شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

يا ماتش مين يشتريك

حسن البصري

انهزم فريق عريق يمارس على مستوى عصبة جودار بسباعية، مع ظروف التخفيف، فانبرى رئيسه مهنئا اللاعبين والمدربين والمسيرين، شاكرا لهم جهودهم وسخاءهم وحسن كرمهم مع الخصوم، واصفا كل من ردد «اللهم إن هذا منكر» بالحاقدين المارقين.

ولأنه لا توجد لجنة للأخلاقيات على مستوى عصبة الدار البيضاء لكرة القدم، فإن البيع والشراء في ما تبقى من مباريات أصبح حقا مكفولا.

ولأنه لا توجد منصة للتبليغ عن التلاعب في المباريات، خاصة في الدورات الأخيرة من المنافسات، ولا فزاعة تتربص بكل مسير أو مدرب أو لاعب يحلل البيع والربا، فإن شباك حراس المرمى ستظل مفتوحة على مصراعيها أمام من يدفع أكثر.

الارتشاء وبيع وشراء المباريات كالخمر، اللعنة فيها على حاملها والمحمولة إليه، وعلى من بارك الصفقة وعلى من جعل من الصمت حكمة.

في تسعينيات القرن الماضي، وخلال إحدى مباريات عصبة دكالة لكرة القدم، لاحظ دركي كان في مهمة تأمين مباراة في العمق الدكالي، سخاء حارس المرمى حين فتح شباكه لكل تسديدة مهما كانت وجهتها، بل إنه ناب عن مهاجم في تسجيل هدف في مرماه.

تحول الملعب القروي إلى بؤرة توتر، وتطايرت شظايا الغضب في الملعب وانهال الغاضبون على الفريق الكريم بالشتم والسب، وتساقطت الحجارة على غرفة الملابس كطير أبابيل واختلط الحابل بالنابل.

وفي موقف فيه روح الشهامة، تدخل الدركي واعتقل حارس المرمى السخي، فقضى ليلة في المخفر لتسببه في ما ترتب على بيع مباراة من انفلات أمني رهيب. لكن القائمين على الكرة يريدون اختزال دور أمن الملاعب في حماية الحكام، ودور سيارة الإسعاف في إغاثتهم حين يتعرضون لحجارة من أبابيل الملاعب.

من المفارقات العجيبة أن غالبية المتورطين، في تفويت المباريات، هم من فصيلة المنتخبين وغالبيتهم من المستشارين الجماعيين، الذين تنتفض أجسامهم كلما ذكرت كلمة «تفويت»؛ لا فرق بين ملك عمومي ونتيجة مباراة.

 ولعل الكل يتذكر فضيحة العشر الأواخر من بطولة عصبة الغرب، حين شهدت الملاعب رواجا تجاريا عرضت فيه ذمم فرق للبيع، اهتز لها الرأي العام القنيطري والوطني.. حيث أكرم فريق حسنية سيدي سليمان ضيافة هلال يعقوب المنصور بحصة مدعمة وألحق به خسارة مذلة بحصة تسعة وعشرين هدفا، فقط لا غير، مقابل هدف يتيم، وكادت الحصة أن تكون أكبر لولا استحضار غرباوة ظروف التخفيف والشفقة.

غير بعيد عن سيدي سليمان، وتحديدا في سوق أربعاء الغرب، فاز الاتحاد الغرباوي على «نهضة» القنيطرة، بحصة واحد وعشرين هدفا مقابل ثلاثة أهداف. نسيت أن أذكركم بأن المنافسة تتعلق بكرة القدم وليس بلعبة أخرى.

أيها المراقبون احذروا من كائنات رياضية لا فرق لديها بين مباريات الكرة وموائد الإفطار، سخاء هنا وهناك. فجزء من المسؤولية يتحمله مندوبو المباريات والقائمون على لجان الأخلاقيات التي تحصل على إجازة مدفوعة الأجر في الهزيع الأخير من البطولة.

حين يتعلم شاب في مقتبل العمر دروس البيع والشراء ويصبح تلميذا نبيها في القسمة والجمع والطرح، وحين يبارك الرئيس مساعي المفاوضين وينال حصته من الكعكة، وحين يبتلع مندوب المباراة مداد قلمه ويكتفي بالحوقلة، فسلام هي حتى مطلع الفجر.

الحاجة اليوم إلى من يوقظ لجنة الأخلاقيات من سباتها، بدل إيقاظ الفتنة النائمة في ملاعب العصب الجهوية.

الحاجة اليوم إلى رقم أخضر للتبليغ عن رشاوى المباريات، عن المال الذي يغرق ملاعب الكرة، وعن رؤساء يباركون الإخفاق وينشرون ثقافة التخاذل والهزيمة.

في ملاعب بطولة العصب الجهوية تذبح الروح الرياضية وتنتحر المصداقية.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى