
محمد اليوبي
تعرف أسعار الخضر والفواكه ارتفاعا صاروخيا بأسواق البيع بالتقسيط، رغم تراجعها بأسواق الجملة ووفرة المنتوج. ويرجع المنتجون سبب هذا الارتفاع إلى تعدد الوسطاء والمضاربين بين أسواق الجملة والمستهلك، ويؤكدون أن الفلاحين والمنتجين لا علاقة لهم بتحديد أسعار البيع، ويعتبرون أنفسهم إلى جانب المستهلكين الحلقة الأضعف في سلسلة التوزيع.
وأكد خالد سعيدي، رئيس الجمعية المغربية للمنتجين والمنتجين المصدرين للخضر والفواكه، أن المنتجين يتكبدون خسائر جسيمة في ظل التغيرات المناخية، في حين يراكم الوسطاء أرباحا مضمونة بهوامش تفوق بكثير أرباح المنتجين، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في أسواق البيع بالتقسيط، وينعكس ذلك على القدرة الشرائية للمستهلك باعتباره آخر حلقة في سلسلة التوزيع.
وأوضح سعيدي بخصوص إنتاج الطماطم التي عرفت أسعارها ارتفاعا في الآونة الأخيرة، حيث تميزت هذه السنة بتزويد الأسواق الوطنية في ظروف جد عادية، لا في ما يخص الكمية ولا في ما يخص الأسعار، رغم أن هذه السنة عرفت ظروفا مناخية صعبة واستثنائية، حيث كانت موجات الحرارة تفوق 40 درجة في بعض الأحيان، والبرودة تقل عن درجة تحت الصفر في أحيان أخرى، وهذه الظروف تؤثر على إنتاج هذه المادة، خاصة في منطقة اشتوكة آيت باها المعروفة بإنتاج البواكر تحت البيوت المغطاة، وهي المزود الرئيسي للأسواق بالطماطم، خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى انتشار العديد من الأمراض خلال هذه السنة، التي ألحقت أضرارا بأشجار الطماطم، وأثرت سلبا على كميات المنتوج، مشيرا إلى إتلاف مساحات شاسعة بسبب هذه الأمراض.
وأبرز رئيس الجمعية أن هذه الظروف المناخية والإكراهات تنضاف إلى تكلفة الإنتاج التي عرفت بدورها ارتفاعا منذ جائحة “كوفيد” والحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدا أن كل المواد التي تدخل في الإنتاج وتسمى “مدخلات الإنتاج” عرفت أسعارها ارتفاعا غير مسبوق، حيث هناك مواد تضاعف ثمنها بأكثر من ثلاث مرات.
وأكد سعيدي أنه رغم كل هذه الصعوبات بدل الفلاحون المنتجون مجهودات إضافية مادية وبشرية للحفاظ على استقرار الإنتاج بأسعار في متناول المستهلكين، مشيرا إلى أن الفلاحة المغربية دائما تبرهن على صمودها في وجه كل التقلبات مهما كانت الظروف، سواء الجفاف أو صعوبة التسويق أو غيرها.
وحذر رئيس الجمعية من المخاطر، التي تواجه قطاع إنتاج الخضر والفواكه في ظل غياب كلي لتأمين تعاضدي لحمايته، ما يجعله عرضة لتكبد الخسائر، وتوقف النشاط والإنتاج، قبل أن يستدرك بالقول أن المنتجين ملتزمون بتزويد السوق لتلبية حاجيات المستهلكين، وتوقع انخفاض الأسعار في الأيام المقبلة، بعد التساقطات المطرية الأخيرة التي ستساهم في رفع وفرة الإنتاج.
وأكد رئيس الجمعية أن الفلاح ليس له أي تأثير على ثمن البيع بالتقسيط لأنه لا يبيع بشكل مباشر للمستهلك، ومفروض عليه المرور عبر أسواق الجملة، مشيرا إلى أن السوق حاليا تعرف تزويدا مسترسلا بكميات مهمة من الخضر والفواكه وبدون انقطاع.
وكشف سعيدي أنه في بداية الموسم كانت أسعار الطماطم بسوق الجملة بإنزكان لا تتعدى درهما واحدا للكيلوغرام، في حين كان المستهلك يشتري هذه المادة بأضعاف هذا الثمن، بسبب تعدد الوسطاء الذين يعتبرون الرابح الأكبر في سلسلة التوزيع مهما كانت الظروف.
وأضاف سعيدي أن الأسعار كانت منخفضة بسوق الجملة بمدينة إنزكان، الذي يعتبر مرجعا لأسواق الجملة بالمغرب، لأنه أكبر سوق للتزويع على الصعيد الوطني، خصوصا في الفترة ما بين شهري شتنبر ويونيو، لأنه في هذه الفترة يكون الإنتاج داخل البيوت المغطاة وفي باقي الفترات الأخرى يكون الإنتاج محلي، حسب كل منطقة. وأفاد سعيدي بأنه في بداية الموسم كان هناك ارتفاع في الإنتاج، وكان العرض يفوق الطلب، ما أدى إلى انهيار الأسعار في أسواق الجملة.
وكشف رئيس الجمعية أنه في الظروف المناخية الباردة تنخفض كمية المحاصيل، ما يؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج، موضحا أن التكلفة تصل إلى أربعة دراهم للكيلوغرام الواحد في الظروف العادية، وقد ترتفع إلى ستة دراهم في حالة انخفاض الإنتاج، الذي يتأثر بالظروف المناخية، مضيفا أنه عندما يبيع الفلاح بالخسارة فإن ثمن بيع المنتوج لا يغطي تكلفة الإنتاج، ما عدا الوسطاء الذين يربحون دائما ويساهمون في رفع الثمن.
وطالب سعيدي بضرورة التفكير في آليات جديدة للتوزيع، بحيث تكون العلاقة مباشرة بين الفلاح والمستهلك، وتحدث عن وجود عدة متدخلين في سلسلة التوزيع، مما يصبح الفلاح والمستهلك حلقتين ضعيفتين في هذه السلسلة، وأكد أنه ما بين سوق الجملة والبائع بالتقسيط يكون هامش ربحي غير معقول.