الرئيسيةشوف تشوف

أفول فرنسا

الهجوم على مقر السفارة الفرنسية بواغادوغو، والهجوم على مقر المركز الثقافي الفرنسي ببوبو ديولاسو أكتوبر الماضي، الاحتجاجات المتواصلة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر ضد التواجد العسكري الفرنسي، نهب المحلات التجارية الفرنسية بدكار في مارس 2021، كلها تبين مدى الكراهية التي أصبح مواطنو دول إفريقيا الغربية يظهرونها تجاه فرنسا وحضورها العسكري والثقافي واللغوي على أراضيهم.

اليوم هناك احتجاجات متواصلة في شوارع بوركينا فاسو للمطالبة برحيل الجنود الفرنسيين الذين يتهمهم البوركينابيون بتسليح الجماعات الإرهابية، وقد ذهب بعض المتظاهرين لحمل لافتات ترحب بميليشيا فاغنر الروسية لأخذ مكان الجنود الفرنسيين، مما جعل بعض الجنرالات المتقاعدين القاطنين في القنوات الفرنسية يعتبرون أن عين موسكو هي من تطاردهم في مستعمراتهم الإفريقية السابقة لأخذ مكانهم فيها.

والواقع أن هناك مؤشرات فعلية على هذا المعطى الجيوستراتيجي، منها خروج القوات الفرنسية من مالي ودخول قوات فاغنر الروسية، هناك الانقلاب في بوركينا فاسو، وهناك الكراهية المتزايدة للفرنسيين التي تريد روسيا استغلالها لتحسين صورتها وأخذ مكانهم.

الصراع حول الكعكة الإفريقية بين الروس والصين من جهة وبين الغرب الأوروبي والأمريكي من جهة أخرى هو ما يفسر الحرب التي تدور رحاها بين موسكو من جهة وكييف وحلفائها الأوروبيين والغربيين من جهة ثانية. 

الجميع يعرف أن ما يهم أمريكا في الملف الأوكراني والأوروبي عموما هو مصلحتها، فما يؤرق البيت الأبيض ليس هو مشاعر الوطنية لدى الأوكرانيين أو تحقيق حلم انضمامهم لحلف الناتو، بل ما يهم البيت الأبيض هو مشاغلة الدب الروسي بملف حدودي لكي يخفف من شهيته المفتوحة في غزو إفريقيا ومنافسة أمريكا على النفوذ داخلها.

ومنذ 2014، أي منذ سقوط النظام الأوكراني الموالي لموسكو، وأمريكا تحاول لجم شهية بوتين لفتح الحدود البحرية أمام روسيا، فقد فعلت ذلك في سوريا عندما حصلت على منفذ للمتوسط وفعلت ذلك في جزيرة القرم عندما حصلت على منفذ بين البحر الأسود وبحر آزوف، لكن غزو بوتين لإفريقيا جعل أمريكا تقرر دفع أوكرانيا لطلب الانضمام لحلف الناتو لدفع بوتين لحشد كل قواه ومجهوداته واهتمامه على الحدود، وهو ما حصل.

ولذلك فالحرب لن تطول وستفسح المجال لمفاوضات ستنهي الحرب التقليدية عبر تنازلات تعطى لموسكو يكون ظاهرها إنهاء شبح الحرب لكن باطنها هو الصراع على الكعكة الإفريقية، خصوصا في شرق ووسط وغرب إفريقيا، بين الفرقاء الأمريكيين والأوروبيين والإسرائيليين والصينيين والأتراك، إضافة إلى لاعبين أكثر صمتا مثل إيران والهند.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى