
العرائش: محمد أبطاش
أحال عامل إقليم العرائش ملف أحمد الوهابي، رئيس جماعة تزروت، على القضاء الإداري بطنجة، في خطوة تعكس تشدد وزارة الداخلية في التعامل مع ما اعتبرته مصادر مطلعة «اختلالات تدبيرية ومخالفات تمس مبادئ الحكامة المحلية». وجاء قرار الإحالة بعد أسابيع من دراسة تقارير لجان تفتيش مركزية ومحلية، رصدت مجموعة من التجاوزات المرتبطة بتدبير الشأن الجماعي ومنازعات انتخابية، سواء في ما يتعلق بالصفقات العمومية، أو طرق صرف بعض الاعتمادات، إضافة إلى ما وُصف بــ«تعطيل مرفق الجماعة وإرباك سيره العادي».
وتشير المعطيات إلى أن لجان المراقبة وقفت أيضا على خروقات مرتبطة بمجال التعمير، خاصة في ما يتعلق بمنح رخص البناء والتجزيء خارج الضوابط القانونية. كما تم تسجيل حالات لعدم احترام مساطر دراسة الملفات، ومنح استثناءات تعمير دون مبررات، فضلا عن البناء في مناطق مصنفة محظورة، أو غير مستوفية لشروط الربط بالشبكات الأساسية.
وذكرت مصادر أن بعض الرخص منحت بشكل متسارع ودون استكمال الوثائق التقنية، إلى جانب تراخيص أُقرت، رغم وجود ملاحظات سلبية من مصالح المهندسين أو من اللجنة التقنية المشتركة، وهو ما اعتُبر إخلالا بمهام الرقابة المفروضة قانونا على مسؤولي الجماعة. ونبهت المصادر إلى أنه تم رصد عمليات بناء غير قانونية لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها في حينها، خاصة بمنطقة ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، رغم توصل المنتخبين والمصالح الجماعية بشكايات متكررة من سكان الدواوير المتضررين.
وبحسب المصادر، فقد استندت السلطات الإقليمية إلى مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات، الذي يتيح للعامل إحالة ملف منتخبين على القضاء الإداري، للمطالبة بعزلهم، إذا ثبت أنهم ارتكبوا مخالفات جسيمة تؤثر على سلامة التدبير أو المصلحة العامة. وينتظر أن يحدد القضاء الإداري موعد أولى الجلسات للنظر في طلب العزل، والبت في الوقائع المعروضة، قبل إصدار حكم قد يعيد تشكيل المشهد المحلي بالجماعة بشكل واسع.
وللإشارة، فإن هذه الجماعة سبق أن شهدت منازعات انتخابية بين الرئيس نفسه، وأطراف أخرى محسوبة على حزب الاستقلال، إذ سبق للقضاء المحلي بالعرائش أن بت في ملف عرقلة عملية تحفيظ ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش.
وكان رئيس الجماعة نفسه، قد أدين في وقت سابق، من طرف المحكمة الابتدائية بالعرائش بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية مقدرة بـ500 درهم، بعد متابعته بصك اتهام حول «اضطراب من شأنه الإخلال بهدوء ووقار بإحدى العبادات والحفلات الدينية»، ويتعلق الأمر بالضريح نفسه، والذي بات محط صراعات قبلية محليا، حول من له الأحقية التاريخية في التصرف فيه، بعدما تحول إلى ما يشبه خزان مالي وانتخابي بالمنطقة، إذ سبق للمحكمة أن قامت بانتداب فريق للدرك الملكي، بغرض إنجاز تقرير والاستماع إلى جميع أطراف الملف، حول ما نسب إلى الرئيس المعني.
وكان الرئيس نفسه، قد أكد طيلة مراحل التقاضي والتحقيق التمهيدي والتفصيلي أن دوافع الشكاية كيدية، معتبرا تحريكها انتقاما سياسيا بالدرجة الأولى، مضيفا أمام القضاء، حسب المعطيات المتوفرة، أن الشكاية التي وضعت ضده تأتي لحرمانه من حقه التاريخي في هذه المنطقة، وأن أطرافا أخرى تسعى إلى شل حركته بهذه الجماعة، وبالتالي الاستحواذ على قيمة هذا الضريح التاريخي، والمكان الذي «يحج إليه الناس من كل فج عميق».





