شوف تشوف

الرئيسيةثقافة وفنمجتمع

فن الترسل في الأدب.. ونستمر في انتظار الرسائل

محمود عبد الغني

 

«نادراً ما يصل لصندوق البريد ما هو جدير بالاهتمام، ورغم ذلك نستمر في انتظار الرسائل!»

فيرجينيا وولف   

 

 

كان إقبال القراء العرب، في العشرية الأخيرة، على قراءة الرسائل المتبادلة بين الكُتاب كبيرا، وكان إقبالاً مزدوجاً على رسائل الكُتاب العرب كما على الأجانب. ولا أحد ينسى الرسائل المتبادلة بين غسان كنفاني وغادة السمان، بين جبران خليل جبران ومي زيادة، بين محمد عابد الجابري وحسن حنفي «حوار المشرق والمغرب»، بين محمود درويش وسميح القاسم، بين محمد برادة ومحمد شكري «ورد ورماد»… وقد تطول اللائحة حتى يصعب حصرها. كما أن نقاد الرواية لاحظوا استفادة الرواية من فن الترسل، وهنا نقف عند رواية «رسائل من امرأة مختفية» (المتوسط، 2019) لمحمد برادة التي استفاد فيها المؤلف من الرسائل. ورواية الجزائري عبد القادر جميعي باللغة الفرنسية «زهرة على سطح البيت، ماتيس في طنجة» (2021، ترجمة محمود عبد الغني)، وهي عبارة عن رسالة طويلة وجهها السارد إلى الرسام الفرنسي هنري ماتيس (1869-1954). وطبعاً لا تغادر قراء الرواية العالمية رواية «ساعي بريد نيرودا» لأنطونيو سكارميتا (ترجمة صالح علماني). وهي رواية ذات موضوع طريف: يتخذ ماريو قرار التخلي عن حرفة صيد السمك ليصبح ساعي بريد يتنقل في القرية على دراجته ليحمل الرسائل إلى بابلو نبرودا، شاعر الشيلي العظيم، الشخص الوحيد في القرية الذي يستقبل ويرسل الرسائل.

ويلاحظ إقبال الناشرين العرب على رسائل المشاهير من الأدباء والعلماء والمفكرين. تقف في مقدمتها رسائل كافكا إلى ميلينا التي نشرتها دار النشر «آفاق» تحت عنوان «رسائل إلى ميلينا»(ترجمة الدسوقي فهمي، آفاق، 2016). وهو كتاب يضم رسائل بعثها فرانز كافكا إلى حبيبته الصحفية التشيكية ميلينا يسينيسكايا في الفترة بين 1920 و1923. يظهر من الرسائل أن كافكا كان منشغلاً بنقل أعمق مشاعره إلى ميلينا، التي كانت تعرف أدبه جيداً، فهي مترجمة بعض قصصه من اللغة الألمانية، التي كان يكتب بها، إلى التشيكية. كانت ميلينا صحفية في عالم الموضة، لكنها أيضا تترجم وتكتب القصص ومنغمسة في الوسط الأدبي في فيينا خلال السنوات التالية لعام 1918.

وسبق لكافكا أن كتب قبلها، بين 1900 و1925، رسائل وجهها إلى صديقه ماكس برود، وحملت عنوان «رسائل إلى العائلة والأصدقاء والمحررين»، نُشرت لأول مرة في كتاب في ألمانيا عام 1959، وأعيد طبعه باللغة الإنجليزية عام 1977. وفي 1919 نشر كتاب آخر لكافكا يضم رسائله إلى والده هيرمان كافكا، نُشرت تحت عنوان «رسالة إلى والده». ووجه إليه فيها تهمة «الإساءة العاطفية»، والنفاق الذي أبداه تجاهه. نقتطف منها المقطع الآتي:

«أبي العزيز،

لقد سألتني مؤخراً عن سبب كوني أخشاك وأخاف منك على الدوام. وكالعادة، لم أكن أستطيع التفكير في إجابة لسواك، وجزء من ذلك هو أن الخوض في تفاصيل سبب الخوف سيقود إلى مزيد من التفاصيل أكثر بكثير مما أستطيع التفكير به أثناء الحديث عنه. وإذا ما حاولتُ إعطاءك إجابة كتابة سيكون الجواب غير مكتمل…»

تبادل الكاتبان الأمريكي بول أوستر والجنوب إفريقي جي إم كويتزي رسائل ترجمها أحمد شافعي وصدرت بعنوان «هنا والآن: رسائل 2008-2011» (دار الكتب خان، 2016). ظل أوستر وكويتزي يقرآن أعمال بعضهما لسنوات طويلة، ولم يلتقيا إلا سنة 2008 خلال مهرجان أدبي أقيم بأستراليا. بعد المهرجان توصل أوستر برسالة من كويتزي اقترح فيها أن يبدأ الاثنان في تبادل الرسائل بشكل منتظم. تبادل الرسائل هذا هو ما أثمر كتاب «هنا والآن»؛ حوار رسائلي تضمن أهم الأفكار حول العالم، الصداقة، الكتابة، الإنسان، الرياضة، ارتياد الصالونات الأدبية، السياسة، القراء….

يقف فن الترسل في مصاف فنون النثر العربية المعروفة. وعرف العرب كتابة الرسائل منذ القرن الأول من الهجرة. كما أن معاجم المعاني العربية أولت للفظة «رسالة»، «إرسال» صفحات لشرحها وتَبَيُن اشتقاقها، واشتركت كل تلك المعاجم في كون لفظة «إرسال» تعني «توجيه»، من معجم «تاج العروس من جواهر القاموس» للزبيدي، إلى «القاموس المحيط» للفيروز أبادي. إن الرسائل، مهما كانت عادية أو أحياناً بدائية، فهي تحمل فكرة يريد مرسل توصيلها إلى مرسَل إليه. هنا نقدم منتخبات ونماذج من الرسائل العربية.

 

 

حنفي والجابري.. حوار المشرق والمغرب

 

صدر الكتاب الحواري الرسائلي بين المفكر المصري حسن حنفي والمفكر المغربي محمد عابد الجابري سنة 1990، بالاشتراك مع مجلة «اليوم السابع»، تحت عنوان « د. حسن حنفي ود. محمد عابد الجابري.. حوار المشرق والمغرب». يتألف الكتاب من حلقات الحوار الذي جرى على صفحات مجلة «اليوم السابع» التي كانت تصدر في باريس، برئاسة الكاتب اللبناني فيصل جلول، بين حسن حنفي (مصر) ممثلاً للمشرق ومحمد عابد الجابري ممثلاً للمغرب. وتفرعت قضايا الحوار/الرسائل إلى القضايا الأساسية التي شغلت العالم العربي، منذ بداية عصره الحديث، في مجالات الفكر والتاريخ والدين والمجتمع والسياسة. وهي القضايا نفسها التي ما تزال تتحدى مجتمعاتنا إلى اليوم. إن المجتمعات العربية تصارع التخلف، وأسئلة الحرية والديموقراطية التي تتلازم مع أسئلة العلمانية والحداثة والإسلام. كما تحاور وتراسل المفكران عن علاقة الشعب بالدولة، والحاضر بالماضي، والمشرق بالمغرب، والنخبة بالسلطة، والتجزئة بالوحدة. وكان للكتاب، حين صدوره، دور في إذكاء روح الجدل في حياتنا الثقافية والسياسية، في مواجهة صمت قاتل ساد حول القضايا الحارقة المطروحة. بدأ الكتاب برسالة من حسن حنفي نحو محمد عابد الجابري:

«عزيزي محمد،

لقد آن الأوان لجيلنا أن يتجاوز أحادية الطرف، والتكفير والتخوين المتبادلين، ففي الفكر والوطن متسع للجميع. وإن أشد ما أضرنا هو حديث «الفرقة الناجية» المشكوك في صحته عند ابن حزم والذي يكفر اجتهادات الأمة كلها، ولا يستبقي إلا واحداً هو اجتهاد الدولة القائمة. وهو ما ترسب في وعينا القومي بتكفير كل فرق المعارضة، واستبقاء اجتهاد واحد صائب هو اجتهاد السلطة القائمة. وهو ما يتنافى مع تراث الأمة، ويجافي روح التشريع. إذ لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة، وكلنا راد ومردود عليه، والصحابة كالنجوم فبأيهم اقتدينا واهتدينا، ولا خاب من استشار، وللمخطئ أجر وللمصيب أجران.»

وأجاب الجابري على رسالة حنفي بكلمات وأفكار ومتمنيات ببزوغ فجر جديد، جاء فيها:

«عزيزي حسن،

عندما طلب مني الإخوة المشرفون في هذه المجلة المساهمة في حوار يجري على صفحاتها بين كاتب من المشرق وآخر من المغرب فهمت أن الأمر يتعلق بفتح «ساحة» أخرى من ساحات العمل من أجل استعجال «اليوم الثامن» الذي ننتظر مجيئه، اليوم الذي سيدشن «أسبوعاً» جديداً على صفحات تاريخنا يتحقق خلاله ما نطمح إليه من تجاوز لكثير مما يطبع حاضرنا، من تعدد ليس كله ضرورياً، واختلاف ليس كله مبرراً، وكلام ليس كله مفهوماً، وسكوت ليس كله ذهباً ولا فضة…إلى آخر القائمة.»

 

غسان كنفاني وغادة السمان

 

تبادل الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني والكاتبة السورية غادة السمان عدة رسائل. نقدم منها هذه الرسالة الرقيقة من غسان إلى غادة، وهي رسالة غير مؤرخة، لكن من الأرجح أنها كتبت سنة 1966، كما هو مثبت في رسائل أخرى جاءت بعدها.

«غادة..
أعرف أن الكثيرين كتبوا إليك، وأعرف أن الكلمات المكتوبة تخفي عادة حقيقة الأشياء خصوصا إذا كانت تُعاش.. وتُحس وتُنزف على الصورة الكثيفة النادرة التي عشناها في الأسبوعين الماضيين…ورغم ذلك، فحين أمسكت هذه الورقة لأكتب كنت أعرف أن شيئا واحدا فقط أستطيع أن أقوله وأنا أثق من صدقه وعمقه وكثافته وربما ملاصقته التي يخيل إلي الآن أنها كانت شيئا محتوما، وستظل كالأقدار التي صنعتنا: إنني أحبك.
الآن أحسها عميقة أكثر من أي وقت مضى، وقبل لحظة واحدة فقط مررت بأقسى ما يمكن لرجل مثلي أن يمر فيه، وبدت لي تعاساتي كلها مجرد معبر مزيف لهذه التعاسة التي ذقتها في لحظة كبريق النصل في اللحم الكفيف…
الآن أحسها، هذه الكلمة التي وسخوها، كما قلت لي والتي شعرت بأن علي أن أبذل كل ما في طاقة الرجل أن يبذل كي لا أوسخها بدوري.
إنني أحبك: أحسها الآن والألم الذي تكرهينه – ليس أقل ولا أكثر مما أمقته أنا – ينخر كل عظامي ويزحف في مفاصلي مثل دبيب الموت.
أحسها الآن والشمس تشرق وراء التلة الجرداء مقابل الستارة التي تقطع أفق شرفتك إلى شرائح متطاولة…
أحسها وأنا أتذكر أنني لم أنم أيضا ليلة أمس، وأنني فوجئت وأنا أنتظر الشروق على شرفة بيتي أنني – أنا الذي قاومت الدموع ذات يوم وزجرتها حين كنت أُجلد – أبكي بحرقة. بمرارة لم أعرفها حتى أيام الجوع الحقيقي، بملوحة البحار كلها وبغربة كل الموتى الذين لا يستطيعون فعل أيما شيء …وتساءلت: أكان نشيجاً هذا الذي أسمعه أم سلخ السياط وهي تهوي من الداخل؟
لا..أنت تعرفين أنني رجل لا أنسى وأنا أعْرَفُ منك بالجحيم الذي يطوق حياتي من كل جانب، وبالجنة التي لا أستطيع أن أكرهها، وبالحريق الذي يشتعل في عروقي، وبالصخرة التي كتب علي ّ أن أجرها وتجرني إلى حيث لا يدري أحد …وأنا أعرف منك أيضاً بأنها حياتي أنا، وأنها تنسرب من بين أصابعي أنا، وبأن حبك يستحق أن يعيش الإنسان له، وهو جزيرة لا يستطيع المنفيّ في موج المحيط الشاسع أن يمر بها دون أن….
ورغم ذلك فأنا أعرف منك أيضاً بأنني أحبك إلى حد أستطيع أن أغيب فيه، بالصورة التي تشائين، إذا كنت تعتقدين أن هذا الغياب سيجعلك أكثر سعادة، وبأنه سيغير شيئاً من حقيقة الأشياء.
أهذا ما أردت أن أقوله لك حين أمسكت الورقة؟ لست أدري.. ولكن صدقيني يا غادة أنني تعذبت خلال الأيام الماضية عذاباً أشك في أن أحدا يستطيع احتماله، كنت أجلد من الخارج ومن الداخل دونما رحمة وبدت لي حياتي كلها تافهة، واستعجالاً لا مبرر له، وأن الله إنما وضعني بالمصادفة في المكان الخطأ لأنه فشل في أن يجعل عذابه الطويل الممض وغير العادل لهذا الجسد، الذي أحتقر فيه قدرته غير البشرية على الصلابة، ينحني ويموت…»

 

محمود درويش وسميح القاسم

من أهم الرسائل التي نشرت وأثارت انتباه وفضول القراء تلك المتبادلة بين الشاعرين الفلسطينيين محمود درويش وسميح القاسم.

من محمود درويش لسميح القاسم؛
«عزيزي سميح،
وما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل.
لقد اتفقنا على هذه الفكرة المغرية منذ عامين في مدينة استوكهولم الباردة. وها أنا ذا أعترف بتقصيري، لأنني محروم من متعة التخطيط لسبعة أيام قادمة، فأنا مخطوف دائما إلى لا مكاان آخر. ولكن تسلل الفكرة المشتركة إلى الكثيرين من الأصدقاء تحول إلى إلحاح لا يقاوم. كم تبهجني قراءة الرسائل…! وكم أمقت كتابتها لأني أخشي أن تشي ببوح حميم قد يخلق جوا فضائحياً لا ينقصني، حتى تحولت هذه الخشية إلى مصدر اتهامات لا تحصى ليس أفدحها « التعالي» كما هو رائج.
الآن أشمر عن عواطفي، وأبدأ. لا أعرف من أين أبدأ عملية النظر إلى مأساتنا المشتركة. ولكني سأبدأ لأنضبط ولأورطك في انضباط صارم. سيكون التردد أو التراجع قاسيا بعد ما أشهدنا القراء علينا، وبعد ما هنأتك بعيد ميلادك الذي يواصل صناعة الفراغ بين العمر والصورة. كل عام وأنت في خير وشعر حتى نهايات النشيد.
لن نخدع أحدا، وسنقلب التقاليد، فمن عادة الناشرين، أو الكتاب، أو الورثة أن يجمعوا الرسائل المكتوبة في كتاب. ولكننا هنا نصمم الكتاب ونضع له الرسائل. لعبتنا مكشوفة. سنعلق سيرتنا على السطوح، أو نواري الخجل من كُتاب المذكرات بكتابتها في رسائل.»

محمد برادة ومحمد شكري

 

يحتوي كتاب «وردٌ ورماد» (منشورات الجمل، ط. 2، 2006) على رسائل متبادلة بين الكاتبين محمد برادة ومحمّد شكري، ويقول محمد برادة في التقديم لهذا الكتاب: «نأمل أن يجد القارئ في رسائل الورد والرماد هذه ما يثير لديه التواطؤ ذاته، الذي تتدثر به هذه الرسائل والبطاقات المكتوبة وسط الدوامة بانفعال واندفاع وتلقائية. وقد لا يكون الورد وحده جميلاً، جذاباً، فالرماد أيضاً ينطوي على جراحات وانطفاءات لا تخلو من روْقٍ وصدق وافتتان بالموت.»

في أواخر سبعينات وبدايات ثمانينات القرن الماضي، كانت اهتمامات برادة تتوزع بين النقد الأدبي والترجمة، فضلاً عن كتابة القصة. يذكر محمد برادة في إحدى بطاقاته البريدية التي بعثها لصديقه شكري من جنوب شرقي فرنسا، ما يلي (إقامتي، إذن، جد مثمرة؛ لأنني استطعت أن أستثمر الوقت بكيفية جيدة تختلف عن مشاغل الرباط وحياتها.»
سيكتب برادة لشكري بتاريخ 19 مارس (آذار) 1991 «أنا سعيد لأنك عدت للكتابة والمقاومة عبر الكلمة، فهي التي تبقى… أما لحظات السكر والثرثرة والمتعة الحسية فإنها سرعان ما تتحول إلى رماد». وفي 19 أغسطس 1994، سيكتب برادة لشكري ما يلي «هل أذكرك بمشروع الرسائل؟ هل نفضت عنها الغبار واستخرجت منها صورة لترسلها إلي؟». وفي 11 يوليو (تموز) 1996، سيكتب برادة لشكري من باريس «كنت أود أن أسألك أين وصل مشروع نشر بعض رسائلنا المشتركة كما اقترحت عليك ذلك منذ أزيد من سنة، وطلبت منك أن تصور لي نسخاً من رسائلي إليك، وسأفعل الشيء نفسه، ليتم ترتيبها حسب التواريخ، والموضوعات. هل أنت موافق؟ متى يمكنك أن توافيني بالرسائل؟ سؤالان محددان أرجو أن تجيبني عنهما في أقرب وقت.»

سيكتب شكري طيلة شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة نفسها، لصديقه برادة عدداً من الرسائل. كان شكري وقتها في مستشفى الأمراض العصبية، بتطوان. وسيكتب مع بداية 1978 «أنا ماضٍ في استنساخ القصص على الآلة. اخترت 18 قصة. الأخرى مزقتها». كما يبوح، في الرسالة ذاتها، بما يلي «لا أبالغ إن قلت لك بأني في حاجة دائماً إلى من يحفزني على العمل. فلولا بول بولز لما كتبت سيرتي الذاتية ولا كتابي عن تينيسي وليامز وجان جونيه. إنني مصاب بالكسل اللذيذ وأيضاً بهوس الكتابة إلى حد الانهيار». في 1979، سيصدر برادة مجموعته القصصية «سلخ الجلد»، بينما أصدر شكري «مجنون الورد».
وتستمر الرسائل والبطائق حتى سنة 1997. وقد كان برادة حريصاً على جمعها وإصدارها في كتاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى