طبقا لأحكام الدستور المغربي، تفضل ملك البلاد محمد السادس بتعيين عدد من الولاة والعمال بالإدارة المركزية والترابية.
تعيينات الولاة والعمال تشغل بال رؤساء الجماعات بدرجة أولى، كما تربك حسابات المقربين من عامل يحزم حقائبه استعدادا للرحيل، وترسم على محيا المغضوب عليهم تقاسيم الفرح.
لكن مضاعفات استبدال وال أو عامل بآخر تمتد شظاياها إلى رؤساء الأندية الرياضية وفرق كرة القدم على الخصوص، ويدفعهم لوقفة تأمل وجس للنبض يبدأ بوداع محتشم لرجل السلطة الراحل وتهنئة تليق بمقام العامل الوافد.
حدثني صديقي، بائع الأمتعة الرياضية، عن المكالمات التي تلقاها من رؤساء فرق مغربية والتي تطالبه بإنجاز قمصان تحمل أسماء عمال جدد حطت أقدامهم بالأقاليم.
سيكون القميص المخصص للعامل الجديد هدية من الفريق بكل مكوناته، وسيحمل اسم العامل في إشارة إلى ضمه للنادي مع منحه شارة العمادة.
سيبدو المشهد أقرب إلى صفقة انضمام لاعب أو مدرب جديد للفريق، سيتسلم العامل القميص وسيأخذ صورة إلى جانب الرئيس، وكأنه آخر الملتحقين بالنادي.
الحب من لمسة، لمسة قميص الفريق طبعا، خاصة إذا كان الوافد الجديد “كوايري” يسكنه عشق الكرة، لذا يسود الترقب المكاتب المسيرة في كثير من المدن التي شهدت تغييرات اضطرارية في هرم السلطة الترابية.
كثير من الولاة والعمال وضعوا فرق الكرة ضمن انشغالاتهم اليومية، وعاشوا همومها بنفس القدر الذي خصصوه لتنمية المدن والقرى والمداشر، إلى درجة أن استقطاب مدرب لا يتم إلا إذا نال رضا العامل.
لا أحد ينكر دور محمد مهيدية في انتشال اتحاد تمارة من نفق النسيان، حين كان عاملا على عمالة الصخيرات تمارة، أو جهود “إعمار” شباب الريف الحسيمي حين كان عاملا على الحسيمة، والدور الذي لعبه لإخراج فريق اتحاد طنجة من غرفة العناية المركزة.
في زمن مضى كان مصطفى طارق أكثر من عامل على مدينة مراكش، كان عاشقا للدفاع الحسني الجديدي بحكم الانتماء، وعضوا في المكتب المسير للكوكب المراكشي، قبل أن يصبح عضوا جامعيا. ليس هو العامل الوحيد الذي خصص لفريق مراكش الأول مصلحة تعنى بشؤونه، فقد تلاه مولاي المامون بوفارس في تدبير فريق البهجة.
أما إدريس البصري المتيم بالنهضة السطاتية، فلا يعين عاملا على سطات إلا إذا كان عارفا بأحوال الكرة قادرا على جعل الفريق واجهة للشاوية.
كل من قادته قدماه إلى سواحل الحوزية غير بعيد عن مدينة الجديدة، ستستوقفه قبالتها باخرة جانحة، “تيتانيك الجديدة”. قصة الجنوح تعود لسنة 1987، حين أرسلت سفينة فيليبينية نداء استغاثة، كانت في رحلة تجارية من كوت ديفوار صوب هولندا، قبل أن تصاب بعطب في عرض المحيط قبالة دكالة.
ما علاقة الباخرة الجانحة بالعمال؟
كانت السفينة محملة بأشجار ضخمة يستخرج منها خشب “أكاجو” إلا أن ثقل الحمولة والتيارات البحرية القوية حالا دون استمرار الرحلة، ناهيك عن تقادم السفينة التي قضت في عرض البحر سنوات وسنوات. قبل وصولها لسواحل المدينة تخلصت من حمولتها تفاديا للغرق.
تجاوزت القيمة المالية لحمولة السفينة من الأخشاب، يومها، مليارين، إذ بدأت مياه البحر تلفظ، يوميا، خشب “أكاجو”، فيتم شحنها من طرف سلطات الإقليم بتعليمات من العامل فريد الوراق ووضعها رهن إشارة السلطة.
جرت الرياح فعلا بما لا تشتهيه السفينة الغارقة، لكن رب ضارة نافعة، إذ بفضل خشب “أكاجو” سيبني العامل الوراق مقرا للدفاع الجديدي، وستصبح للفريق خمارة تدر عليه مال السكارى، وسيعيش الفريق أزهى أيامه حين أصبح عهدة في يد عامل فتح باب مكتبه حتى للاعبين الاحتياطيين حين يشتكون من رطوبة كرسي البدلاء.