة بارون مخدرات روع الأمن الإسباني والمغربي يحمل لقب «ميسي»، هذا البارون المنحدر من طنجة والذي يتلاعب بالمخبرين كما يتلاعب ميسي الكرة بالمدافعين.
ذهبت تصورات المدربين أدراج الرياح، وعلى رأي اللاعب زلاتان: ‏«لا يهمني كيف تجري الرياح لأني أساسا بعت السفن»، لذا لا يمكن القول إن الرياح جرت بما لا يشتهيه رونار وغيره من اللاعبين، لأنه وبرغم الريح وبرغم الجو الماطر والإعصار، فالمدخول المالي للمباراة سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى