
مصطفى عفيف
وضع الحريق، الذي عرفه السوق البلدي بالمحمدية، يوم الاثنين الماضي، مسؤولي تدبير الشأن المحلي والسلطات الإقليمية أمام امتحان جديد من أجل إخراج المدينة من الركود من حيث افتقارها لمشاريع تنموية بسبب الوعاء العقاري الممتلئ عن آخره، حيث نجد أن المدينة يحدها شمالا وادي النفيفيخ وجنوبا وادي المالح وغربا المحيط الأطلسي وشرقا الطريق السيار، وينتهي المدار الحضري للمدينة عند شاطئ أولاد احميمون والمنطقة الصناعية الجنوبية.
البحث عن وعاء عقاري لتوسيع المجال الحضري للمحمدية جعل مجلس المدينة يصطدم بمجموعة من الإكراهات، منها عجز المجلس عن تنزيل مشاريع اجتماعية، خاصة وأن المجلس كان صادق على بناء محطة طرقية إلى جانب سوق البيع بالجملة، إلا أن هذه المشاريع لم تحظ بقبول الوكالة الحضرية للدار البيضاء بدعوى أنها قريبة من الوادي المالح، إلا أنها وافقت على مشاريع أخرى محاذية لمياه الوادي المالح في الجهة الأخرى لكن بتراب جماعة الشلالات، التي لا يفصلها عن جماعة المحمدية سوى الطريق السيار، الأمر الذي جعل الوكالة الحضرية للدار البيضاء تدخل في صراع مع جماعة المحمدية، في حرمان المدينة من إحداث مشروعي المحطة الطرقية وسوق الجملة.
ويشكل الوعاء العقاري للمدينة عائقا في وجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما أخرج مجموعة من المستشارين بالمجلس للمطالبة بإعادة النظر في الحدود الترابية لجماعة المجمدية التي أصبحت تعرف اختناقا إسمنتيا كبيرا وافتقارها للوعاء العقاري الجماعي، حيث أن الجماعة لم تستطع توفير أرض كافية لبناء مستشفى إقليمي، وهذا الأخير سيتم بناؤه بالجماعة الحضرية بني يخلف فوق أرض متواجدة خارج تراب جماعة المحمدية وبأموال جماعة المحمدية وذلك نظرا لضعف ميزانية جماعة بني يخلف، ويعتبر حريق سوق الجوطية اليوم فرصة للتعجيل بتوسيع المدار الحضري للمدينة، و(ستكون للجريدة عودة إلى هذا الموضوع لاحقا).
وكان حريق السوق البلدي خلف موجة من الاحتجاجات لدى التجار الذين حملوا مسؤولية الاختلالات التي يعرفها السوق البلدي بالمدينة، المعروف بـ«الجوطية»، للمجلس الجماعي بسبب غياب برنامج عام لتأهيل السوق الأكثر رواجا بالمحمدية من حيث عدد المحلات التجارية التي تتجاوز 1200 محل في وقت لا يتجاوز عدد عدادات الربط بشبكة الكهرباء النصف، ما يجعل عددا من التجار يقومون بتقاسم تلك العدادات مع محلات أخرى في غياب شروط السلامة والوقاية من الحرائق، وكذا افتقار السوق لتجهيزات إطفاء الحرائق وشروط السلامة، وفق معايير الوقاية والسلامة المتعارف عليها، حيث وجدت مصالح الوقاية المدنية صعوبة كبرى في الوصول إلى بؤر الحريق.
واستغرب تجار السوق البلدي عدم استجابة المجلس الجماعي لعدد من الطلبات التي وضعوها لدى المجلس والسلطات المحلية من أجل إعادة هيكلة السوق وتحسين الولوج إليه وإحداث ممرات خاصة بالتدخل في حال وقوع حرائق والارتقاء به. وطالب التجار أنفسهم، السلطات المحلية والإقليمية وجماعة المحمدية، بالتدخل قصد البحث عن حلول توافقية مع التجار الذين تكبدوا خسائر مادية كبيرة وتخفيف الضرر عنهم، مع إعادة هيكلة هذا السوق وتحديثه بما يليق بطموحات ساكنة المحمدية في أسواق عصرية ولائقة للمدينة وللتجار وزبنائهم.