شوف تشوف

الرأيالرئيسية

عمرو الشوبكي

تقدم أحزاب المعارضة في الانتخابات المحلية التركية، وتراجع حزب العدالة والتنمية الحاكم، عكس تطور التجربة الديمقراطية في اتجاه الانتقال من نظام الديمقراطية المقيدة إلى الديمقراطية الكاملة. وقبل هذا التطور كانت الانتخابات الرئاسية الماضية، التي فاز فيها الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية جديدة (يفترض أن تكون أخيرة وفق الدستور)، بعد جولة إعادة لم تعرفها أي انتخابات تركية رئاسية سابقة، وحصل فيها على 52 في المائة من أصوات الناخبين، في مقابل 48 في المائة لمرشح المعارضة، كمال كلوشيدار أوغلو.

هذا المشهد الديمقراطي أحد مظاهره، تقدم المعارضة وقدرتها على إحداث عملية تداول على السلطة بالوسائل السلمية والديمقراطية، فقد سبق أن خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم 28 مقعدا في الانتخابات البرلمانية، لكنه حصل من خلال تحالفه مع أحزاب الحركة القومية والمحافظة، أي حزبي الاتحاد الكبير والرفاه، على أغلبية في البرلمان بحصوله على 321 مقعدا.

إن أحد مظاهر التطور الديمقراطي في أي بلد هو تعمق التحالفات الانتخابية، وهذا ما شهدته الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فتأسس تحالف الجمهور الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية والحركة القومية والاتحاد الكبير والرفاه، وحصل على 321 مقعدا، أما تحالف الأمة فضم أحزاب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، وحصلا على 213، أما تحالف العمل والحرية فضم الشعوب الديمقراطي «اليسار الأخضر» والعمال التركي، وحصل على 65 مقعدا.

أما الانتخابات المحلية فقد احتفظت فيها المعارضة التركية، وفق النتائج الأولية، ببلديات المدن الكبرى، خاصة «الثلاث الكبرى»، أي إسطنبول وأنقرة وأزمير.

وقد اعترف أردوغان بالهزيمة، وقال إن ائتلافه الحاكم لم يحقق النتائج المرجوة، وأضاف وهذا هو المهم «أنهم سيحاسبون أنفسهم وسيعالجون أوجه القصور»، وأن الانتخابات شكلت «نقطة تحول» لحزبه، لكنه وعد «باحترام قرار الأمة».

ووفق النتائج الأولية، حصل رئيس بلدية إسطنبول المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، على حوالي 54 في المائة من الأصوات، مقابل حوالي 45 في المائة لمرشح حزب العدالة والتنمية.

قيادات حزب الشعب الجمهوري ذكرت تعليقا على فوز مرشحها برئاسة بلدية العاصمة أنقرة: «انتهت الانتخابات، وسنواصل خدمة أنقرة وسكانها الستة ملايين بدون تمييز»، وهو موقف إيجابي فيه انفتاح على من أيدوها ومن عارضوها.

ورغم الدعم السياسي المباشر الذي قدمه أردوغان لمرشحي حزبه، حيث عقد مهرجانات انتخابية وصلت أحيانا إلى أربعة مهرجانات في اليوم، وخاض شخصيا معركة مرشحه لإسطنبول الوزير السابق، مراد كوروم، ومع ذلك خسر الرجل المقعد ولم تُزوَّر انتخابات بلدية إسطنبول لصالح مرشح الرئيس، بل خسر معظم قادة حزبه الانتخابات المحلية. أهمية الانتخابات الثلاثة، التي جرت في تركيا العام الماضي وهذا العام، أي الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية، أنها عمقت التجربة الديمقراطية، فقد اقتربت المعارضة لأول مرة من إحداث التحول التاريخي، أي تداول السلطة سلميا مع الحزب الحاكم، وهو أمر في حال حدوثه سيعني بداية تأسيس تركيا ديمقراطية كاملة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى