شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

جطو يعري «كوارث» بنكيران والعثماني أمام البرلمان

جميع أنظمة التقاعد وصناديق التأمين الصحي مهددة بالإفلاس بسبب الإصلاحات الفاشلة

محمد اليوبي

فضح إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أول أمس الثلاثاء، في جلسة مشتركة بين مجلسي البرلمان، «الكوارث» الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها الحكومة السابقة، بقيادة الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، والحكومة الحالية، بقيادة الأمين العام الحالي للحزب، سعد الدين العثماني، ودق جطو ناقوس الخطر من أجل التدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ومن خلال تقييمه لمعطيات المالية العمومية، من خلال عرض قدمه أمام مجلسي البرلمان، حول أعمال المحاكم المالية برسم سنة 2018، وقف جطو على بعض العوامل التي تعتبر بمثابة تحديات تواجه تدبير المالية العمومية على المديين القصير والمتوسط، مؤكدا وجود فئات من المخاطر تهدد المالية العمومية، منها التحكم في مستوى عجز الخزينة، حيث سجل المجلس تفاقم هذا العجز الذي وصل سنة 2018 إلى 41,35 مليار درهم أي ما يعادل 3,7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، بعد أن كان في مستوى 3,5 بالمائة سنة 2017 ، ومن ضمن هاته المخاطر، حسب جطو، تلك التي تهم المستوى المرتفع للدين العمومي ووتيرته التصاعدية كنتيجة لتفاقم عجز الخزينة، مشيرا إلى تزايد حجم دين الخزينة بأكثر من الضعف منذ 2009 حيث انتقل من 345,20 مليار درهم ليبلغ مستوى 750,12 مليار درهم نهاية 2019، بما يمثل 65,3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وبزيادة تناهز 27,4 مليار درهم مقارنة مع سنة 2018.
أما عن جاري الدين العمومي الكلي، أي دين الخزينة بالإضافة إلى ديون المؤسسات والمقاولات العمومية المضمونة من طرف الدولة، دون احتساب ديون الجماعات الترابية والديون غير المضمونة، فقد بلغ ما قدره 901,1 مليار درهم، أي ما يمثل 81,4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وخلص جطو إلى أن هذه المعطيات تدل على أن الهدف المتوخى لبلوغ مستوى من الدين يناهز 60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في أفق 2021، أصبح «أمرا صعب المنال».
وأبرز جطو أن المجلس وقف، من خلال تقييمه لمعطيات المالية العمومية، على بعض العوامل التي تعتبر بمثابة تحديات تواجه تدبير المالية العمومية على المديين القصير والمتوسط، تهم، بالإضافة إلى إشكالية ديمومة أنظمة التقاعد، الحسابات الخارجية، إذ على الرغم من النتائج الإيجابية التي سجلت خلال السنوات الأخيرة من خلال تنامي الصادرات في العديد من القطاعات، كالفوسفاط ومشتقاته والمنتجات المرتبطة بالمهن العالمية للمغرب والمنتوجات الفلاحية، فإن عجز الميزان التجاري يعرف تفاقما متزايدا نتيجة ارتفاع الواردات، خاصة تزايد الفاتورة الطاقية والمشتريات من سلع التجهيز.
ومن جهة أخرى، أكد جطو فشل إصلاح أنظمة التقاعد الذي مررته الحكومة السابقة، وشدد على أن إصلاح أنظمة التقاعد «يستدعي تدخلا حاسما لتسريع وتيرته قصد تفادي نفاد الاحتياطيات». وقال جطو: «أود أن أؤكد مرة أخرى أن الأمر يستدعي تدخلا حاسما لتسريع وتيرة الإصلاح قصد تفادي نفاد الاحتياطيات وأثره السلبي على ديمومة أنظمة التقاعد وعلى الادخار وتمويل الاقتصاد الوطني»، وتابع بالقول: «سبق لي من خلال مداخلاتي أمام مجلسيكم الموقرين أن تناولت بالتفصيل وضعية هذه الصناديق والمخاطر الكبيرة التي تمثله مؤشرات العجز على توازن المالية العامة، غير أنه لحد الآن لم يتم الشروع بعد في المراحل الموالية للإصلاح في اتجاه إحداث قطب موحد للقطاع العمومي يستجيب لشروط التوازن والاستدامة ولقواعد الحكامة الجيدة».
وسجل جطو أن إشكالية ديمومة أنظمة التقاعد لا تزال مطروحة، مشيرا إلى أن العجز التقني للنظام المدني لمعاشات الصندوق المغربي للتقاعد بلغ، مع متم سنة 2019، ما مجموعه 5,24 مليارات درهم بعد أن كان سجل 6 مليارات درهم سنة 2018، و5,6 مليارات درهم سنة 2017، كما تراجعت احتياطياته إلى 9, 75 مليار درهم، وأضاف أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعرف، بدوره، الوضعية نفسها ولو بحدة أقل، في حين يسجل النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فائضا تقنيا ضئيلا لا يتجاوز 1 مليون درهم إثر ارتفاع موارده ارتباطا بتزايد أعداد المنخرطين، محذرا من أن توازنات الصناديق الثلاثة للتقاعد «قد تواجه مخاطر متزايدة».
وسجل المجلس الأعلى للحسابات أن تدبير نظام التأمين الإجباري عن المرض يعاني اختلالات، منها تلك المتعلقة بالحكامة وتغطية نفقات خدمات العلاج. وحسب جطو، فإنه يتبين من خلال المهمتين الرقابيتين اللتين أنجزهما المجلس على مستوى الصندوقين المشاركين في تدبير نظام التأمين الإجباري عن المرض، أن هذا «النظام استغرق آجالا طويلة لتفعيل كل مكوناته، بالإضافة إلى أن تدبيره يعاني من مجموعة من الاختلالات المتعلقة بالحكامة وتغطية نفقات خدمات العلاج والتوازن المالي للنظام».
وسجل المجلس أن الوضعية المالية لنظام التأمين لفائدة أجراء القطاع الخاص حافظت على التوازن طيلة الفترة الممتدة ما بين 2006 و2018، إلا أن هذا الوضع يمكن أن يتغير خلال السنوات المقبلة نتيجة تنامي استهلاك العلاجات والخدمات الطبية والرفع المرتقب لمستويات التعرفة المرجعية الوطنية، وعلى عكس ذلك، فإن النظام المتعلق بموظفي القطاع العام عرف تدهورا مستمرا خلال فترة 2018-2009، حيث سجلت سنة 2016 أول عجز تقني، والذي بلغ ما يناهز 273 مليون درهم في 2018، وتعزى هذه الوضعية، حسب جطو، أساسا إلى ضعف تطور المداخيل ولعوامل أخرى منها عدم مراجعة نسب الاشتراكات منذ أزيد من 14سنة، ووضع سقف لمبلغ الاشتراك في حدود مبلغ 400 درهم في الشهر كيفما كان مستوى الأجر، وتدهور المؤشر الديموغرافي لتغطية المنخرطين النشيطين بالمقارنة مع أصحاب المعاشات، والذي تراجع خلال الفترة 2018-2006 من 3,8 نشطاء لكل متقاعد واحد إلى1,7.
واعتبارا لكل هذه المعطيات، خلص جطو إلى أن «نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لموظفي القطاع العام لن يسترجع توازناته دون الرفع تدريجيا لنسب الاشتراكات، أخذا بعين الاعتبار الانعكاسات المالية الحالية والمرتقبة لمختلف عناصر التكاليف التي يتحملها النظام على المدى القصير والمتوسط».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى