شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

إصلاح المقاصة وكلفة الحماية الاجتماعية 

البرامج الاجتماعية ستكلف 80 مليار درهم سنويا 

شرعت الحكومة في تفعيل الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، الذي يكلف سنويا ميزانية تقدر بـ 16 مليار درهم، من خلال رفع الدعم بشكل تدريجي عن المواد الاستهلاكية المتبقية في الصندوق (غاز البوتان، والسكر والدقيق)، خلال سنتي 2024 و2025، وذلك تزامنا مع تعميم الحماية الاجتماعية وتخصيص دعم مباشر للأسر سيكلف خزينة الدولة مبلغ 50 مليار درهم سنويا. وشرعت الحكومة في التقليص الجزئي من الدعم الموجه لقنينات غاز البوتان برسم سنة 2024، نتجت عنه زيادة في أسعارها، ومقابل ذلك خصصت الحكومة 80 مليار درهم في أفق سنة 2026 لتمويل مختلف البرامج الاجتماعية، إضافة إلى تنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، سيما الرفع من أجور الموظفين والأجراء.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

هذه خطة الحكومة لإصلاح نظام المقاصة

 

كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية عن خطة الحكومة لإصلاح نظام المقاصة، حيث سيتم رفع الدعم بشكل تدريجي عن المواد الاستهلاكية المتبقية في الصندوق (غاز البوتان، والسكر والدقيق)، خلال سنتي 2024 و2025، وذلك تزامنا مع تعميم الحماية الاجتماعية وإخراج السجل الاجتماعي الموحد.

وكشفت الوثيقة، التي أحالتها الوزارة على مجلس المستشارين، وتتضمن توضيحات حول الأسئلة التي طرحها مستشارون برلمانيون على وزيرة الاقتصاد والمالية أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، أن نظام المقاصة مكن من مواصلة سياسة الحكومة التي تهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين عن طريق الحفاظ على أثمان البيع الداخلية للمواد الأساسية وحماية النسيج الإنتاجي الوطني من تقلبات الأسعار في السوق الدولية. إلا أنه، أمام محدودية نظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والمعوزة من جهة وارتفاع نفقاته في ظل التحولات الجيوستراتيجية والاقتصادية الكبيرة التي تشهدها الأسواق العالمية من جهة أخرى، أكدت الوثيقة أن الحكومة ستعمل على إصلاح هذا النظام لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وكذا لتحقيق التوازن بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية.

وحسب الوثيقة، فإن هذا الإصلاح يندرج في إطار الورش الملكي الذي يرمي إلى تعميم الحماية الاجتماعية عبر إطلاق ورش إصلاح منظومة الاستهداف التي ستشكل الأرضية المناسبة لاستكمال إصلاح نظام المقاصة، وسيشكل السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأنجع لاستهداف الأسر الفقيرة والمعوزة، مدخلا رئيسيا للولوج لكل البرامج الاجتماعية، مما سيمكن من إعطاء رؤية واضحة لإرشاد وتوجيه القرارات السياسية في مجال الدعم. وأفادت الوثيقة بأنه، طبقا للمادة 8 من القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، من المقرر مواصلة إصلاح نظام المقاصة لإتاحة هوامش لتمويل التعويضات العائلية.

وأشارت الوثيقة إلى أن تعميم التعويضات العائلية للأطفال والأسر غير المستفدين منها، يشكل محوراً أساسياً لمشروع إصلاح وتعميم الحماية الاجتماعية الجاري تنفيذه حالياً، وذلك تفعيلا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، ودخلت هاته التعويضات حيز التنفيذ خلال سنتي 2023 و2024، وعلى هذا الأساس سيتم الرفع التدريجي للدعم عن المواد المتبقية في صندوق المقاصة (غاز البوتان والسكر ودقيق القمح اللين)، وذلك وفقا لجدول زمني قيد الدراسة.

وكشفت الوثيقة أنه، في انتظار وضع الشروط القبلية اللازمة لتفعيل الرفع التدريجي للدعم المذكور، تمت برمجة غلاف إجمالي يبلغ 16 مليار درهم، في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2024، لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، ومن المتوقع انخفاض هذه الاعتمادات خلال سنتي 2025 و2026 إلى أقل من 8 ملايير درهم.

واعتبرت الوثيقة نفسها أن مشروع إصلاح الحماية الاجتماعية، الذي يحظى بتتبع وعناية خاصة من الملك، يعتبر بمثابة ثورة اجتماعية ستمكن من تحقيق نتائج مباشرة وملموسة لتحسين ظروف عيش المواطنين وصيانة كرامتهم وتقليص الفقر والهشاشة إضافة إلى دعم القدرة الشرائية للأسر، حيث ستواصل الحكومة تنفيذ تعميم الحماية الاجتماعية من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال لهذا الورش، من خلال العمل على بلورة تصور للإجراءات التي سيتم اعتمادها من أجل تعميم التعويضات العائلية، حيث سيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل في سن التمدرس و3 ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس .

وتتضمن الوثيقة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لضمان حسن تنزيل هذا الورش واحترام الآجال المحددة من طرف الملك، ومنها المصادقة على 22 مرسوما تطبيقيا للقانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وللقانون رقم 99.15 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا. ومكنت هذه المراسيم، من فتح باب تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة ما يناهز 4 ملايين مستفيد. وفي هذا الصدد، قامت الحكومة بوضع مخطط تواصلي من أجل تشجيع انخراط الفئات المعنية.

واتخذت الحكومة مجموعة من التدابير من أجل تسريع تحصيل الاشتراكات وتحسين معدلات التحصيل، وتشكيل لجنة عمل لضبط المعطيات المتضمنة في قاعدة بيانات المستفيدين من نظام المساعدة الطبية وتحديد إجراءات تحويلهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل إطلاق تعميم التغطية الصحية الإجبارية لفائدة الفئات الفقيرة والمعوزة، بالإضافة إلى ملاءمة الترسانة القانونية من أجل تحويل المستفيدين من نظام المساعدة الطبية إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض، ومواصلة ورش الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية من أجل مواكبة تعميم التأمين الإجباري عن المرض عبر إعداد الإطار القانوني المرتبط بهذا الورش، وإعداد مجموعة من مشاريع القوانين تتعلق بإحداث المجموعات الصحية الترابية والهيئة العليا للصحة والنظام الأساسي الخاص بمهنيي الصحة، علاوة على إحداث الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية والوكالة المغربية للدم ومشتقاته وكذا تأهيل البنيات التحتية الصحية وإحداث النظام المعلوماتي الاستشفائي.

 

الأغنياء يستفيدون باسم الفقراء من ثلثي نفقات المقاصة

 

أعلنت الحكومة بشكل رسمي عن دخول قرار الزيادة في أسعار غاز البوتان «بوطا غاز»، ابتداء من يوم الاثنين الماضي، وذلك في إطار تفعيل الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة الذي يلتهم سنويا مبالغ كبيرة من ميزانية الدولة.

وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية في بلاغ لها، أنه في إطار الإصلاح الشامل لمنظومة الحماية الاجتماعية، سيتم الشروع ابتداء من يوم 20 ماي 2024، في التقليص الجزئي من الدعم الموجه لقنينات غاز البوتان برسم سنة 2024، بما قدره 2,5 درهم بالنسبة إلى قنينة غاز البوتان من فئة 3 كيلوغرامات، و10 دراهم لقنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما.

وأشار البلاغ إلى أنه ستتم مباشرة إصلاح منظومة دعم أسعار غاز البوتان بشكل جزئي، وذلك في إطار تنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر (3.6 ملايين أسرة مستفيدة إلى غاية أبريل الماضي)، اعتمادا على مبدأ الاستهداف الأنجع للأسر المستحقة للدعم عبر السجل الاجتماعي الموحد، والذي قامت الحكومة بتعزيزه بمجموعة من البرامج الاجتماعية منها تعميم التغطية الصحية (4.2 ملايين أسرة مستفيدة من «أمو – تضامن»)، وبرنامج دعم السكن (330 ألف أسرة على مدى 3 سنوات)، وكذا إعلان (رفع أجور الموظفين والأجراء في القطاعين العام والخاص، برسم جولة أبريل 2024 من الحوار الاجتماعي)، مما سيساهم في رفع القدرة الشرائية لأكثر من 4 ملايين أسرة مغربية.

وفي هذا السياق، يضيف البلاغ، ستتم مواصلة تنزيل الإصلاح الشامل لمنظومة الحماية الاجتماعية، وذلك عبر تنزيل القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 23 مارس 2021، والذي تنص مادته الثامنة على أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يتم تمويله من خلال تجميع وتعميم مختلف البرامج الاجتماعية، إضافة إلى الإصلاح الجزئي لصندوق المقاصة، حيث خصصت الحكومة 80 مليار درهم في أفق سنة 2026 لتمويل مختلف البرامج الاجتماعية، إضافة إلى تنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، سيما الرفع من أجور الموظفين والأجراء.

وتتجه حكومة عزيز أخنوش إلى الشروع في الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، ابتداء من السنة الحالية، من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المدعمة من طرف الصندوق، وذلك في إطار التقيد بالتوجهات الاستراتيجية لورش تعميم الحماية الاجتماعية الرامية إلى صرف الدعم الاجتماعي المباشر للفئات المحتاجة المستهدفة، وقررت الحكومة اعتماد مقاربة تدريجية، من خلال تخصيص مبلغ قدره 16,36 مليار درهم خلال هذه السنة، لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني من القمح اللين.

ونفى فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وجود أي قرار لرفع دعم صندوق المقاصة وتحرير أسعار غاز البوتان «بوطا غاز»، وذلك بعد إقرار زيادة في أسعار هذه المادة، نافيا كذلك وجود أي زيادة في ثمن الخبز، وأوضح في معرض جوابه عن أسئلة في إطار وحدة الموضوع حول استدامة المالية العمومية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية، أن الحكومة تعمل على استهداف أكثر عدالة من خلال توفير الدعم للفئات المستحقة بشكل مباشر، لافتا إلى أن الدولة خصصت بين سنتي 2015 و 2023 ما مجموعه 111 مليار درهم لدعم هذه المادة، مؤكدا أن الفقراء لا يستفيدون سوى من 14 في المائة من الدعم المخصص لغاز البوتان، أي ما يعادل 2,5 مليار درهم سنويا، في حين يستفيد الأغنياء من 80 في المائة من حصة الدعم. وسجل الوزير المنتدب المكلف بالميزانية أن ما عرفه غاز البوتان «ليس تحريرا لأسعاره، بل فقط إضافة عشرة دراهم لقنينة الغاز، بينما الثمن الحقيقي هو 88 درهما»، مبرزا أن «الدولة ستواصل دعم هذه المادة بأكثر من 35 درهما للقنينة الواحدة».

وسبق لفوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن كشف خلال الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب للمصادقة على مشروع قانون المالية، عن معطيات صادمة بخصوص صرف نفقات صندوق المقاصة، وأكد أن الأغنياء هم المستفيد الأول من هذا الصندوق، موضحا أن نفقات صندوق المقاصة بلغت منذ 2015، وهي سنة تحرير أسعار المحروقات، ما مجموعه 175 مليار درهم، مبرزا أن الفقراء الذين خلق من أجلهم صندوق المقاصة استفادوا فقط بنسبة 20 في المائة من هذه النفقات، فيما استفاد الأغنياء من ثلثي النفقات المخصصة للصندوق.

وقال لقجع: «رفضنا صرف المليارات باسم الفقراء، دون أن تستفيد هذه الفئة»، وبخصوص رفع الدعم عن غاز البوتان، أوضح الوزير أن الحكومة لن تحذف دعم المقاصة عن المواد المدعمة، لكن ستعمل على تسقيف الأسعار في نهاية الولاية، وذلك بعد زيادة تدريجية في الأسعار، ومقابل ذلك سيستفيد المواطنون من دعم مباشر يساوي أضعافا مضاعفة تكلفة هذه الزيادات التي ستكون محدودة، حسب لقجع، مؤكدا أن الحكومة لن تمس القدرة الشرائية للمواطنين، ونفى وجود أي زيادات في الماء والكهرباء والزبدة والشاي وغيرها من المواد الاستهلاكية، وقال: «لا يمكن أن نستمر في دعم قنينات الغاز يستفيد منها الأغنياء»، موضحا أنه «مقابل قنينة واحدة يستهلكها مواطن فقير شهريا، يستفيد مواطن غني من ست قنينات مدعمة شهريا».

دعم المقاصة.. التقليص في طريق الحذف النهائي

 

ستتراجع نفقات المقاصة إلى 7,832 مليارات درهم برسم سنة 2026، حسب أرقام وزارة المالية في وثيقتها الأخيرة للبرمجة الميزانياتية الإجمالية، لثلاث سنوات ما بين 2024 و2026، والتي كشفت فيها أن هذه النفقات ستنخفض إلى 16,957 مليار درهم سنة 2024 ثم إلى 11,497 مليار درهم في 2025، فيما تعرف اعتمادات التسيير المدرجة في البرمجة الميزانياتية متعددة السنوات 2024-2026، والمتعلقة بفصل التكاليف المشتركة، هيمنة للنفقات ذات الطابع الاجتماعي، سيما تلك المتعلقة بتكاليف المقاصة ومواكبة بعض الإصلاحات الجارية. وتهم هذه الإصلاحات، بالخصوص، جهود تجديد حظيرة النقل الحضري والربط بين المدن ودعم النقل المدرسي، إضافة إلى بعض النفقات المتعلقة بأنظمة التقاعد التي يدبرها الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد.

وكشف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، تفاصيل «الإصلاح التدريجي» الذي تعتزم الحكومة إجراءه لصندوق المقاصة، موضحا، خلال اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، في إطار المناقشة الأولية لمشروع قانون مالية السنة المقبلة، أن «الحكومة درست بشكل دقيق ومعمق أكثر من 140 برنامج دعم اجتماعي»، مؤكدا أنه «تم الاحتفاظ بالبرامج التي مازالت تحقق آثارا اجتماعية مهمة، وتجميع البرامج الأخرى التي أجمعت الحكومة على أنه يمكن تجميعها. ومنذ 2015 وحتى سنة 2023 خصصت الحكومات المتعاقبة 174 مليار درهم للمقاصة، بمعدل 19,4 مليار درهم سنويا»، حسب لقجع، الذي استند إلى دراسات ونتائج التحليلات التي قال إنها أجمعت على أن نفقات المقاصة مهما اختلفت لا يستفيد منها الفقراء الذين خلق من أجلهم الصندوق.

في السياق ذاته، أوضح لقجع أن حجم استفادة الفئات الميسورة من دعم المقاصة يصل إلى 27 بالمئة بمعدل 47 مليار دهم وهو ضعف ما تستفيد فيه  النسبة نفسها من الفقراء، مشيرا إلى أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يستهدف 60 بالمئة من الساكنة المعنية، بما يعني أن متوسط الاستفادة يصل إلى 8 ملايير درهم، حيث يرتقب أن تصل نسبة استفادة الفئات الفقيرة من دعم المقاصة إلى 25 مليار درهم ابتداء من سنة 2024، معتبرا أن الإشكال المرتبط بالشروع في رفع الدعم التدريجي على المواد المدعمة في إطار صندوق المقاصة، ليس وليد اليوم بل كان مطروحا منذ 2010، وأنه، طبقا للمسار وللقانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وترسيخ المكاسب الإيجابية في هذا المسار، قرر رفع الدعم عن المواد المتبقية بطريقة تدريجية تقف عند سنة 2026.

وأوضح لقجع أن الحكومة اختارت إيقاف خطوات رفع الدعم التدريجي عن صندوق المقاصة سنة 2026، أي في نهاية ولايتها الحكومية، لأن في الأخلاقيات الديمقراطية لا ينبغي أن نشرع لولايات حكومية قادمة، مضيفا أنه، بناء على ذلك، قررت الحكومة تسقيف الأسعار في مستوى محدد ومنح الفرصة للحكومة التي ستأتي  بعدها لأخذ القرار المناسب، مشيرا إلى أن «الفئات الأكثر هشاشة تمثل 20 في المئة من الساكنة، وهؤلاء لا يستفيدون إلا من 14 في المئة من المليارات التي ذكرت، أي 2,7 مليار درهم سنويا، وهم الذين من أجلهم خلق المقاصة ولا يستفيدون إلا من عشرها؛ فيما تستفيد الطبقة الاجتماعية الميسورة، أي 20 في المئة الأكثر غنى في المغرب، من 27 في المئة من الدعم»، مضيفا أن «60 في المئة من الساكنة، التي يتحدث عنها الدعم الحكومي، تستفيد من متوسط سنوي يقدر بـ8 مليارات درهم من المقاصة»، مبرزا أن «السؤال الذي كان مطروحا منذ 2010 هو هل سنؤدي الـ104 ملايير من الدراهم التي يستفيد منها الميسورون ونبحث عن هوامش أخرى؟»، وموضحا أن «الحكومة، طبقا للمسار الذي اتخذته البلاد، ولترسيخ المكاسب، قررت أن ترفع هذا الدعم بطريقة تدريجية وتقف عند سنة 2026».

وبخصوص التوجه لدعم مباشر بدل المقاصة، أكد لقجع على أن «60 في المئة من الأسر المغربية، التي كانت تستفيد من 8 ملايير من المقاصة انطلاقا من سنة 2024، ستستفيد من 25 مليار درهم، وفي يناير 2026 سيرتفع الرقم إلى 29 مليار درهم للطبقات نفسها، أو لجزء كبير جدا منها»، ملمحا إلى أن «الدولة تؤدي 10 مليارات للتأمين الإجباري عن المرض، ويشمل أزيد من 4.1 مليون أسرة»، ناهيك عن أن «تأثير الرفع التدريجي للمقاصة على الفئات الهشة من المغاربة سيكون هو 36 درهما، مقابل التوصل بمبالغ مالية من 500 إلى 1758 درهما حسب الحالات»، غير أنه «لا بد أن نضيف لهذا المبلغ 198 درهما التي تؤدى عن التغطية الصحية، وهي 9,5 مليارات درهم سنويا تؤديها الدولة عن هذه الفئة»، فضلا عن أن «من سيستفيد من السكن الاقتصادي سيحصل على دعم أكبر».

توصيات مؤسساتية بحذف دعم المقاصة

 

أوصى مجلس المنافسة بضرورة الحذف الكلي لصندوق المقاصة، طالما أنه سيستنفد سبب وجوده، مقابل إقرار مساعدات مباشـرة موجهـة إلى السـكان الأكثر هشاشـة ومنـح إعفاءات ضريبية ملائمة لفائدة الطبقـة الوسـطى.

وقال المجلس في تقريره حول الارتفاع الكبير فـي أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية، وتداعياته على السير التنافسي للأسواق الوطنية حالة المحروقات (الغازوال والبنزين)، إنه أخذا بعين الاعتبار المكانة التي تحتلها الطبقة الوسطى في الاقتصاد الوطني، سيما من خلال مساهمتها الكبيرة في الاستهلاك الوطني، يجب على الحكومة التفكير في تعديل الضريبة على الدخل، وكذا نظام التعويضات العائلية، بهدف مضاعفة المدخول الذي تتوفر عليه هذه الشريحة الاجتماعية.

واعتبر المجلس في تقريره أن الدعم المباشر للغازوال والبنزين يضر بالاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن هذا الدعم أبان عن محدوديته في الماضي باحتكاره لموارد مالية تجاوزت سنة 2012 ، على سبيل المثال، 50 مليار درهم، أي ما يعادل ميزانية وزارة التربية الوطنية، أو حوالي خمسة أضعاف من الميزانية المخصصة لوزارة الصحة في ذلك الحين.

ومن أجل تمكين الدولة من تمويل التكاليف المتزايدة لصندوق المقاصة، اقترح المجلس على الحكومة استبعاد أي تخفيض في الضرائب المفروضة على الغازوال والبنزين، والتي تساهم بشكل كبير في المداخيل الإجمالية للدولة.

وفي هذا الصدد، أشار التقرير ذاته إلى أن الدعم المباشر لهذه المواد تترتب عليه أسعار اصطناعية لا تعكس الواقع الاقتصادي للفاعلين، وتحول دون ضمان السير العادي للمنافسة في الأسواق المعنية، ويستفيد منه بالدرجة الأولى، كبار المستهلكين (الفئات السكانية الميسورة) التي تتوفر على الوسائل لشراء المواد المذكورة، بصرف النظر عن أسعارها.

ولذلك يقترح التقرير أن الدعم المباشر سيفضي إلى تحويل المساعدات المفترض توجيهها إلى السكان الذين يعانون من الهشاشة، ويستهلكون هذه المواد بدرجة أقل لصالح فئات سكانية ميسورة. فيما أوصى المجلس بالتسريع من وتيرة إرساء وتفعيل برامج اجتماعية ملائمة، تروم دهم السكان الذي يعانون من الهشاشة بشكل فعال، وتحقيقا لهذه الغاية يلح المجلس على التسريع من وتيرة تنزيل السجل الاجتماعي الموحد الذي سيساهم في تحقيق هذه مزدوج.

من جانبه، شدد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، في التقرير المرفوع إلى الملك محمد السادس على أن كل هذه الإصلاحات، سيما تلك ذات البعد الاجتماعي، وغيرها «ستشكل ضغطا متزايدا على المالية العمومية»، مؤكدا أن ترشيد الموارد العمومية أضحى أمرا حيويا يقتضي تسريع العديد من الأوراش التي ستمكن من إفراز الهوامش اللازمة لتعزيز شبكات الأمن الاجتماعي على وجه الخصوص.

في هذا الإطار، شدد والي بنك المغرب على أنه بات من الملح استكمال إصلاح نظام المقاصة الذي أطلق سنة 2013، والذي يظل إلى غاية اليوم رهينا بوضع آلية استهداف السكان التي يجري إعداد صيغتها النهائية، لافتا إلى أن إشكالية الاستهداف هذه لا تقتصر على المواد الأساسية فقط، بل تشمل أيضا المساعدات العمومية بشكل أوسع.

وأكد والي البنك المركزي أنه في انتظار وضع الشروط المسبقة اللازمة لتفعيل إصلاح صندوق المقاصة، تمت برمجة غلاف إجمالي يبلغ 25.98 مليار درهم في إطار قانون المالية لسنة 2023، لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، فيما بلغت نفقات المقاصة بنهاية 2022، قرابة 40 مليار درهم بعد لجوء الحكومة إلى ضخ اعتمادات مالية إضافية لمواجهة موجة الغلاء.

 

الدعم المباشر للأسر مقابل الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة

 

 

كشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن حكومته ستشرع في الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة ابتداء من السنة المقبلة، تزامنا مع تنزيل برنامج الدعم المباشر للأسر، الذي سيكلف خزينة الدولة مبلغ 50 مليار درهم سنويا.

وأوضح أخنوش في تصريح أمام غرفتي البرلمان، أنه في ما يتعلق بإصلاح صندوق المقاصة، وفي إطار السياسية التشاركية التي تنهجها الحكومة، سيعقد سلسلة من اللقاءات مع الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ستكون مناسبة لنقاش عملية الإصلاح.

وأكد رئيس الحكومة أن ميزانية الدولة لن تتحمل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في نفس الوقت على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة. وبالتالي، وبالنظر إلى ضعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، وبعد شروع الحكومة في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، ستعمد إلى تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة، والذي يمثل تقليصا تدريجيا، جزئيا ومحددا زمنيا ما بين 2024 و2026، لاستكمال تمويل إجراءات ورش تعميم الدعم الاجتماعي المباشر للأسر، موضحا أنه تسقيف وليس تحرير، إنصافا للأسر المستحقة فعلا للدعم.

وأشار أخنوش إلى أنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، وتطبيقا لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وتكريسا لمضامين البرنامج الحكومي، عكفت الحكومة على إعداد الإطار العملي والزمني والميزانياتي لبرنامج الدعم المباشر للأسر، وكذا تحديد كيفيات وشروط تنزيله، مع استكمال منظومة استهداف المستفيدين منه وتأمين الاعتمادات المالية لاستدامته، وذلك وفق مقاربة تشاركية وتنسيق محكم بين جميع القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية المعنية.

وعلى هذا الأساس، يضيف رئيس الحكومة ، يرتكز هذا الورش على تمكين ملايين الأسر، غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، من دعم شهري مباشر يوجه من جهة، للأسر المستهدفة التي لها أبناء، منذ ولادتهم إلى غاية بلوغهم سن الواحد والعشرين (21) سنة، لحمايتهم من مخاطر الطفولة وتنمية قدراتهم، خاصة في ما يتعلق بالتطبيب والمواظبة على الدراسة، ومن جهة أخرى، يستفيد من الدعم الاجتماعي المباشر الأسر التي ليس لها أطفال، أو يتجاوز سن هؤلاء (21) سنة، خاصة منها تلك التي تتواجد في وضعية فقر أو هشاشة، للرفع من مستواها المعيشي ودعم قدرتها الشرائية وتحصينها أمام التقلبات الظرفية.

ولهذه الغاية، يضم عرض الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يخص 60 في المائة من الأسر غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، والمستوفية لشروط الاستهداف بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد، ثلاثة إجراءات أساسية، يهم الإجراء الأول بالدعم الاجتماعي المباشر للأسر المستهدفة التي لها أبناء، ويتعلق الأمر بمنحة شهرية عن كل طفل لم يتجاوز 21 سنة، وذلك وفق شروط، وهي منذ ولادته وإلى غاية بلوغه 5 سنوات، يمنح كل طفل دعما قيمته الشهرية 200 درهم ابتداء من 30 دجنبر 2023، ويستمر طيلة سنة 2024، ثم 250 درهم شهريا سنة 2025، ليتم رفعه إلى 300 درهم شهريا ابتداء من سنة 2026. أما بالنسبة للأسر التي يتجاوز عدد أطفالها ثلاثة، وعلى غرار التعويضات الممنوحة لأجراء القطاع الخاص، فستتلقى إضافة لذلك دعما شهريا يقدر بــ 36 درهم بالنسبة للطفل الرابع والخامس والسادس.

بالنسبة للطفل في سن التمدرس، فهو يحافظ على نفس الدعم ما بين سن السادسة و21 سنة. في الوقت الذي يحصل فيه الطفل الذي هو في وضعية إعاقة على 300 درهم شهريا في 2024 و400 درهم شهريا في 2026.

وتعزيزا لمكتسبات فئات أطفال النساء الأرامل، المستفيدين سابقا من برنامج “دعم”، ستواصل الدولة منح 350 درهما شهريا عن كل طفل إلى غاية نهاية سنة 2024، ثم 375 درهما شهريا عن كل طفل سنة 2025، ليبلغ 400 درهم شهريا عن كل طفل ابتداء من سنة 2026، واستدامة للآثار الايجابية لبرنامج تيسير وتشجيعا لمواصلة التمدرس، تقلص قيمة الدعم في حالة انقطاع الطفل عن الدراسة.

ثاني إجراء هو الدعم الاجتماعي المباشر للأسر المستهدفة التي ليس لها أطفال أو يتجاوز سن هؤلاء 21 سنة، خاصة منها الأسر التي تعيل أشخاص مسنين، وتستفيد هذه الأسر من منحة جزافية تبلغ قيمتها 500 درهم شهريا ابتداء من آخر دجنبر 2023، وأشار رئيس الحكومة إلى أنه وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، يمكن برنامج الدعم الاجتماعي من وضع شبكة للأمان الاجتماعي (un bouclier social)، حيث يبلغ الحد الأدنى للدعم لكل أسرة، كيفما كانت تركيبتها، 500 درهم شهريا. كما أن قيمة الدعم الاجتماعي المباشر لكل أسرة مستهدفة يمكن أن تصل إلى أكثر من 1.000 درهم شهريا، أخذا بعين الاعتبار تركيبة كل أسرة، خاصة عدد أطفالها.

بمعنى أن الأسرة مثلا التي لها طفل واحد، ستتوصل مباشرة بـ 500 درهم شهريا ابتداء من آخر دجنبر 2023، والأسرة التي لها طفلان يتمدرسان، ستتوصل بـ 500 درهم شهريا ابتداء من آخر هذه السنة، و600 درهم في الشهر ابتداء من سنة 2026.

وبالنسبة للأرملة المستهدفة، فإن قيمة الدعم الشهري هي 500 درهم إذا كان لها طفل واحد، ستتوصل بها ابتداء من آخر هذه السنة، وإذا كان لها طفلان ستحصل على 700 درهم في 2024، و800 درهم ابتداء من 2026، وإذا كان لها 3 أطفال، ستتوصل بـ 1,050 درهم سنة 2024، وبـ 1,200 درهم ابتداء من 2026.

ثالث إجراء هو منحة الولادة: ويتعلق الأمر بدعم جزافي يمنح لكل أسرة بمناسبة الولادتين الأولى والثانية، وتقدر هذه المنحة بــ 2,000 درهم عند الولادة الأولى و1,000 درهم عند الولادة الثانية.

وأبرز أخنوش لإنجاح هذا الورش الوطني، فإن الشغل الشاغل للحكومة هو ضمان ديمومته المالية وضبط قنوات الاستهداف، حيث يتطلب تنزيل هذا الورش ميزانية قدرها 25 مليار درهم سنة 2024 لتصل إلى 29 مليار درهم سنويا ابتداء من 2026، وتنضاف هذه الميزانية لعشر (10) ملايير درهم التي تخصصها الدولة سنويا لتعميم التغطية الصحية الإجبارية على الأسر الفقيرة والهشة، وهو ما يمثل، إجمالا، ميزانية سنوية تقارب 40 مليار درهم بحلول سنة 2026، تخصص لشقي التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر من ورش تعميم الحماية الاجتماعية.

وبالنسبة لمصادر تمويلها، فقد اتخذت الحكومة جملة من التدابير اللازمة لتأمينها، من خلال تعبئة عشرين (20) مليار درهم في ظرف ثلاث سنوات المقبلة عن طريق الموارد الذاتية للدولة، وستة (6) ملايير درهم من العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، في إطار انخراطها المسؤول في إنجاح هذا الورش الوطني؛

بالإضافة إلى عائدات الرسوم الضريبية المستخلصة من تفعيل المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج؛ وكذا تعبئة خمسة عشر (15) مليار درهم، عبر عقلنة وتجميع وإعادة توجيه الاعتمادات المالية المسخرة لمجموعة من برامج الدعم السابقة، وفقا للتوجيهات الملكية السامية؛

وتعبئة تسع (9) ملايير درهم، تهم احتياطي صندوق التماسك الاجتماعي لسنة 2024 فقط، وأخيرا، تعبئة اثنا عشر (12) مليار درهم تدريجيا، في أفق سنة 2026 وبعد مضي فصل (un trimestre) من الشروع في صرف الإعانات المباشرة، من خلال الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، طبقا لمقتضيات القانون الإطار للحماية الاجتماعية.

 

ماموح عبد الحفيظ**أستاذ السياسات الاجتماعية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي- جامعة محمد الخامس الرباط.

 

«لا يمكن ربط نجاح سياسة الحماية الاجتماعية فقط بإصلاح صندوق المقاصة»

 

  • ما هي توجهات الحكومات في سبيل إصلاح صندوق المقاصة؟

موضوع صندوق المقاصة من أكثر القضايا الشائكة التي واجهت مختلف الحكومات المتعاقبة في المغرب، خاصة في العقدين الأخيرين، فصندوق المقاصة هو مؤسسة عمومية، مصدر تمويلها الميزانية العامة، تم تأسيسها منذ سنة 1941 ومر بعدة مراحل وإصلاحات.

وظيفة الصندوق هو دعم المواد الاستهلاكية الأساسية، وخاصة المواد الغذائية والمواد البترولية قصد تثبيت أسعارها، (كالحليب، السكر، الزبدة، الأسمدة، الزيوت الغذائية، غازوال الصيد، غاز البوتان، الوقود… إلخ)، حيث يتولى تغطية الفارق بين تكلفة كل مادة وثمن البيع المحدد من طرف السلطات العمومية، إضافة الى دعم بعض المواد الغذائية في الأقاليم الصحراوية، قصد حماية القدرة الشرائية للمواطنين.

وبسبب ضغط الصندوق على الميزانية العامة واستجابة لتوصيات المؤسسات المالية الدولية التي تقدم القروض للمغرب، قامت الدولة بالتحرير التدريجي للمواد التي يدعمها الصندوق، حيث تم في سنة 2015 تحرير المواد البترولية بشكل كامل، إذ لم يعد الصندوق يتدخل لدعم هذه المواد. كما تم قبل ذلك تحرير العديد من المواد الأخرى، وتم الإبقاء فقط على دعم المواد التالية: السكر، وغاز البوطان (أما دعم الدقيق فليس من اختصاص صندوق المقاصة وإنما من اختصاص المكتب الوطني للحبوب والقطان).

ومنذ أبريل 2024 قررت الحكومة مراجعة دعم مادة غاز البوطان والإبقاء على مادة السكر، حيث قلصت الدعم الموجه للقنينة الصغيرة فئة 3 كلغ ب 2.5 درهم، وللقنينة الكبيرة فئة 12 كلغ ب 10 دراهم.

 

  • هل من شأن خفض أو حذف دعم المقاصة أن يوفر الموارد المالية للحماية الاجتماعية؟

يهدف إصلاح صندوق المقاصة، ومراجعة سياسة دعم المواد الاستهلاكية الأساسية المتبقية، حسب الحكومة، إلى تحقيق ما تسميه بإعادة توجيه الدعم. بحيث إنه عوض أن يتم دعم المواد الاستهلاكية التي يستفيد منها الجميع، سيتم دعم الفئات الأكثر فقرا. وذلك بتحويل الدعم المخصص لصندوق المقاصة إلى الميزانية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية.

وفي هذا السياق نص قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية رقم 09-21 الصادر في أبريل 2021، في المادة 13، على أن من مصادر تمويل الحماية الاجتماعية «الموارد المتأتية من إصلاح نظام المقاصة».

والحديث عن الحماية الاجتماعية هو حديث عن سياسة جديدة للدولة انطلق تنفيذها منذ أبريل 2021، وتهدف إلى تعميم الحماية على جميع المواطنين من خلال 4 مجالات: تعميم التغطية الصحية، تعميم التعويضات العائلية (الدعم المالي المباشر)، تعميم التعويض عن فقدان الشغل، وتعميم منحة التقاعد.

ولغاية الآن تم الشروع في تفعيل المجالين الأول والثاني، أي التغطية الصحية والدعم المالي المباشر للأسر. على أن يتم الشروع في تنفيذ ما يخص المجالين الثالث والرابع قبل نهاية سنة 2026.

والدولة ربطت نجاح الحماية الاجتماعية بإصلاح صندوق المقاصة.

 

  • ما مدى إمكانية نجاح استراتيجية الحكومة في تعويض المقاصة بالدعم المباشر؟

أعتقد أنه من الصعب، الآن، على أي باحث متتبع لسياسة الحماية الاجتماعية أن يضع تقييما شاملا لهذه السياسة، لكون الفترة الزمنية لتنفيذ هذا المشروع لم تنته بعد، والمحددة من سنة 2021 إلى غاية نهاية سنة 2026، كما هو واضح في قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية وفي البرنامج الحكومي، غير أنه يمكن الحديث عن تقييم أولي ومرحلي وتوقعي لهذه السياسية من منطلق ما تم إنجازه لحد الآن ومن خلال استحضار التحديات والشروط الموضوعية المطلوبة لنجاحه.

أولا أعتقد أنه يصعب ربط نجاح سياسة الحماية الاجتماعية، خاصة في الشق المتعلق بالدعم المالي المباشر، بإصلاح صندوق المقاصة فقط، فتمويل الحماية الاجتماعية قائم على آليتين: آلية الاشتراك وآلية التضامن، وكل آلية تتخذ أشكالا متنوعة، الاشتراك بالنسبة للأشخاص القادرين على المساهمة، والتضامن لفائدة الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك.

لكني أعتقد أن الرهان على اشتراكات المواطنين وكذا الرهان على تحويل ميزانية صندوق المقاصة، قد يصطدم بتعقيدات واقعية صعبة.

فالرهان الأول يفترض الإقبال التلقائي للمواطنين المزاولين عملا حرا، على الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي وأداء واجب الاشتراك، المتفاوت حسب الفئات المهنية، كما حددته النصوص التنظيمية. وعمليا نلاحظ إقبالا ضعيفا، أما الرهان الثاني المرتبط بإلغاء صندوق المقاصة وتحويل الميزانية المخصصة له لتمويل الحماية الاجتماعية، ولا سيما تقديم الدعم المباشر للفئات الاجتماعية الهشة، الذي يعتبر جزء من منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة. هو أيضا يصعب تنفيذه في المنظور القريب لاعتبارين رئيسيين:

الأول مرتبط بالتخوف من ارتفاع أسعار المواد المدعمة (السكر والبوطان)، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على القدرة الشرائية لعموم المواطنين وقد يؤثر سلبا على السلم الاجتماعي؛ والثاني متعلق بصعوبة إحصاء الفئات الاجتماعية المستحقة للدعم المادي المباشر، رغم اعتماد نظام السجل الاجتماعي الموحد، الذي يهدف إلى تحديد عدد الأسر الفقيرة التي ينبغي دعمها بمبلغ مالي شهري، بناء على مؤشر الأسرة المعبر عن وضعيتها الاجتماعية والاقتصادية.

وفي تقديري أيضا أن صندوق المقاصة لم يعد يساهم في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة منذ رفع الدعم عن المحروقات. الأمر الذي أدى الى رفع أسعار كل المواد الاستهلاكية وكل الخدمات، خاصة وأن الدولة لم تضع أو لم تفعل الآليات الكفيلة بضبط أسعار المحروقات، من خلال تحديد هامش ربح الشركات المستوردة وضمان التنافس الحقيقي بين هاته الشركات وتخفيض ضرائب ورسوم استيراد واستهلاك المحروقات…، إضافة إلى أن معظم المواد الغذائية الأساسية تم تحريرها منذ عقود كالزيت والحليب…

علاوة على ذلك فإن مبلغ الدعم المباشر للأسر، الذي في جزء كبير منه هو دعم موجه للأطفال، لا يمكن أن يغطي الارتفاع الكبير لأسعار المواد الأساسية والخدمات الأساسية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى