حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرفسحة الصيف

فيلو فارنزوورث.. رائد التلفزيون الحديث

لا يمكن لأيّ أحد أن ينسب فكرة اختراع التلفزيون لشخص واحد، إذ يبدو أن الوصول إلى الاختراع الكامل لهذا الجهاز العجيب قد تتطلب مسارا طويلا ساهم فيه العديد من المخترعين من جنسيات متعددة. فالمخترع الألماني بول نيبكو كان قد قام بتطوير قرص دوار لنقل الصورة عبر الأسلاك أطلق عليه قرص نيبكو. قام أيضا الأسكتلندي جون لوجي بيرد بأوّل نقل لعرض مرئي للتلفزيون وبث مباشر باعتباره أوّل تلفزيون ميكانيكي في العالم، كما اخترع الروسي فلاديمير زوريكين الأنبوب الكاثودي للأشعة المعدلة. لكن المخترع الحقيقي لما يسمى بالتلفزيون الحديث أو الإلكتروني فهو الأمريكي فيلو فارنزوورث فى سنة 1927 قام بعمل صورة تلفزيونية تتكون من 60 خطاً أفقيا، فكانت الصورة المرسلة عبارة عن علامة دولار ثم نال في نفس السنة نفسها براءة اختراعه. فيلو فارنزوورث (1906-1971)  Philo Farnsworthالذي لمعَت في رأسه فكرة نقل طريفة وهو مازال فتًى في الخامسة عشرة من عمره عندما قرأ مقالاً يتحدّث عن التكنولوجيا المستقبليّة التي ستُتيحُ بثّ صوَرٍ لمسافات بعيدة، وبينما كان يحرثُ حقلَ بطاطس راكبًا على محراثٍ مربوطٍ بحصانٍ في خطوط متوازية ليفهمَ بسرعة الفكرة الجوهرية لنقل صورة عن بعد يتمثل في أنّ شعاعًا من الإلكترونات يستطيع مسحَ صورةٍ معيّنة، خطًّا خطًّا، تمامًا مثلما يمسحُ المحراثُ الحقل. اجتهد فارنزوورث في تحقيق فكرته عن التلفزيون انطلاقا من فهمه الجديد خلال العقدين المقبلين من حياته. هكذا استطاع فارنزوورث سنة 1927 أن يتمكّن من بث صورة لخط مستقيم عبر الهواء، وانطلاقا من سنة 1929 بدأ في تطوير تصميمه الأساسي ليتوصل في الأخير إلى بث صورة لزوجته، الأمر الذي بدا مثيرا للغاية، رغم كونها صورة غير واضحة وضبابية جدا. هذا التصميم الذي أطلق عليه اسم “محلل الصور”، وبذلك صارت الطريق ممهدة لاختراع التلفزيون.

 

الطريق إلى اختراع أوّل تلفزيون حديث

نشأ فارنزوورث في عائلة متوسطة الحال لا تملك المال الكافي تنتمي إلى الطائفة المورمونية، حيث كافح في سبيل الحصول على عمل لإعالة نفسه وعائلته، وفي عام 1919 انتقلت عائلته للعيش في مزرعة، وقد اعتبر فيلو من الأشخاص المحظوظين كونه تلقى العلوم من قبل أستاذه جاستن تولمان الذي ساعده على فهم الكثير من الأمور المتعلقة بالعلوم  وأزال عنه الشعور بالملل بسبب فهمه السريع وتفوقه الكبير على زملائه في المدرسة. بدأ فيلو فرانزوورث يدرسُ في الجامعة، حيث استخدَم أجهزَتها لتطوير الأبحاث التي ستؤدّي يومًا ما إلى بناء التليفزيون الإلكترونيّ. لكنّه لم ينجح في التقدّم كثيرًا، ذلك أنّه كان يفتقر إلى مصادر التمويل لأبحاثه، ولأنّه خلال وقتٍ قصير اضطرّته وفاة والده إلى ترك الدراسة الجامعية والمساعدة في إعالة أسرته. فهِمَ فرانزوورث أنّ فكرة التلفزيون الإلكترونيّ هي فكرةُ اختراعٍ له إمكانيّةٌ تجاريّة كبيرة وستدرّ أرباحا طائلة لذلك عمل على تقديم فكرته للشركات ورجال الأعمال من أجل تمويل أبحاثه. وبعد نضال طويل وشاق استطاع الوصول إلى مراده وتسجيل براءة الاختراع باسمه. كان فرانزوورث في حاجةٍ إلى جهازٍ إلكترونيٍّ يفكّك الصورة ويحوّل مركّباتها، خطًّا خطًّا، إلى نبضات كهربائيّة، وإلى كاميرا خاصة وجهاز مستقبل يجمع الصورة من جديد. كان الجهازان في متناول يده عام 1927، ولكنّه لم ينجح في محاولاته الأولى، في بثّ الصوَر، وإنما مجرّد ومضات ضوئيّة. خلال شهرٍ تقريبًا، كان في الإمكان بثُّ صورةٍ بسيطة: خطّ عموديّ أو أفقيّ. شيئًا فشيئًا، كان في الإمكان أيضًا بثُّ صوَرٍ أكثر تعقيدًا، عِلمًا أنّ الصوَر لم تكن ثابتة أو واضحة. تم إجراءُ البثّ العَلني الأوّل لتلفزيون فيلو فرانزوورث منتصفَ سنوات الثلاثين في معهد Franklin Institute  بمدينة فيلادلفيا. من حضروا وكانوا كثيرين استطاعوا مشاهدة أنفسهم على شاشة التلفزيون الأولى التي أظهرَت جمهورا. تحققت فكرة فرانزوورث من الناحية التكنولوجيّة بعد أكثر من عشر سنواتٍ على إعلانِه إياها. رغم ذلك، مرّت سنواتٌ كثيرةٌ قبل أن يصبح التلفزيون على ما هو عليه اليوم. تعرّض فيلو فرانزوورث إلى الكثير من المشاكل والمضايقات وأجبر على اللجوء إلى المحاكم لتثبيت براءة اختراع التلفزيون، إضافة إلى الاحتيال عليه وسرقة اختراعه. خرج منها، بعد جهود مرهقة ومتعبة أوصلته إلى الإصابة بالإنهيار العصبي، لكن عزيمته وقوة صبره وقدرته على التحمل مكنته من الخروج منتصرا وتأكيدا لأحقيته في اختراعه.

 

مسار مخترع سيّئ الحظ

استمرّ فرانزوورث في إجراء أبحاثٍ مختلفة بشكل متلاحق، وكان أيضا من بين اختراعاته تطويره المجهر الإلكترونيّ. كما قدم ما يناهز 300 براءة اختراع من بينها اختراعاته في تطوير الرادار وأجهزة الرؤية الليلية بالأشعة تحت الحمراء، إضافة على ابتكار وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة… لكن كان أفضل اختراع له هو أول جهاز يعمل بكامل طاقته الإلكترونية أنبوب كاميرا الفيديو، وهو أول نظام تليفزيوني كامل، وأيضا هو أول شخص استطاع إثبات مثل هذا النظام للناس، فقد وضع نظاما للتليفزيون الكامل مع الكاميرا وأنتجه تجاريا عن طريق شركته  فارنزوورث للتلفزيون والراديو من سنة 1938 حتّى سنة 1951. لكن، عرف هذا المخترع العبقري سوء حظ كبير حيث لم تستفد شركته المنتجة لأجهزة التلفزيون في مجال التسويق والأرباح، كما صادفت دخول أمريكا إلى الحرب العالمية الثانية فتحول انتاج شركته ومعاملها إلى إنتاج أجهزة الرادار. في سنة 1947 أصبحت براءات اختراعاته متقادمة ومتاحة للجميع، ولم يعد بإمكانه تحقيق الثراء، ليسقط مجددا في حالة نفسية عصيبة. توقف بعدها منذ سنة  1949 وحتّى وفاته عن الاهتمام بأيّ شيء يمتّ بصلة إلى التلفزيون.  في سنة 1983، وبعد وفاته بعقد من الزمن، تمّ تكريم ذكراه على شكلٍ طابعٍ بريدي يحملُ صورته الشخصيّة كأبرز المخترعين خلال القرن العشرين.

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى