شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

سياسة عقابية «مُفخخة»..

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

 

أطنان الإرساليات التي يتوصل بها المغاربة هذه الأيام، في منازلهم، سيكون لها بدون شك تأثير على التجار. التجهيزات المنزلية والهواتف النقالة متوسطة الجودة والتكلفة، والآلات الكهربائية وأدوات الترفيه وحتى المُعدات.. كلها تأتي من الصين بضغطة واحدة، وأحيانا بأسعار منخفضة جدا..

لم نسمع حتى الآن عن أي تدخل لجمعيات حماية المستهلك، خصوصا وأن بعض السلع التي يتم شراؤها «أونلاين» تُستعمل في الطبخ والسكن. وعلى غرار «شاحن» الهاتف الرخيص، يمكن أيضا لأي من هذه الأغراض أن تحول منزل أسرة مغربية إلى بقايا متفحمة في رمشة عين..

الكثيرون توصلوا بسلع مجانية، وأكدوا أن الشركة الصينية أوفت فعلا بوعدها ولم يدفعوا درهما واحدا للتوصل بسلع تتجاوز قيمتها 100 دولار. وهنا يحق أن نتساءل عن معايير السلامة. إذ لا يمكن لشركة أن تتكبد خسائر لكي يستفيد المتعاملون معها من سلع تُشحن بحرا وتصلهم إلى عتبة المنزل مجانا.

هناك انتعاش كبير ورواج في عمليات البيع، وهذا بالضبط هو السر من وراء هذه الصفقة.

لنربط الأمور بسياقها إذن. يوم 21 أبريل الماضي، أعلنت وزارة التجارة الصينية أنها «سوف تعارض بشدة أي طرف يعقد صفقة على حساب مصالح الصين». ولوحت بـ«إجراءات مضادة» ضد أولئك الذين يتعاونون مع الولايات المتحدة في إطار السياسة الاقتصادية «العقابية» التي شنها الرئيس ترامب ضد الواردات الصينية.

الخبراء الأمريكيون يحذرون حاليا مما بات يعرف بـ«صدمة صينية ثانية» وشيكة الوقوع، ويقصدون هيمنة الصين على سوق السيارات الكهربائية والألواح الشمسية.

مصانع السيارات الكهربائية، التي تدعمها الصين، تطرح 60 بالمئة من إجمالي إنتاج السيارات الكهربائية على مستوى العالم، وتسيطر على 80 بالمئة من سوق صناعة وحدات الطاقة الشمسية.

اتجاه الصين، بعد القرار الأمريكي، إلى إنتاج السلع منخفضة السعر من شأنه أن «يُزلزل» السوق العالمية ويُخل بمبدأ تكافؤ الفرص.

الحد من وصول التكنولوجيا الأجنبية إلى الصين، وفرض رسوم مرتفعة (بلغت 125 في المئة) على الصادرات الزراعية الأمريكية، وسائل عقابية لجأت إليها الصين لحماية اقتصادها من القرار الأمريكي، أو من الرئيس ترامب تحديدا.. لكن الخبراء يُنذرون بعواقب هذا الصراع، وتدهور اقتصاد الدول الضعيفة المرتبطة بهذا السوق المتقلب..

الصينيون يعانون من مشكل يتمثل في انخفاض معدل إنفاق الأسر الصينية، بعكس الأسر الأمريكية، إذ إن معدل إنفاق الأسر في الصين لا يتجاوز 38 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 68 في المئة عند الأمريكيين. وهذا ما يجعل الصينيين يخسرون أولى المعارك مع الأمريكيين، وهي معركة «التداول المزدوج».

يبدو أن الرئيس «ترامب» ماض في سياسته. ورغم أن الصينيين سخروا منه في البداية، إلا أن ما يقع في السوق الدولية في الوقت الحالي، يؤكد أن الضربة الأمريكية كانت موجعة، بل إن أثرها يظهر كلما تقادم القرار الأمريكي المتعلق بالضرائب على السلع الصينية.

يُهدد الصينيون حاليا بتجميد سوق صادرات المعادن النادرة. وهو سوق يتحكم في مجال الصناعات الدقيقة بما فيها صناعة الطيران وتكنولوجيا الصواريخ والأقمار الصناعية. والمعروف أن الصين لا تتحكم فقط في المناجم الواقعة في نفوذها الترابي وحسب، بل تتحكم أيضا في مناجم واقعة في القارة الإفريقية، خصوصا في الدول «المتخلفة» التي أغرقتها بالديون طوال السنوات العشرين الأخيرة.. إذا كان هناك منجم ذهب في بلد إفريقي يعيش شعبه على مساعدات المنظمات الإنسانية، فهذا يعني أن الصين قد توقف التصدير وتضع السعر الذي يراه الجالسون في «بكين» مناسبا.

 

هناك دائما حلول لدى القوى التي تقود العالم لكي تحل أزماتها الداخلية. إذا أغلقت أمريكا باب السوق على الصين، فإن السلع الصينية سوف تصلك إلى عتبة المنزل. وهم الذين سوف يبحثون عنك.. ولا تتعجب!

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى