شوف تشوف

الرئيسيةحوارسياسية

خطار المجاهدي: التعاون الوطني فاعل محوري في المساعدة والعمل الاجتماعيين

مدير التعاون الوطني في حوار مع «الأخبار»

تخلد مؤسسة التعاون الوطني، يوم 27 أبريل الجاري، الذكرى الثامنة والستين لتأسيسها خلال فترة الاستقلال على يد جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه. ويأتي هذا الاحتفاء في سياق وطني يستدعي إبراز الدور الريادي الذي تضطلع به المؤسسة، باعتبارها أول فاعل مؤسساتي في المجال الاجتماعي بالمملكة. في هذا الحوار، يستعرض مدير التعاون الوطني، خطار المجاهدي، أبرز المحطات التاريخية لهذه المؤسسة، وحصيلتها في مجال المساعدة والحماية الاجتماعية، وكذلك رؤيته وطموحاته المستقبلية لتطوير عملها.

 

حاوره: محمد اليوبي

بمناسبة تخليد ذكرى تأسيس التعاون الوطني، هل لكم أن تحدثونا عن أدوار المؤسسة، وأبرز المحطات التاريخية التي ميزت مسارها وتطور مهامها في مجال المساعدة الاجتماعية؟

تم تأسيس مؤسسة التعاون الوطني في أعقاب استقلال المملكة، وتحديدًا في 27 أبريل 1957، بحيث كانت مبادرة ملكية ذات دلالة كبيرة بالنظر إلى فلسفتها وهدفها.

وجاء تأسيس التعاون الوطني في إطار دينامية بناء وتنمية البلاد وكانت المؤسسة تهدف أساسًا إلى المساهمة في محاربة الفقر. حينها لم يكن المغرب يتوفر على أي جهاز عمومي للعمل الاجتماعي وكانت الجمعيات الخيرية الإسلامية الوحيدة التي تؤطر وتُهيكل مجال العمل الاجتماعي بالمملكة. وتوفرت كل المدن الكبرى على هذه الهياكل التي تهتم برعاية الأشخاص في وضعية صعبة، وخاصة الأطفال.

كانت الجمعيات الخيرية الإسلامية، بعد الاستقلال، تمثل الإطار المؤسساتي الوحيد للعمل الاجتماعي، ومن أجل هيكلة هذا القطاع أحدثت الدولة مؤسسة التعاون الوطني لتتكفل بتنفيذ بعض البرامج الاجتماعية، ولتوحيد ودعم الجمعيات الخيرية، التي أصبحت لاحقًا تحت وصايتها. وشكّل ذلك بداية الممارسة الفعلية للديمقراطية التشاركية بالمغرب، حيث تعاونت الدولة والمبادرات الخاصة لخلق فعل عمومي في المجال الاجتماعي. ونظرًا لأهميتها وُضعت مؤسسة التعاون الوطني آنذاك تحت رئاسة المشمولة برحمة الله صاحبة السمو الملكي الأميرة للا عائشة.

في سنة 1968 تم تحويل مؤسسة التعاون الوطني إلى مندوبية سامية. وإذا كانت فترة جلالة المغفور له محمد الخامس مرحلة التأسيس، فإن فترة جلالة المغفور له الحسن الثاني كانت مرحلة إضفاء الطابع المؤسساتي، وكان الهدف من ذلك تقريب التعاون الوطني من البنية المؤسساتية للبلاد وإدماجها ضمن آليات العمل الاجتماعي للدولة.

وبعد مضي أربع سنوات من تحويله إلى مندوبية سامية، صدر ظهير شريف تم بموجبه تحويل التعاون الوطني إلى مؤسسة عمومية، وتم تصنيفها مؤسسة عمومية تابعة لكتابة الدولة.

أما اليوم فإن مؤسسة التعاون الوطني تواصل مسارها ضمن الورش الملكي للحماية الاجتماعية الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي جعل الإشكالية الاجتماعية ومحاربة الفقر أولوية وطنية.

فمنذ صدور ظهير سنة 1957 إلى غاية مرسوم سنة 1972، كانت صياغة اختصاصات مؤسسة التعاون الوطني عامة، ويُعزى ذلك إلى كونها المؤسسة العمومية الوحيدة آنذاك المكلفة بالشأن الاجتماعي. لذلك كان من الضروري إسناد مهمة شمولية إليها تُمكنها من التدخل في عدة مجالات.

هكذا كانت مؤسسة التعاون الوطني مدعوة لتقديم الدعم بمختلف أشكاله، والمساهمة في النهوض بالأسرة. وفي هذا الإطار احتضنت المؤسسة أولى البرامج الخاصة بتمكين المرأة، فضلا عن أن أعمال الدعم والمساعدة المباشرة كانت من بين المهام الأساسية التي اضطلعت بها المؤسسة.

 

شهد المغرب سنة 2005 الإعلان عن ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهو مشروع تنموي ملكي يهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة، كيف انخرطتم كمؤسسة في هذا الورش الوطني الهام، الرامي إلى محاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي؟

منذ إعلان ورش «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في خطاب 18 ماي 2005، وجد التعاون الوطني نفسه مرة أخرى أول المنخرطين والمساهمين في هذا الورش الملكي الضخم، الرامي إلى محاربة آفة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، مؤكدا حرصه على تقريب الخدمات من المناطق النائية والفئات الأكثر احتياجا، معتمدا في ذلك على نهج أسلوب الشراكة مع كافة الفاعلين المحليين والمتدخلين الاجتماعيين، من مجتمع مدني وقطاعات حكومية وجماعات محلية، وكذا اعتماد مقاربة جودة خدمات المراكز والمؤسسات ونجاعة البرامج ونهج أسلوب الحكامة الرشيدة. وتم في هذا الإطار تكييف برامج المؤسسة مع متطلبات المحيط الاجتماعي والاقتصادي، واعتماد أساليب جديدة لإعادة تأهيل الموارد البشرية والرفع من القدرات التدبيرية للمؤسسة، وتوسيع خريطة المرافق التابعة لها لتشمل المناطق والفئات الأكثر احتياجا.

من هذا المنطلق، وفي إطار مبدأ الالتقائية مع برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وقع التعاون الوطني اتفاقية شراكة مع التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمدينة بني ملال بتاريخ 22 شتنبر 2006، بغية المساهمة في بلورة وإعداد وتنزيل مشاريع هذه المبادرة عبر برامجها الأساسية. وهي المشاريع التي عرفت مشاركة وحضورا فاعلا للتعاون الوطني عبر مصالحه الخارجية، الجهوية والإقليمية، في أشغال اللجن الترابية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك من خلال تقديم مشاريع دامجة للفئات الهشة انطلاقا من رصد هذه المصالح لموطن الخصاص في المجال الاجتماعي بالجماعات المحلية التابعة لنفوذها الترابي، وأيضا من خلال القيادة والمساهمة في تنزيل العديد من المشاريع الاجتماعية، المرتبطة بمجالات تدخل المؤسسة ووحداتها التربوية والاجتماعية، أو لها علاقه ببرامجها الاجتماعية المشتركة مع مختلف القطاعات المعنية.

 

تماشيًا مع المستجدات الاجتماعية والمتطلبات المتغيرة للفئات المستفيدة من برامج وخدمات المؤسسة، اعتمد التعاون الوطني سنة 2014 مخططًا تنمويًا جديدًا. ما أبرز معالم هذه الرؤية الجديدة؟ وكيف واصلت المؤسسة تنزيل هذا المخطط التنموي على أرض الواقع؟

شهدت مؤسسة التعاون الوطني، مع بداية الألفية الحالية، ضغطًا متزايدًا ناجمًا عن ارتفاع الطلب على خدماتها في ظل محدودية الموارد المالية، وهو ما انعكس على أداء المؤسسة وأثر على نجاعة تدخلاتها. وفي سبيل استرجاع ديناميتها وتعزيز فعاليتها، عملت الجهة الحكومية الوصية سنة 2012 على إخضاعها لدراسة تشخيصية شاملة.

وأفضت نتائج الدراسة إلى التأكيد على الدور المحوري للمؤسسة في المجال الاجتماعي، باعتبارها الفاعل الوطني الرئيسي في تنفيذ سياسات الدعم الاجتماعي، وفقًا للرؤية الاستراتيجية للمملكة الهادفة إلى محاربة الهشاشة والإقصاء.

نتيجة لذلك تم إعداد مخطط تنموي أبرز الموقع الريادي الذي تحتله المؤسسة كواجهة أساسية للاستماع والتوجيه لفائدة الفئات المستهدفة، وجرى تكليفها بمهام جديدة تتعلق بالرصد الاجتماعي، وهو ما يقتضي تعبئة موارد بشرية ومهنية قادرة على رصد وتحديد وتوطين وقياس مظاهر الإقصاء الاجتماعي على المستوى الترابي.

وتماشيا مع التحولات الاجتماعية وتزايد متطلبات الفئات المعنية، اعتمدت مؤسسة التعاون الوطني سنة 2014 مخططًا تنمويًا جديدًا، يروم تحديث آليات العمل، وتطوير المساطر وتعزيز المؤهلات من أجل الرفع من نجاعة تدخلاتها في مجال المساعدة الاجتماعية.

وفي هذا الإطار تم فتح مجموعة من الأوراش المهيكلة باعتماد مقاربة تشاركية مندمجة، عبر تنسيق مسبق مع مختلف الفاعلين في الحقل الاجتماعي، إلى جانب الانخراط الفعّال في إعادة تموقع المؤسسة كفاعل وطني مرجعي في مجال المساعدة الاجتماعية، وواجهة متميزة للاستماع والدعم والمواكبة للفئات الهشة، وداعم ميداني بخبرته في مجالي الهندسة واليقظة الاجتماعية.

وبناءً على هذه الرؤية الاستراتيجية الجديدة، واصلت المؤسسة تنزيل مضامين مخططها التنموي، انطلاقًا من مرتكزات تقوم على تعزيز أنشطتها دعماً لسياسة اجتماعية فعالة، وتطوير الخبرة في مجال المساعدة الاجتماعية، ومواكبة السلطات العمومية والترابية وكذا القطاعات الوزارية في مواجهة التحديات الاجتماعية، مع السعي إلى ترسيخ نموذج احترافي للشراكة المسؤولة مع النسيج الجمعوي.

 

مرّ المغرب بظرف استثنائي سنة 2020، تميز بفرض المملكة، على غرار باقي الدول، لحالة الطوارئ الصحية جراء تفشي فيروس «كورونا»، كيف أثبتّم حضوركم مرة أخرى كما عهدناكم كجهاز متفاعل مع مختلف الأزمات الاجتماعية التي تعرفها بلادنا؟

في ظل ظرف استثنائي اتسم بفرض المملكة، على غرار باقي دول العالم، لحالة الطوارئ الصحية واعتماد التباعد الاجتماعي جراء تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وانخراطا منها في المجهود الوطني والتعبئة الشاملة للتصدي لجائحة كورونا، قامت مؤسسة التعاون الوطني بالتكفل بأكثر من 6500 من الأشخاص في وضعية الشارع، وكذا المساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد، الذي تم إحداثه بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وفي هذا السياق قامت المؤسسة، بمواكبة من الوزارة الوصية وبإشراف ميداني للسلطات المحلية والأمن الوطني، وبمشاركة الجماعات الترابية والمصالح الخارجية المعنية، خاصة لوزارة الصحة وجمعيات المجتمع المدني، وكذا المحسنين الذاتيين والمعنويين، بالانخراط في مجموعة من المبادرات المحلية الرامية إلى تقديم المساعدة والتكفل سواء بالأشخاص في وضعية الشارع أو الأشخاص المتكفل بهم داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

واضطلاعا بمسؤولية مؤسسة التعاون الوطني تجاه الأشخاص في وضعية صعبة، والمعرضين أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بالوباء، جرى إحداث لجنة مركزية ولجان إقليمية لليقظة اضطلعت بمهمة متابعة وضعية هذه الفئات من المجتمع وتحسين ظروف التكفل بها.

فبالنسبة للإجراءات التي جرى اتخاذها، بخصوص الأشخاص في وضعية الشارع، تمت تهيئة فضاءات للإيواء فاق تعدادها 160 فضاء، وتم، بإشراف من السلطات المحلية، تنظيم دوريات لرصد الأشخاص في وضعية الشارع وإخضاعهم لفحص طبي، وتقديم الإسعافات والعلاجات الأولية وتمكينهم من الاستفادة من بعض الخدمات من قبيل الاستحمام والنظافة وحلاقة الشعر وتوفير الملابس.

 

سجلت المؤسسة حضورا متميزا، خلال فاجعة زلزال الحوز، ظهر ذلك من خلال الصور والأحداث التي تناقلتها وسائل الإعلام الوطنية، حيث كان أطر التعاون الوطني ضمن الصفوف الأمامية للتخفيف من شدة الأزمة على المتضررين من الفاجعة، كيف عشتم وواكبتم هاته الظرفية الصعبة؟

منذ الساعات الأولى لزلزال الحوز، الذي ضرب مجموعة من أقاليم المملكة يوم الجمعة 8 شتنبر 2023، أحدثت مؤسسة التعاون الوطني خلية أزمة داخلية أوكلت لها مهام التنسيق والتتبع والمواكبة لعمليات التدخل من أجل مساعدة الضحايا والمتضررين.

وفي هذا الإطار شكلت المؤسسة لجنة القيادة والتنسيق الميداني بإقليم الحوز «تحناوت»، مع توزيع نقط الارتكاز بالعمالات والأقاليم المتضررة الأخرى، «مراكش – تارودانت – شيشاوة – ورزازات – أزيلال»، تجلت مهمتها الأساسية في تقديم الدعم والمساعدة ومواكبة الضحايا والمتضررين، وكذا تسخير فرق ووحدات مختصة في مجال المساعدة الاجتماعية، والدعم النفسي والمواكبة الاجتماعية بالمناطق المنكوبة. أما على المستوى المركزي، فبالإضافة إلى التتبع والتقييم الأفقي والتوجيه الميداني، قامت المؤسسة بتعبئة جميع منسقياتها الجهوية ومندوبياتها الإقليمية بهدف تنظيم العمليات التضامنية، وتجميع المساعدات والهبات وتتبع إرسالها للمناطق المتضررة عبر الشاحنات، بتنسيق تام مع الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك.

يمكن إيجاز، وبالأرقام، أبرز تدخلات المؤسسة وأهم الموارد التي تمت تعبئتها خلال زلزال الحوز 2023، حيث جرى تجنيد 400 مساعد اجتماعي وأخصائي نفسي للتدخل الاستعجالي لفائدة ضحايا الزلزال، وتجهيز 17 وحدة للمساعدة الاجتماعية بالمناطق المتضررة، و14 وحدة للأسرة بالمناطق المتضررة و17 فضاء للأطفال بالمناطق المتضررة.

جرى، كذلك، توفير وتقديم المساعدة الاجتماعية لأكثر من 46.000 أسرة، وتوفير مواد غذائية ومساعدات عينية (الأفرشة والأغطية…) لفائدة ضحايا الزلزال، بالإضافة إلى توفير 33 سيارة وعربة، وأزيد من 3100 خيمة، وتوفير معينات تقنية من الكراسي المتحركة والمعمدات للأشخاص في وضعية إعاقة، فضلا عن تنشيط فقرات ترفيهية للتخفيف عن الأطفال من هول الكارثة، وجرد 242 مؤسسة اجتماعية متضررة من جراء الزلزال، بالإضافة إلى رصد ميزانية تقدر بـ32.700.000,00 درهم.

 

تزامن تعيينكم على رأس مؤسسة التعاون الوطني مع انطلاق ورش وطني إصلاحي كبير يتمثل في تعميم الحماية الاجتماعية لفائدة شرائح واسعة من المواطنين. بعد ثلاث سنوات من توليكم هذه المسؤولية، كيف تمكنتم من ملاءمة برامج ومخططات المؤسسة مع أهداف هذا الورش الملكي؟ وكيف تقيّمون تجربتكم خلال هذه الفترة، سواء على مستوى الإنجازات المحققة أو التحديات التي واجهتموها؟

تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده التي تضمنها خطاب العرش المجيد لسنة 2020، وكذا خطاب افتتاح الدورة التشريعية أكتوبر 2020، بشأن إطلاق ورش إصلاحي كبير يتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية لفئات واسعة من المواطنين، الرامية إلى تنزيل سياسات وبرامج تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية، وتقليص الفوارق المجالية وتحقيق تنمية مستدامة تشمل جميع فئات المجتمع، أولى التعاون الوطني أهمية كبرى لهذا الورش الملكي السامي، من خلال التزامه بوضع مخططات عمل تهدف إلى تنزيل مضامين وتوجهات هذا الورش الاجتماعي والمساهمة إلى جانب باقي المتدخلين في تحسين ظروف عيش المواطنين وصيانة كرامتهم.

واستند التعاون الوطني في إعداد مخططاته على التوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، مع الالتزام بتكريس المضامين الدستورية، الداعية إلى إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، مع السعي لضمان مقومات العيش الكريم. وكذا تيسير أسباب استفادة المواطنين على قدم المساواة من الحق في الحماية الاجتماعية، والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي.

وحرصت المؤسسة، من جهة أخرى، على الانخراط في البرنامج الحكومي، الداعي إلى تعميم الحماية الاجتماعية التي تعد الركيزة الأولى لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، من خلال إحداث نظام حقيقي للمساعدة الاجتماعية، يستهدف الأسر الأكثر هشاشة، عبر اعتماد مبادرات وبرامج تتبنى مقاربة جديدة للحد من الفقر والهشاشة وتهدف إلى توسيع رقعة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، والاعتماد على تجويد وتسهيل الولوج للخدمات الاجتماعية للقرب، وتطوير برامج التكوين والتمكين الاقتصادي للنساء، مع ضرورة تنمية المشاريع المدرة للدخل للأشخاص في وضعية إعاقة، وتأهيل الرأسمال البشري وتقوية القدرات وتعزيز فرص الإدماج الاجتماعي والاقتصادي.

ويولي التعاون الوطني، كذلك، عناية خاصة للفئات المعنية ببرامج وخدمات المساعدة الاجتماعية، وذلك من خلال تقوية ودعم البرامج والخدمات الاجتماعية الموجهة لفائدة الفئات في وضعية صعبة سيما: الأسرة، المرأة، الأطفال في وضعية صعبة، إلى جانب الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين.

ويرتكز مخطط عمل المؤسسة على ثلاثة محاور استراتيجية: تقوية قدرات المؤسسة، تنمية وتعزيز الخبرة في مجال المساعدة الاجتماعية وتطوير الشراكة مع الجمعيات. وتشمل سلة الخدمات المقدمة، من خلال المؤسسات والمراكز التابعة للتعاون الوطني، الاستقبال والاستماع والتوجيه لفائدة المستفيدين، وذلك من أجل التعرف على الحاجيات والاستجابة السريعة للمتطلبات، المرتبطة أساسا بخدمات المساعدة الاجتماعية المقدمة للأشخاص في وضعية صعبة. ويضمن التعاون الوطني، أيضا، خدمة التكفل عبر إيواء الأشخاص في وضعية صعبة أو غير مستقرة أو وضعية احتياج بمؤسسات الرعاية الاجتماعية أو بمؤسسات وفضاءات القرب، مع تقديم مجموعة من خدمات المساعدة الاجتماعية تتمثل في: الاستقبال، الإيواء، الإطعام، التوجيه، الإسعاف الاجتماعي، المساعدة الاجتماعية والقانونية، الوساطة الاجتماعية، التتبع التربوي، التكوين والتأهيل وتقوية القدرات، التتبع والمواكبة الاجتماعية، تأمين العلاجات الصحية الأولية، الدعم والمواكبة الطبية والنفسية، تأمين الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي، منح المعينات التقنية والأجهزة التعويضية والبديلة، التنشيط الثقافي والرياضي والترفيهي. وفي السياق ذاته يقوم التعاون الوطني بتنفيذ مجموعة برامج وتقديم خدمات مرتبطة بالمساعدة الاجتماعية، من قبيل الدعم والتوجيه والتتبع ومواكبة الأسر المحتاجة، وذلك من أجل تمكينها وتعزيز مكانتها داخل المجتمع.

وانطلاقا من اعتباره الفاعل الرئيسي في مجال المساعدة الاجتماعية، يتوفر التعاون الوطني على شبكة هامة من المراكز تشكل شبكة الأمان للفئات في وضعية هشاشة، موزعة على مختلف عمالات وأقاليم المملكة. وتقدم هاته البنيات والفضاءات سلة من الخدمات الاجتماعية، حسب حاجيات وخصوصيات الفئات المستهدفة من خدمات وبرامج المؤسسة، حيث يتوفر التعاون الوطني على 4066 مركزا يستفيد من خدماته أكثر من 1.3 مليون مستفيدة ومستفيد، وتهدف هذه الفضاءات، التي تعد بنيات للقرب، إلى النهوض بأوضاع المستفيدين وتحسين مستوى اندماجهم داخل المجتمع، وذلك بتنسيق مع مختلف الفاعلين.

 

وماذا عن المشاريع المستقبلية المبرمجة؟

انسجاما مع البرنامج الحكومي، الذي يستمد أسسه من التوجيهات الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفي إطار تنزيل استراتيجية وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة الرامية إلى المساهمة في تعزيز أسس الدولة الاجتماعية وتكريس قيم الحكامة الجيدة في الحقل الاجتماعي، يواصل التعاون الوطني جهوده لبلوغ التغيير المنشود وتحسين الاستهداف لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، سيما تلك المتعلقة بمكافحة الفقر وعدم المساواة.

وبناء عليه، وبغاية تحسين فعالية تدخلاته وتجويد خدماته، يعمل التعاون الوطني على تعبئة مجموعة من الشراكات المهيكلة مع أطراف متعددة: المجالس المنتخبة، قطاعات عمومية، التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤسسة محمد الخامس للتضامن،… إلخ.

وفي إطار عقود البرامج بين الدولة والمؤسسات العمومية، تعمل المؤسسة على إعداد مشروع عقد برنامج يتضمن مخططا خماسيا حدد هدفه العام في تعزيز دور التعاون الوطني كفاعل أساسي في مجال الحماية والمساعدة والإدماج الاجتماعي والمساهمة في تحسين مؤشرات التنمية المستدامة.

ويشتمل مشروع عقد البرنامج، الذي يستلزم تعبئة موارد مهمة بهدف تنزيله، على أربعة محاور استراتيجية، وهي تقوية قدرات التعاون الوطني، وتنمية برامج الرعاية والإدماج الاجتماعي والتضامن، وتعزيز الخبرة في مجال اليقظة والمساعدة الاجتماعية ثم أخيرا تقوية وتعزيز الشراكة.

وفي مجال تدبير الموارد البشرية التابعة للمؤسسة، وبهدف تحفيز رأسمالها البشري، عمل التعاون الوطني على إشراك مستخدميه في دورات تكوينية همت كافة مجالات تدخله.

وفي إطار إعمالها للمقاربة التشاركية أسلوبا تدبيريا ناجعا، تقوم المؤسسة بإشراك تمثيلياتها الترابية وكافة فرقائها الاجتماعيين في بلورة البرامج الاجتماعية ذات البعد المجالي والوطني والتوافق حول طرق التدخل الميداني ضمانا لتحقيق النتائج المرجوة.

ودائما في سياق تجويد العرض الخدماتي، باشرت المؤسسة تعديلات بنيوية في أنماط تدخلها وتعمل على تعميم جيل جديد من المؤسسات على المستوى الوطني بهدف تعزيز الروابط الاجتماعية والأسرية، وذلك بشكل يتماشى مع متطلبات المرحلة ويقنن مسار كل خدمة في إطار دامج ومستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى