شوف تشوف

الرأي

معلومات علماء الفلك

بقلم: خالص جلبي

إن معلومات علماء الفلك في الوقت الراهن عن بداية الكون تشبه أفلام الخيال العلمي
(Science Fiction)، فالكون حسب وجهة نظرهم، بدا حيث لم يكن زمان ولا مكان، حيث لا طاقة ولا مادة، وحيث تتعطل قوانين الوجود الرئيسية ليبدأ في التشكل بعدها الزمان والمكان والمادة والطاقة، ولتبدأ قوانين الوجود بالعمل بل الوجود. وحدث كل هذا في جزء من مليار مليار مليار مليار من الثانية (سكستليون = عشرة مرفوعة إلى قوة 36) لتندفع كتلة نارية مروعة في كل الاتجاهات، حيث بدأت الاتجاهات في التشكل! لتتشكل بعدها المجرات ومنها مجرتنا درب التبانة، وكان هذا قبل 13,7 مليار سنة (في آخر التقديرات)، أما مجرتنا فبدأت في التشكل قبل حوالي ثمانية مليارات عام، وتشكلت الأرض قبل حوالي ,64 مليارات سنة، وبدأت الحياة على الأرض قبل ثلاثة مليارات ويزيد من السنين (3,8)، أما عديد الخلايا فبدأت تدب في الأرض قبل 500 مليون سنة، في حين أن الحياة الإنسانية بدأت قبل 3.2 ملايين سنة تقريبا، وبدأت الثورة الزراعية قبل ستة آلاف سنة، في حين أن الكتابة اخترعت قبل خمسة آلاف سنة، وركبت المطبعة قبل خمسمائة عام، واكتشفت الطاقة البخارية قبل مئتي عام، واستخدمت الكهرباء قبل مائة وعشرين سنة، أما الطاقة الذرية فاستخدمت في المجال السلمي قبل ثلاثين سنة فقط، والفيديو والكمبيوتر قبل ما يزيد على عشر إلى عشرين من السنوات، إذا كان هذا هو سياق التطور الكوني، فإلى أين يمشي الكون؟
لنسمع الفصل الثاني في قصة الانفجار العظيم
العالم الأمريكي (إدوين هابل) اهتدى إلى حقيقتين كانت كل واحدة منهما مثيرة إلى أبعد الحدود، الأولى في ما يتعلق بعالم المجرات، والثانية في علاقة هذه المجرات بعضها ببعض. أدرك هابل أن مجموعتنا الشمسية تقع في مكان متواضع من حافة المجرة، فحتى نصل إلى مركز المجرة نحتاج إلى حوالي ثلاثين ألف سنة ضوئية، وهي التي تمثل مسيرة الضوء في ثلاثين ألف سنة، كما إذا أردنا أن نصل إلى حافة المجرة الخارجية، فإننا نحتاج إلى عشرين ألف سنة ضوئية، أما إذا أردنا أن نمشي عبر مجرتنا من نقطة في المحيط إلى نقطة تقابلها في الطرف الآخر، فإن قطر مجرتنا هو في حدود 100 ألف سنة ضوئية، وهي مجرة متواضعة في الدغل الكوني الرهيب، لذا فإن القمر والشمس هما جارانا في الفضاء العظيم، فالضوء يصل إلينا من القمر في ثانية واحدة، ولا يحتاج إلا إلى أكثر من ثماني دقائق كي يصل إلينا من الشمس.
بدأ هابل يعد النجوم التي هي الشموس، لأنها ملتمعة وترى لذا يمكن عدها، أما الكواكب التي تدور حولها، والمعتمة التي لا تعكس الضوء فهي لا تدخل تحت العدد، باستثناء كواكب المجموعة الشمسية القريبة منا مثل عطارد والزهرة والمريخ والمشتري، فوصل في النهاية إلى رقم مرعب بالملايين، ثم بدأ إدوين هابل يطرح السؤال التالي: وهل كانت هناك مجرات أخرى غير مجرتنا؟ تلك التي تجمع أعدادا كثيفة من النجوم في غابة فلكية في كون لا يحيط به النظر ولا تصله التلسكوبات؟ استطاع هابل بإمكانياته المحدودة في تلسكوبات متواضعة في ذلك الوقت، من الثلث الأول من القرن العشرين، أن يحصي تسع مجرات أخرى، وعرف أيضا أنها بأشكال متباينة منها الإهليجي والحلقي والشريطي أو بدون شكل محدد.
أما المفاجأة الكبرى لإدوين هابل فكانت في علاقة المجرات بعضها ببعض، من خلال ظاهرة (الزحزحة الحمراء) ولكن ما هي؟
إن ظاهرة الزحزحة الحمراء لا يمكن فهمها دون أن نعرف ظاهرة دوبلر، وهي تلك الميزة التي نهتدي بها ونفرق، بين معرفة قدوم القطار إلى المحطة من مغادرته إياها، والسبب هو طبيعة الموجات الصوتية، فالموجات تقترب من بعضها وتنضغط أكثر، كما يزيد ترددها مع اقتراب القطار، وهذا الشيء يحدث بالشكل نفسه مع الموجات بفرق أن الضوء لا يحتاج إلى وسط مادي لنقله، ونظرا لأن الصوت أحادي الموجة خلافا للضوء الذي يضم موجات مختلفة، فالضوء الأبيض الذي يسطع علينا ونتمتع به مع كل شروق صباح، هو في واقعه ليس نورا أبيض، بل هو عصير مشكل من الألوان. فكما نتمتع بشرب عصير الفواكه المشكل المخلوط من الموز الأبيض والجوافة الخضراء والليمون الأصفر، كذلك نتمتع بعصير الألوان المشكل من اللون الأزرق والأحمر والأخضر والبنفسجي، وهذه الحقيقة في طيوف الألوان اهتدى إليها نيوتن سابقا حينما وضع موشورا زجاجيا في طريق الضوء، فلاحظ أن الضوء الذي يعبره يدخل أبيض، فيتخلل في الزجاج ويرجع إلى طبيعته الموجية الأصلية بين أقصى الأحمر وأدنى الأزرق، أي إن حافتي الموجة الضوئية هما الأزرق والأحمر، وبذا فإن الضوء الذي يقترب منا ويزداد تردد موجاته وارتفاعها هو لون أزرق، والعكس بالعكس حينما تضعف تردداته وتخف حدتها تحمل اللون الأحمر. وما وصل إليه هابل أن كل الضوء القادم لنا هو أحمر هارب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى