حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

الموت البطيء للطبقة المتوسطة

لا نبالغ إذا قلنا إن الطبقة المتوسطة في بلدنا تعد الضحية الأكبر للأزمة الاقتصادية والمالية التي نمر بها، حيث تدفع منذ أكثر من عقد كلفة كل الإصلاحات التي أعلنتها الحكومات المتتالية، كما تدفع ثمن إخفاقات القرارات العمومية.
وبلا شك فالسياق الصعب الذي نعيشه وسط ارتفاع الأسعار واستقرار المدخول والتضخم المتزايد، رمى بجزء كبير من الطبقة المتوسطة نحو حافة الفقر والإفلاس، لتصبح عاجزة عن الإيفاء بتعهداتها الضرورية وتتخلى عن الكثير منها لتصبح بمثابة الكماليات.

نحن، إذن، أمام عملية تجريف ممنهج لهذه الطبقة، فسنة تلو الأخرى تتآكل رقعة نفوذها لتتسع الهوة بين الطبقة الثرية المحافظة إلى حد كبير على ثباتها النسبي والعددي وربما في ازدياد، والطبقة الفقيرة التي تتسع امتداداتها بعدما التحق بها قسرا مئات آلاف الأسر ممن كانت تصنف قبل سنوات قليلة ضمن قائمة الطبقة المتوسطة، وهذا ما ينذر بخلل كبير يهدد استقرار وتماسك النظام الاجتماعي والسياسي كذلك.

إن هذا التجريف غير الرحيم الذي تتعرض له الطبقة الوسطى بسبب سوء تدبير الأزمة، سيجعل البلاد تدخل في حلقة مفرغة سيكون من الصعب الخروج منها، خصوصا أن مؤشرات الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعلنها المؤسسات الرسمية ستزيد عمقاً وكارثية. والأكيد أنه عندما تسوء أوضاع هذه الطبقة التي تضمن التوازن والاستقرار في أي بلد باعتبارها المحفز الأكبر للاستثمار في التعليم والصحة والإسكان والضامن الاجتماعي للديمقراطية والممارسة السياسية، فمن المعلوم بالضرورة أن أهم متطلب من المتطلبات الأساسية لقيام ديمقراطية مغربية فاعلة هو وجود طبقة متوسطة، كبيرة الحجم بما يكفي ومتماسكة اقتصاديا بما يكفي لحماية الاستقرار الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء.

وللأسف لا زال يعتقد الكثير من الموظفين والتجار المغاربة وهماً أنهم ضمن الطبقة الوسطى لأن مدخولهم يتجاوز مليون سنتيم شهريا، بينما الحقيقة أنهم ضمن فئة الفقر المقنع، فرواتبهم لا تكفي لوضعهم فوق خط الفقر بالنظر للحاجيات المعيشية التي ينبغي إشباعها. نحن، إذن، أمام الموت البطيء للطبقة المتوسطة مع ما يعنيه ذلك الموت من تهديد جدي لاستقرارنا الاجتماعي والسياسي.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى