
محمد اليوبي
تتعرض أشجار الأرز بغابات الأطلس للنهب من طرف عصابات منظمة، وخاصة بإقليمي ميدلت وإفران، حيث تتزايد عمليات قطع ونهب أشجار الأرز ونقلها عبر شاحنات في واضحة النهار، وذلك بتواطؤ مسؤولين بالوكالة الوطنية للمياه والغابات على مستوى بعض الأقاليم، الذين يعاقبون عناصر الشرطة الغابوية الذين يقومون بمهامهم في مكافحة الجنح الغابوية.
وأكدت المصادر أن رجال الشرطة الغابوية أصبحوا يتخوفون على مستقبلهم المهني، بعد إقدام إدارة الوكالة الوطنية للمياه والغابات على معاقبة عنصرين من شرطة الغابات بإقليم إفران، لأنهما قاما بحجز سيارة ومطاردة شاحنة محملة بالخشب المسروق، وهو ما يفسر تراجع مكافحة الجنح الغابوية والتصدي للعصابات التي تنشط في مجال قطع وتهريب الأرز في الأطلس المتوسط، كما أصبحت عمليات قطع وتهريب خشب الأرز تتم في واضحة النهار.
وأفادت المصادر بأنه تم تسجيل حالة غير مسبوقة في تاريخ الوكالة وقبلها المندوبية السامية للمياه والغابات، من خلال معاقبة عنصرين من الشرطة الغابوية المتنقلة يشتغلان بمركز حماية الغابات بإفران، حيث أصدرت الوكالة قرارا تأديبيا في حقهما بدون استفسار مسبق وبدون إحالتهما على المجلس التأديبي ودون مراعاة المقتضيات القانونية والمسطرية المنظمة للحركة الانتقالية، بتنقيل أحدهما إلى مدينة بوعرفة والثاني إلى مدينة غفساي بإقليم تاونات، ما جعلهما يتقدمان بطلب إلى وزير الفلاحة من أجل إنهاء إلحاقهما بالوكالة وعودتهما إلى وضعيتهما الأصلية داخل قطاع الفلاحة.
وقام هذان العنصران بصياغة تقرير إلى النيابة العامة حول جرائم قطع ونهب أشجار الغابات، أوضحا من خلاله أنهما أثناء تواجدهما بالمسكن الغابوي المتواجد بمنطقة «عين أكمكم» تلقى أحدهما مكالمة هاتفية تفيد بأن شاحنة تقوم بتحميل الخشب بالمكان المسمى «لارجام»، والتابع إداريا لجماعة وقيادة «تيزكيت» بإقليم إفران، بعد ذلك، قامت عناصر الفرقة المنتقلة للشرطة الغابوية بمحاولة التنسيق مع الرئيس المباشر، لكنهما لم يتمكنا من ربط الاتصال به، حيث كان هاتفه يرن دون إجابة، لأنه كان متواجدا خارج الإقليم.
وأضاف التقرير أنه بعد عدة محاولات للاتصال بالمسؤول، ونظرا لضيق الوقت، قاما بالاتصال بالمدير الإقليمي للوكالة الوطنية للمياه والغابات الذي طلب منهما اتباع تعليمات النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بأزرو، حيث أعطت تعليماتها للمركز الترابي للدرك الملكي بإرسال دورية لمؤازرتهما، وعلى إثر ذلك قام عنصرا الدورية بالتواصل مع عناصر الدرك الملكي لتنسيق التدخل قصد توقيف الشاحنة عند خروجها من ملتقى طريق غير معبد والطريق رقم P7048، حيث تمت مراقبة الموقع من مكان قريب من الملتقى.
وفي وقت متأخر من الليل، قامت عناصر دورية الشرطة الغابوية، بتنسيق مع عناصر الدرك الملكي، باعتراض شاحنة محملة بالخشب المسروق، لكنها لم تمتثل لإشارة التوقف ولاذت بالفرار، وبعد مطاردة الشاحنة فوجئا عنصرا الدورية بسيارة تتجاوزهما بسرعة، وقامت بعرقلة عملية المطاردة، حيث نزل منها مالك الشاحنة يسمى «لحسن.و»، الذي ادعى أنه يتوفر على نفوذ داخل الإقليم، وله علاقات مع مسؤولين إقليميين بالوكالة، وصرح لعنصري الدورية أنه لن يسمح لهما بحجز الشاحنة مهما كلفه الأمر. وبعد استفساره عن حمولة الشاحنة، أكد أنها تحمل ألواح خشب تم قطعه من الغابة بدون ترخيص.
وأضاف التقرير أن عناصر الدرك الملكي تمكنت من توقيف السيارة على بعد حوالي كيلومترين، حيث قاموا بحجز وثائقها ومفتاحها، وذلك بناء على تعليمات النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بأزرو، وقامت عناصر الدرك الملكي بتسليم السيارة إلى دورية الشرطة الغابوية، قصد إيداعها المحجز، بالإضافة إلى وثائقها. وأكد التقرير أنه بحضور وإشراف عناصر الدرك الملكي، قام مالك السيارة بتفتيشها للتأكد من خلوها من أي أشياء ثمينة، كما لاحظ عنصرا الدورية وجود كمية صغيرة من الفحم الخشبي في خلفية السيارة، مما أثار فضولهما، وتم توثيق العملية بشريط فيديو.
والخطير في الأمر أنه بعد حجز السيارة ووضعها بالمجر البلدي بمدينة إفران، تدخل مسؤول بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، وطلب منهما تسليم السيارة إلى صاحبها، مدعيا أنه اتصل بالنيابة العامة، وقدم معطيات مغلوطة حول الواقعة، رغم أنه كان متواجداً بمقهى بمدينة إيموزار رفقة رئيس منطقة القرب بهذه المدينة، حسب تصريحه هاتفيا، ولم يكن حاضرا طيلة مراحل التدخل، وهو ما يمكن تأكيده من خلال شهادات عناصر الدرك الملكي والشهود الذين حضروا عملية حجز السيارة.
وفي اليوم الموالي، انتقلت الفرقة المنتقلة للمياه والغابات لتفحص موقع توقيف السيارة وجمع المزيد من الأدلة، حيث تمكنت من العثور على ثلاثة أكياس من الفحم الخشبي على بعد حوالي 100 متر من موقع توقيف السيارة، إلا أنهم لم يتمكنوا من حجزها نظرا لعدم توفرهم على الوسائل اللوجستية، وبعد ربطهم الاتصال برئيسهم المباشر حتى يتسنى لهم الانتقال إلى المكان الذي تم نقل المواد الغابوية منه، لم يرد على الاتصالات مرة أخرى، وحتى يتسنى لهم إتمام البحث انتقلت الفرقة المنتقلة رفقة ممثل السلطة المحلية إلى مكان قريب من موقع القطع، حيث عاينت الفرقة قطع كمية كبيرة من الأشجار لم يتمكنوا من تحديد مساحتها بدقة.