
محمد اليوبي
أحالت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، على الأمانة العامة للحكومة، مشروع قانون يتعلق بالحصول على الموارد الجينية للنباتات والحيوانات والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، ومن المنتظر إحالة المشروع على المجلس الحكومي للمصادقة عليه.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع المذكور آنفا، أن الموارد الجينية تمثل الرأسمال الجيني لجميع الأنواع الطبيعية، سواء منها المتعلقة بالوحيش أو النباتات أو الخاصة بالأنواع المرباة أو المزروعة، وتعد هذه الموارد تراثا طبيعيا وطنيا مشتركا، وتبقى عاملا أساسيا لتنمية قطاعات الزراعة الغذائية والصيدلية ومصدرا للطاقات البيوطاقية.
وحسب المذكرة، فقد أصبحت الموارد الجينية موضوع استخدامات مختلفة ومتباينة، وتترتب عنها آثار اجتماعية واقتصادية وبيئية هامة، كما أصبح لهذه الموارد دورا حاسما في وضع الاستراتيجيات والتدابير الرامية إلى المحافظة على الأنظمة البيئية واستصلاحها وحماية أنواع الوحيش والنباتات، خاصة تلك المهددة بالانقراض. علاوة على ذلك، فإن التوزيع الجغرافي لهذه الموارد على صعيد التراب الوطني، وكذا امتلاكها من قبل الدولة والقطاع الخاص والسكان المحليين، يجعلان منها رهانا حقيقيا.
فبالرغم من خضوعها لقواعد عرفية وأحيانا لقواعد تعاقدية، فإنها لا تخضع بشكل عام لمعايير صارمة للحصول عليها واستخدامها، وقد تشكل هذه الوضعية مساسا بالحقوق المادية لمالكي هذه الموارد الجينية وللسكان المحليين، سيما إذا كانت هذه الموارد مرتبطة بمعارف تقليدية، ولذلك جاء بروتوكول «ناغويا» لتشجيع الدول الأطراف، ومن ضمنها المملكة المغربية، على اعتماد تشريعات خاصة وملائمة في مجال الحصول على الموارد الجينية والمعارف التقليدية المرتبطة بها، وكذا فرض شروط وإجراءات تنظم بموجبها عمليات الحصول على هذه الموارد.
وينص هذا البروتوكول على مجموعة من الشروط، أهمها الموافقة المسبقة عن علم من قبل المالكين وذوي الحقوق والسكان المحليين لهذه الموارد أو المعارف التقليدية المرتبطة بها، وضمان التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استعمالها بين المستعمل والمقدم، وذلك بناء على شروط متفق عليها بصورة متبادلة بين مقدم ومستعمل هذه الموارد في هذا الإطار. وأفادت المذكرة بأن إعداد مشروع القانون يأتي في إطار وفاء المغرب بالتزاماته تجاه المنتظم الدولي، في ما يخص حماية البيئة والمحافظة على التنوع البيولوجي، وتفعيل المبادئ والأحكام التي تضمنها بروتوكول «ناغويا».
ويأتي إعداد المشروع لسد الفراغ التشريعي الحاصل في مجال تدبير واستعمال ومناولة الموارد الجينية، والرفع من مستوى الحماية القانونية لها، وتثمين المعارف التقليدية المرتبطة بها وخلق الفرص للسكان المحليين، من خلال الاستفادة المادية من استعمال هذه الموارد والمعارف. كما يندرج مشروع هذا القانون في إطار تنزيل المبادئ المنصوص عليها في القانون الإطار رقم 12- 99، بمثابة میثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي ينص على تعزيز حماية الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية والمحافظة عليها، وكذا تنفيذ الرهان الثالث للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، الذي يهدف إلى تحسين تدبير وتثمين الموارد الطبيعية، ودعم المحافظة على التنوع البيولوجي.
هذا، ويضع مشروع القانون الإطار القانوني الذي يسمح بتأمين وضبط عمليات الحصول على الموارد الجينية ببلادنا، وحماية المعارف التقليدية المرتبطة بها، كما يحدد القواعد الملائمة التي تؤمن التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استعمال هذه الموارد.
وينص المشروع على تحديد مجال تطبيق القانون الذي يشمل الموارد الجينية بكل أشكالها والعناصر غير المادية المتعلقة بها، خاصة المعارف التقليدية المرتبطة بهذه الموارد، وجميع الموارد الجينية، سواء كانت داخل الموقع أو خارجه، واستثناء من نطاق تطبيق القانون الموارد الجينية البشرية والموارد الجينية المخصصة للاستخدام الفردي والموارد الجينية، التي يخضع الحصول عليها وتقاسم منافعها لآليات دولية خاصة.
كما ينص المشروع على إحداث لجنة وطنية للموارد الجينية، تضم في حظيرتها القطاعات الحكومية المعنية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص، تتولى دراسة طلبات الحصول على الموارد الجينية، والسهر على تتبع إجراءات إبرام العقود بين مقدمي ومستعملي هذه الموارد، ومراقبة مدى احترام التزامات الطرفين. ويحدد المشروع كذلك، شروط وكيفيات الحصول على الموارد الجينية، وكذا الضمانات الكافية لتحقيق مبدأ التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية والمعارف التقليدية المرتبطة بها، بالإضافة إلى تحديد التزامات مستعملي الموارد الجينية، والتنصيص على مسطرة مبسطة في حالة الاستعجال، ووضع نظام لمعاينة المخالفات والعقوبات المطبقة عليها.





