
النعمان اليعلاوي
تعاني العديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية منذ فترة من انقطاع أدوية داء السل، وخاصة دواء Erip4 RH الذي يحتوي على مركبات Isoniazide وRifampicine، وهو الدواء الأساسي لعلاج هذا المرض المعدي. ويؤثر هذا النقص على استمرارية العلاج لدى المرضى، مما يعرضهم لخطر تفاقم حالتهم الصحية وانتشار المرض المقاوم للعلاج.
في السياق ذاته، يشهد النقص في الأدوية التي تصرف مجاناً في المراكز الصحية الحضرية والقروية، تذبذباً مستمراً دفع العديد من المرضى إلى التنقل لمسافات طويلة إلى مركز تشخيص مرض السل والأمراض التنفسية (CDTMR) بمكناس بحثاً عن أدوية العلاج، حيث تعاني هذه الصيدلية بدورها من انقطاع كامل لهذا الدواء الحيوي خلال الفترة الأخيرة.
ويأتي هذا الوضع رغم الميزانية السنوية المخصصة للبرنامج الوطني لمكافحة داء السل، والتي تمول من قبل وزارة الصحة، بالإضافة إلى الدعم المالي الكبير الذي حصل عليه المغرب من الصندوق العالمي لمكافحة فيروس الإيدز والسل والملاريا، الذي تجاوز 130 مليون دولار أمريكي خلال السنوات الماضية.
من جانب آخرّ، يثير هذا التناقض تساؤلات عدة حول تدبير البرنامج الوطني لمكافحة داء السل، خاصة في ما يتعلق بتوزيع الأدوية على الجهات والأقاليم، وإدارة المخزون وضمان وصوله إلى المراكز الصحية التي تعاني نقصاً حاداً، بالإضافة إلى دور المديريات التابعة لوزارة الصحة مثل مديرية الأدوية والصيدلة ومديرية اقتناء الأدوية والمرصد الوطني للأدوية والمنتجات الصحية.
كما يشكل تطبيق الدورية الوزارية رقم 76/2023، الصادرة عن مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة، محور اهتمام، إذ تهدف هذه الدورية إلى تعزيز التكفل بمرضى السل وتنسيق الجهود بين مختلف المتدخلين لمحاربة داء السل على مستوى جهة فاس مكناس، حيث إن انقطاع الأدوية المستمر في هذه المراكز الصحية يعود إلى سنوات، ما يزيد من معاناة المرضى ويعرضهم لخطر توقف العلاج، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفاة وانتشار سلالات مقاومة للعلاج.
ويعتبر استكمال العلاج جزءاً أساسياً من مكافحة داء السل للحد من انتشاره والحد من مقاومة الأدوية، وهو ما يجعل توفير الأدوية بصفة مستمرة أمراً ضرورياً، فيما يطالب عدد من المتتبعين والمتضررين من المرضى الجهات المعنية بالتحرك السريع لمعالجة هذا النقص، وضمان توفير الأدوية في جميع مراكز العلاج بالجهة، بالإضافة إلى ضرورة مراقبة جودة التدبير على المستوى الجهوي والوطني.





