شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

سرقة موصوفة

 

 

منذ سنوات ونحن نسمع عن نهاية الصحافة الورقية المكتوبة، أمام الانتشار الواسع للصحافة الإلكترونية المجانية. ويرجع السبب في ذلك إلى تراجع الإقبال على الصحف المطبوعة، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير منها، أو تسجيل تراجع مهول في أرقام مبيعات الصحف التي ما زالت على قيد الحياة تقاوم أسباب الانقراض.

فقد أرغمت جائحة «كورونا» ناشري الصحف الورقية على تعليق طبعها وتوزيعها ورقيا، بموجب قرار اتخذته الحكومة السابقة، واكتفت أغلب الصحف بإصدار نسخ رقمية وتوزيعها مجانا عبر وسائل التواصل. ورغم العودة إلى الطبع، سجل تراجع كبير في نسبة الإقبال على اقتناء الصحف الورقية، وقلصت الوزارات والمؤسسات العمومية حصتها من النسخ اليومية، ما زاد من تأزيم وضعيتها.

ورغم هذه الصعوبات، وظهور مؤشرات غير مطمئنة على مستقبل الصحافة الورقية بالمغرب، وعلى رأسها تراجع عائدات الإشهار بسبب غياب قانون يؤطر عمل وكالات الإشهار وسطوة اللوحات الإشهارية والمؤثرين، تبذل المؤسسات الصحفية والعاملين بها مجهودات وتضحيات كبيرة من أجل البقاء، والحفاظ على هذا النوع من الصحافة الذي يتميز بالمصداقية والمهنية.

وفي ظل الصعوبات التي يواجهها القطاع، بدأت تظهر أخيرا ممارسات لصوصية تزيد من تأزيم الوضع، وهذه الممارسات يمكن وصفها بـ «السرقة الموصوفة»، وتستدعي من الجهات المسؤولة اتخاذ إجراءات عقابية وزجرية، حيث تعمد شركات ووكالات متخصصة في التواصل إلى نسخ وتصوير المحتويات الصحفية المنشورة بالجرائد الورقية وإعادة بيعها لمؤسسات عمومية وخاصة متعاقدة معها، كما يتم توزيع هذه النسخ عبد تطبيقات التراسل الفوري ونشرها مجانا بمواقع التواصل الاجتماعي، ما يتسبب في خسائر جسيمة في مبيعات الصحف الورقية.

وفي هذا الصدد، توصلت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، التي تضم ناشرين عن الصحافة الورقية والإلكترونية، بشكايات صادرة عن عدد من أعضائها، تتعلق بممارسات بعض مقدمي خدمات «رصد ومتابعة الصحافة» تخرق القوانين المغربية وتضر بحقوق ملكيتها الفكرية ومصالحها.

وتقوم هذه المقاولات ببيع خدمة توفر لزبنائها نسخا كاملة أو جزئية من مقالات نشرتها الصحف المغربية وذلك على شكل ورق أو بصيغة «PDF» أو عبر البريد الإلكتروني أو من خلال الولوج إلى قاعدة بيانات تحتوي على نسخ كاملة للجرائد الورقية والإلكترونية دون إذن أو ترخيص من المؤسسات التي تصدرها وتبثها.

هذه الممارسات تفرض على الجهات المسؤولة التدخل لحماية المؤسسات الصحفية، من خلال تفعيل المساءلة والمتابعة القضائية في حق كل شخص أو مقاولة تقوم بهذه السرقات، لأن القانون يمنع نسخ أو إعادة نشر أو استنساخ أو أرشفة مقال صحفي تم نشره بشكل ورقي أو إلكتروني بأي وسيلة أو طريقة كانت أو بأي شكل كان سواء تعلق الأمر بمقال متاح للعموم أو مقال مخصص للمشتركين، كما أن ملكية المقالات الصحفية محمية بعدد من القوانين، ومنها قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وقانون الصحافة والنشر والقانون الجنائي.

لقد حان الوقت لإعمال القانون لحماية حقوق المقاولات الصحافية وحقوق العاملين فيها ضد هؤلاء القراصنة الجدد الذين كل ما يستثمرون فيه للفوز بصفقات مليونية على ظهر الصحافيين هو سكانير وحزمة عناوين إلكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى