أصغر السياسيين
شبان وشابات حملتهم الصناديق لدائرة صنع القرار بالجماعات والبرلمان
حسن البصري
راهنت الأحزاب السياسية على تشبيب مكوناتها والقطع مع الوجوه القديمة، وشهدت انتخابات ثامن شتنبر انخراطا واسعا للشباب في عملية الاقتراع، سواء كمرشحين أو كناخبين، وهو ما عكسته نسبة المشاركة المهمة المسجلة والتي تجاوزت 50 في المائة.
لكن المعطيات الإحصائية التي أفرزتها عملية الاقتراع الصادرة عن وزارة الداخلية، أكدت أن المنتخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة لا تتجاوز نسبتهم 8 في المائة من مجموع الفائزين في الانتخابات.
لهذا عبرت حكومة الشباب الموازية عن أسفها لهذه النسبة، رغم ما قيل عن تجديد النخب، مؤكدة أن «معظم الهيئات السياسية دخلت غمار المنافسة، بوجوه تقليدية معروفة تعتبر آلات انتخابية تحصد المقاعد»، باستثناء بعض اللوائح المحدودة. كما سجلت عجزا واضحا لبعض الأحزاب عن تشبيب مرشحيها، ومجاراة التوجهات العامة بالمغرب.
لكن في المقابل سجل المتابعون للشأن السياسي ارتفاعا ملحوظا في عدد المرشحين الشباب، سيما وأن الدعم العمومي للأحزاب السياسية، بحجم تمثيلية الشباب في اللوائح المحلية. وقد تعزز هذا الحضور اللافت بانتخاب عدد غير مسبوق من الشباب، الذين تحولوا من كتلة ناخبة إلى أشخاص في دائرة صنع القرار المحلي والجهوي المساهمة في المراقبة والتشريع، وهي فرصة للتجاوب مع مطامح الشباب وترجمتها على أرض الواقع، مع تسجيل نسبة مهمة من الشابات في غرفة القيادة السياسية، خاصة في تدبير الشأن الجماعي.
يضيق المجال هنا لتسليط الضوء على كل قطع الغيار الجديدة التي عوضت قطعا صدئة، كما يصعب تقييم هذا التحول، والتكهن بمستقبل تتناغم فيه أحلام الحملات الانتخابية مع واقع الممارسة السياسية، علما أن المعارضة التي تتكون من الوجوه التقليدية قد أخذت تحصيناتها في خندق قبالة مكتب الرئيس، ونشرت قواتها الاحتياطية في تراب الجماعة، لتعقب هفوات منتخبين تعوزهم التجربة ويسكنهم فائض من الطموح.
في التجربة البرلمانية السابقة كان لقب أصغر برلمانية في حوزة اعتماد الزاهيدي، نائبة حزب العدالة والتنمية، التي انتقلت إلى حزب «الحمامة»، قبل أن تدخل وئام لمحرشي التجربة عن حزب «الجرار» وعمرها لا يتجاوز 27 سنة.
إلهام بلكاس.. تلميذة توزع وقتها بين مكتب رئاسة الجماعة والفصل الدراسي
لفتت إلهام بلكاس أنظار متتبعي الشأن العام المحلي ووسائط التواصل الاجتماعي، حين أصبحت رئيسة للجماعة القروية سيدي الذهبي، التابعة لتراب إقليم سطات. حيث حققت نتائج مبهرة في انتخابات الثامن من شتنبر، باسم حزب التجمع الوطني للأحرار.
ولعل المثير في قضية إلهام كونها أمام رهانين كبيرين، رهان سياسي يفرض عليها تحقيق انتظارات المواطنين، ورهان دراسي يحتم عليها الظفر بشهادة البكالوريا، ناهيك عن القيمة الاعتبارية التي ستحظى بها في المدرسة وفي الفصل مع زملائها في القسم.
سيظل يوم 20 شتنبر 2021، تاريخا مشهودا في حياة الفتاة إلهام، إذ تم انتخابها رئيسة لجماعة سيدي الذهبي التابعة لدائرة ابن أحمد الشمالية، بحصولها على 11 صوتا مقابل 7 أصوات في مواجهة خصمها السياسي الصديق بومحطة، الاستقلالي والرئيس السابق للجماعة ذاتها، كما كونت مكتبا وضعت من خلاله رفاقها في حزب «الحمامة» نوابا لها.
وعلى الرغم من ضعف صبيبها السياسي، وهو ما ظهر خلال مداخلتها مباشرة بعد انتخابها على رأس الجماعة، إلا أن إلهام لفتت نظر الساكنة بحسن تواصلها، وقدرتها على خوض التحدي في منطقة تعيش حالة هشاشة على مستوى التنمية المحلية، رغم حداثة سنها من جهة، وصعوبة المسالك أمام فتاة تعيش أولى تجاربها في صنع القرار المحلي.
نوهت إلهام في أكثر من حوار صحفي، بدور أسرتها ومحيطها في هذه النقلة النوعية من حياتها، ونبهت الرئيسة الشابة إلى كونها عازمة على إتمام دراستها بالموازاة مع مهام التسيير، رفقة فريق متجانس من أبناء المنطقة عبارة عن خليط من كفاءات المجتمع المدني والفاعلين السياسيين بالمنطقة.
تطرح أمام الشابة بلكاس أولويات أبرزها الرهان على فك العزلة عن المنطقة، والانتقال بها من معبر طرقي إلى جماعة تنعم بالمسالك الطرقية وبالماء الصالح للشرب والكهرباء والتعليم والصحة، لذا قالت الرئيسة إن الرهان الكبير سيبدأ بإعلان الحرب على الهدر المدرسي، سيما في صفوف الفتيات، حيث يضطر التلاميذ إلى قطع عشرات الكيلومترات صوب ثانوية في مدينة ابن أحمد.
وقالت إلهام إن ضعف تجربتها السياسية لا يشكل لها عائقا في تدبير المرفق الجماعي، «مع مرور الوقت سأتعلم كل شيء، وسأحرص على الاستمرار في الدراسة بالاهتمام نفسه، العمر ليس عائقا فإذا كنت صغيرا أو كبيرا، وكنت تحلم بالوصول إلى شيء معين، فستصل إليه، سواء في السياسة، أو غيرها من المجالات الأخرى.
نورة.. طالبة جامعية اتحادية تترأس مجلس جماعة سيدي بورجا
توجد جماعة سيدي بورجا في عمق إقليم تارودانت، ضمن جهة سوس ماسة درعة بالمغرب، وهي قرية تعيش على الفلاحة والرعي على غرار كثير من قرى المنطقة.
قبل الانتخابات الجماعية لهذه الدائرة الترابية، اختار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية شابة تدعى نورة تحوسة كمرشحة باسم حزب «الوردة» في الاستحقاقات الانتخابية للثامن شتنبر الماضي، اعتقد الجميع أن الزج بهذه الشابة في معترك مغامرة غير محمودة العواقب، بمنطقة ظل تدبير الشأن المحلي فيها حكرا على وجهاء المنطقة الذين عركتهم السياسة.
كانت نورة طالبة تتراقص أمام عينيها أحلام التفوق في مدرجات جامعة ابن زهر، التي تنتمي إليها، أو دخول غمار حياة جامعية خارج الوطن كأعلى سقف للطموح التعليمي، وحين ظهرت صورة هذه الفتاة بريئة التقاسيم في ملصقات الحملة الانتخابية، تساءل الناس عن حسبها ونسبها وقدرتها على مواجهة صقور الانتخابات.
في الساعات الأولى من صباح التاسع من شتنبر المنصرم، أوردت الصفحة الرسمية لفرع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتارودانت خبرا يقول: «رسميا الشابة نورا تحوسة رئيسة جماعة سيدي بورجا»، قبل أن يتم التأكد بأن هذه الفتاة هي أصغر مرشحة في الإقليم.
وقوبل خبر نجاح تحوسة بترحاب كبير بين نشطاء وسائط التواصل الاجتماعي، الذين رأوا فيه نجاحا للشباب وإشارة مهمة إلى الأجيال الصاعدة كي تخوض غمار الشأن العام من منطلق تحمل المسؤولية على جميع الأصعدة والمستويات، قبل أن تتمكن من الظفر برئاسة مجلس جماعة سيدي بورجا، وتراهن على الجمع بين واجباتها الدراسية والسياسية، سيما وأن مشاكل الجماعة ستأخذ منها وقتا طويلا.
أمام هذه الشابة ملفات عديدة تحتاج إلى استنفار حقيقي، خاصة وأن السكان ظلوا لسنوات مجبرين على التعايش مع انقطاع الماء، ونظموا عشرات الوقفات الاحتجاجية بسبب العطش الذي ضرب العديد من الدواوير، ناهيك عن رهانات أساسية كالتمدرس والتطبيب.
رمضان بوفريو.. تلميذ انقطع عن الدراسة ونذر حياته للسياسة
عمره 20 سنة، لكن طموحه أضعاف هذا السن. رمضان من مواليد 2001 بجماعة تركي وساي، المنتمية لإقليم أسا الزاك التابع لتراب جهة كلميم واد نون، بدأ الفتى دراسته الابتدائية في مسقط رأسه، قبل أن ينتقل إلى جماعة لقصابي المجاورة من أجل متابعة دراسته الثانوية، لكنه لم يتمكن من استكمال دراسته وسط معاناة التنقل وقساوة ظروف الحياة، ما دفعه للخروج إلى عالم الشغل حيث امتهن التجارة بالتقسيط، من أجل كسب قوت يومه وإعالة أسرته وفقا لما كشف عنه الفتى خلال حملته الانتخابية.
اختار الولد دخول الاستحقاقات المحلية الأخيرة، وقدم نفسه كمرشح شاب ووجه جديد بألوان حزب التجمع الوطني للأحرار، وحاز ثقة ناخبي الدائرة الخامسة وبعدها ثقة زملائه المستشارين بمجلس جماعة تركى وساي، ليكون بذلك أصغر رئيس جماعة بالمغرب.
خلال حملته الانتخابية ظل بوفريو يقدم للمواطنين صورة مكبرة عن حياته الخاصة، وهو يراهن على الشباب حيث يدعوهم للتوجه إلى مكاتب التصويت من أجل المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، كان يقول لهم وهو يوزع منشورات الحملة: «المهم أن تشاركوا في الاقتراع سواء أصوتتم لفائدتي أو ضدي»، تبين أن الفتى يتقن فن التفاوض رغم مقاطعته للفصول الدراسية بسبب ظروف اجتماعية قاسية حالت دون استكمال المسار التعليمي.
في يوم الاقتراع اكتسح الولد رمضان الانتخابات وغمرت ورقته صناديق الاقتراع بالرغم من وجود منافسة شرسة مع أسماء عركتها السياسة، وحين انتقل الجميع للشوط الثاني من المنافسات وحل يوم انتخاب رئيس لمجلس الجماعة، تمكن رمضان البالغ من العمر 20 سنة، من الحصول على رئاسة المجلس رغم انتهاء المباراة الانتخابية بالتعادل ثمانية أصوات لكل فريق ضمن تحالف يجمع الأحرار والأصالة المعاصرة ليتم انتخاب العضو الأصغر سنا في شخص الفتى رمضان بوفريو الذي تبوأ منصب رئيس الجماعة وأصبح يتنقل في سيارة الجماعة ويجلس في مكتب مكيف ويفضل التواصل عبر صفحته الفايسبوكية التي اعتبرها مكتب الشكايات المفتوح ليل نهار.
وقال الشاب رمضان بعد فوزه في تدوينة نشرها على حائطه الفيسبوكي: «إننا نحن الشباب نحمل مشروعا سياسيا يستحق الوقوف عنده، وسيسجل التاريخ بمداد الذّل تخاذل البعض على الأقل، وبعد مرور هذه المحطة الانتخابية المهمة، سنخلد للنوم بضمائر مرتاحة، أما من يلتف حول أصحاب المال والمصالح الشخصية، طامعا في دريهماتهم غير المشروعة، فسيتذكره الجميع كخائن».
هكذا غير مومو جلده من الاتحاد إلى الأحرار فضمن الاكتساح
رغم طراوته الجسدية، إلا أن السنوات التي قضاها ناصر الدين في تدبير الشأن الجماعي لمجلس جماعة سبت النابور، مكنه من فهم المنطقة والتمكن من خيوطها، لقد كانت الصحة ضمن أولويات عمل هذا الشاب خلال ولايته السابقة، حتى ولو تطلب منه الأمر الاعتماد على وحدات طبية متنقلة من سيدي إفني أو من كلميم، وكان التعليم في الوسط القروي وفك العزلة من بين رهانات مرحلته.
من الصعب تجديد الثقة في منتخب عاش سنوات في خط النار، وتعرض لسيل من الانتقادات لاسيما بعد واقعة نقل مستشفى ميداني من هذه الجماعة إلى إقليم خنيفرة في عز فصل الشتاء، لكن الشاب ناصر ظل يحرص على نقل المبررات للساكنة عبر صفحته التي تحيطهم علما بأدق تفاصيل المفاوضات مع عامل الإقليم، كان الرئيس حينها يحمل ألوان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قبل أن يقرر تغيير جلده السياسي ويلتحق بحزب التجمع الوطني للأحرار.
ويبدو أن قناعته الراسخة بأن التنمية المحلية والجهوية مرتبطة بالألوان السياسية لرؤساء الجماعات والوزراء، فقد كشف في أكثر من تدوينة بأن بناء مستوصف في منطقة نائية يتم بسرعة حين يكون رئيس الجماعة من حزب الوزير وهذا ينطبق على كثير من القطاعات الحيوية.
كان الولد يمقت تقارير التشخيص الموضعي ويعتبرها مجرد توصيات تولد ميتة، ويعتبر الاتفاقيات الفارغة مجرد وعود فارغة كما ورد في كثير من تدويناته، ما جعل خطابه أقرب إلى الواقعية، إذ نادرا ما يتحدث مسؤول جماعي بهذه النبرة الصريحة وعن التهميش الممنهج لجامعات المغرب غير النافع رافعا شعار: «الأجرأة على أرض الواقع هو ما ينشده المواطن».
حين دخل مومو الانتخابات آمن بأن التحالفات هجينة وأن رئاسة المجلس تفرض الحصول على اكتساح حقيقي للدوائر الانتخابية، وهو ما حصل في جماعة سبت النابور، إذ تمكن حزب الحمامة من الهيمنة على المجلس بشكل مطلق.
فاطمة الزهراء لكرد تفوز برئاسة فضالات بعد ثلاث جولات
يقول معارضوها إن منصب رئيسة مجلس جماعة فضالات أكبر من فاطمة الزهراء، وأن وجودها على رأس مجلس جماعي أنجبته رغبة في التصدي لأشخاص آخرين، لاسيما وأن الجماعة بدون موارد مالية وأن مستواها التعليمي لا يتجاوز حدود الثانوي، بينما يرى حزب التقدم والاشتراكية بالمنطقة أن انتخاب فاطمة الزهراء ينسجم مع الخط الإيديولوجي لحزب «الكتاب».
لكن رئيسة الجماعة أصبحت أول فتاة تترأس جماعة على مستوى إقليم بنسليمان، وتنتمي لسلالة عائلية لها سوابق في الانتخابات، علما أن حزب «الكتاب» اختار المعارضة في كل المجالس الذي دخلها، بالرغم من أن رهانه الأول هو وصول نجل الزايدي للانتخابات البرلمانية.
في يوم الاثنين الماضي تم انتخاب فاطمة الزهراء لكرد رئيسة جديدة لجماعة فضالات بإقليم بنسليمان خلفا لمصطفى الملوكي المنتمي لنفس الحزب، بعد التعادل بين الفريقين المتنافسين بحصولهما على تسعة مقاعد لكل منهما.
لم يكتمل النصاب القانوني في الجلستين الأولى والثانية، ليتم اختيار المرشح الأصغر سنا من المترشحين الاثنين للرئاسة، فاطمة الزهراء لكرد المنتمية لحزب التقدم والاشتراكية ومحمد صدقي المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ما أسفر عن تنصيب الشابة فاطمة وهي من مواليد سنة 1995، في الجولة الثالثة من التنافس بعد تساوي الأصوات.
ومن المفارقات العجيبة في المشهد الانتخابي بجماعة فضالات، قبول الرئيس السابق للجماعة مصطفى الملوكي بلعب دور ثانوي مكتفيا بمنصب النائب الثاني لفاطمة الزهراء، وهو الذي برر هذا التنازل بـ «تغليب المصلحة العامة على المصلحة الذاتية»، وأنه حافظ على تماسك كتلته المتعادلة مع حزب التجمع الوطني للأحرار إلى غاية تحقيق هذا المبتغى، في واحدة من المواقف النادرة التي جمعت حزب الكتاب بحزب الحمامة.
حرمة الله.. مهندس شاب ينهي هيمنة الأعيان على مجلس الداخلة
تمكن الشاب الراغب حرمة الله من الظفر بمنصب رئيس المجلس البلدي لمدينة الداخلة، حيث راهن على لم شمل الأطياف السياسية من أجل تنزيل سليم لبرامج تنموية قادرة على ضمان العيش الكريم لساكنة المنطقة، ودعا إلى تحالف موسع يضع مصلحة الداخلة فوق كل الحسابات السياسية.
حصل حرمة الله على 33 صوتا مقابل امتناع حزب العدالة والتنمية عن التصويت، إذ جرى انتخاب رئيس البلدية الشاب خلال جلسة عامة حضرها عدد من ممثلي السلطات المحلية، في جو سيطر عليه مناخ التوافق الذي مكن من انتخاب شاب من مواليد 1991 يتأبط شهادات عليا، ليحل محل الرئيس السابق صلوح الجماني.
فاجأ الرئيس الجديد حرمة الله الحاضرين بعرض أولويات عمله، وقال إن التقليص من البطالة يشغل باله، مشيرا إلى إمكانية فتح أوراش لتجفيف منابعها، دون نسيان الأولويات الأساسية كالتعليم والصحة، علما أن الرئيس يعد من الكفاءات الشابة وهو الحاصل على دبلوم مهندس دولة في المعلوميات وتسيير المقاولات.
ويحسب لحزب الحمامة، بالداخلة منحه تزكيات لشباب واعد أغلبهم من فضاء العمل الجمعوي، رغم أنها عاشت في الظل خلال فترة انضمامها لأحزاب تحت سيطرة الأعيان، ومن شأن هذا التوجه أن يصالح الشباب مع العمل السياسي بعد قطيعة طويلة، ويمنحه تأشيرة عبور ميدان كان حكرا على الأعيان.
خلال حفل تسليم السلط والتوقيع على المحاضر، بين الرئيس المنتخب الجديد الشاب الراغب حرمة الله، والرئيس السابق سيدي صلوح الجماني، الذي كان يترأس الجماعة الترابية لمدينة الداخلة لعدة سنوات، حيث مرت هذه العملية، في جو أخوي بين ذات الشخصيات السياسية، مما يدل على مكانة حرمة الله الذي يحظى باحترام داخل الأوساط الاجتماعية بمدينة الداخلة.
المحكمة الإدارية تصادر فرحة الشابة نجية بسبب طعن في السن
لم تتجاوز فرحة الشابة نجية صديق بنيل رئاسة مجلس جماعة مستكمار التابعة لدائرة العيون الشرقية بإقليم تاوريرت سوى ساعات قليلة، قبل أن تفاجأ باعتراض معارضيها على انتخابها رئيسة للجماعة وتحرير طعن رسمي في الموضوع بسبب عدم أهليتها العمرية.
ورغم أن القضية ما زالت في ردهات الاستئناف، إلا أن قرار المحكمة الإدارية في وجدة القاضي بقبول طعن فوز نجية صديق، البالغة من العمر 19 سنة، عن حزب الأصالة والمعاصرة، ترك ردود فعل قوية في الجماعة ولدى الساكنة.
قضت المحكمة الإدارية، بتاريخ 23 شتنبر الماضي، «بقبول الطعن في انتخاب المستشارة بالدائرة رقم 7، مكتب التصويت رقم 1، وقضت بإلغاء نتيجة الاقتراع ليوم 8 شتنبر الماضي، ويتعلق الأمر بالمقعد الملحق بالنساء الذي فازت به المطعون في فوزها المستشارة نجية صديق، مع ترتيب الآثار القانونية اللازمة». كما يقول منطوق القرار رقم 2293، الذي أوضح أن الطعن كان وراء تحريكه مستشار استقلالي عن طريق محامي أدلى بما يثبت عدم توفر المستشارة البامية على السن القانوني للترشح وفقا لمقتضيات القانون رقم 59.11 وخصوصا المادة 4 منه، التي تنص على أن السن القانوني للمرشح يجب أن يكون في 21 سنة من اكتمال الدورة الشمسية، مما أسفر عن إسقاط عضويتها بجماعة مستكمار القروية، بعد حصولها على ثمانية أصوات من مجموع 16 مقعدا.
ولازال أمام صديق فرصة لاستئناف قرار المحكمة الإدارية بوجدة، أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، كما يعول أنصار الرئيسة الشابة، على الاستئناف لنقض الحكم الابتدائي، خاصة مع وجود اجتهادات قضائية سابقة جازت لمن لم يستوفوا سن 21 سنة، برئاسة مجالس جماعية، غير أن الطاعنين يتمسكون بأن السكن القانوني للترشيح هو 21 سنة.
ياسين عكاشة.. برلماني مثل أبي
تمكن ياسين عكاشة نجل الراحل مصطفى عكاشة، من الفوز بمقعد برلماني باسم التجمع الوطني للأحرار، إلى جانب الاستقلالي محمد كريمين، وسعيد الزايدي، بل إن الشاب ياسين العائد من تجربة دراسية في ألمانيا قد اختار دائرة بنسليمان لدخول غمار الانتخابات، علما أنه ظفر بمنصب رئيس جماعة موالين الواد التي ظلت معقلا لعائلة عكاشة.
في شهر ماي الماضي تم رسميا تزكية ياسين عكاشة من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار وذلك لخوض المنافسات الانتخابية البرلمانية بإقليم بنسليمان، وجاءت التزكية بدعم من شقيقه الأكبر حسن عكاشة الذي كان برلمانيا لنفس الحزب ونفس الإقليم، بسبب ظروف صحية حالت دون استكمال مساره الانتخابي. علما أن عائلة عكاشة ارتبطت بالشأن المحلي والإقليمي على مستوى الإقليم، منذ عدة عقود، حيث كان الوالد الراحل مصطفى عكاشة يرأس جماعة موالين الواد المعروفة لدى ساكنة إقليم بنسليمان بـ «أولاد زيان».
كما تولى مصطفى عكاشة رئاسة الجماعة ذاتها لخمس ولايات كانت كلها باسم حزب التجمع الوطني للأحرار وفي الفترة ذاتها تقلد حينذاك رئاسة مجلس المستشارين. ويذكر أن ياسين عكاشة تربى هو الآخر في وسط حزب «الحمامة» وتحمل منذ فترة هامة مهمة رئاسة منظمة الشبيبة التجمعية لجهة الدار البيضاء سطات.
فور انتخاب ياسين رئيسا لجماعة موالين الواد، شرع في تفقد احتياجات الساكنة التي راكمها من خلال حملته الانتخابية، مع التركيز على الأعطاب التي تعاني منها بعض قنوات الربط، خاصة في ظل مطالب الساكنة بالربط الفردي بالماء الصالح للشرب.
عبد الواحد الراضي أصغر نائب برلماني في أول برلمان
دخل عبد الواحد الراضي غمار الانتخابات التشريعية، فقد خاض وهو شاب غمارها باسم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، في أول انتخابات تنظم في المغرب، وكان ذلك عام 1963، حيث نجح في الحصول على مقعد نيابي في أول برلمان منتخب في تاريخ البلاد. وكان الراضي حينها في سن السادسة والعشرين، واعتبر حينها أصغر نائب برلماني، دون أن يعلم أنه سيصبح يوما أقدم برلماني في العالم. الأكثر مكوثا في هذا المنصب.
انشق الراضي مع رفاقه عن حزب الاستقلال وشكل تيارا يساريا منشقا تحول مع مرور الأيام إلى حزب قائم الذات اسمه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، قبل أن يصبح من صقور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ومنذ ذلك الحين لم يغادر الراضي مقعده النيابي، حتى صار يحمل لقب «شيخ البرلمانيين».
لم يكن الراضي وهو يدخل القبة شابا يافعا يفيض حماسا، يعلم أنه سيتحول بسبب عاديات الزمن إلى حكيم يتابع جلسات البرلمان بهدوء واتزان، لم يكن عبد الواحد الفتى القادم من الغرب، يظن يوما أنه سيصبح رئيسا لمجلس النواب. وأنه سيقضي ما تبقى من عمره تحت قبة هذه المؤسسة التشريعية.
لم يكن الراضي متطفلا على العمل النيابي، بل دخل عالم الانتخابات وهو متأبط لشهادة علمية من جامعة السوربون في تخصص علم النفس الاجتماعي، وكأني بالرجل يغوص في دواخل الكتلة الناخبة ويفهم ما يحركها.
لم يكتف الرجل بعد أن استأنس بجدل البرلمان وعايش أقوى لحظاته، بصفة البرلماني بل انتخب رئيسا للاتحاد العالمي البرلماني قبل عشر سنوات. ورغم بلوغه سن الـ87 إلا أنه يصر على أن يظل ذاكرة حية للعمل النيابي.
ويرى بعض البرلمانيين الذين عاشوا برلمان ملتمس الرقابة وواكبوا حله، بأن محمد الوفا دخل البرلمان صغير السن، وكان أعوان مجلس النواب يستوقفونه عند الباب معتقدين أنه مجرد شاب متسلل، مع العلم أن الوفا الذي سيصبح سفيرا ثم وزيرا قد دخل البرلمان لأول مرة عام 1977.