شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

عن أي ممتلكات تتحدثون؟

يونس جنوحي

 

ربما لم يُلق المغاربة اهتماما لما نُشر قبل أيام حول ما سُمي «اللجنة الجزائرية الفرنسية حول فترة الاستعمار»، بحكم أن موضوع النظام الأساسي الذي أخرج أسرة التعليم إلى الشوارع، كان أهم من معرفة مخرجات الاتفاق بين أعضاء هذه اللجنة المكونة من فرنسيين وجزائريين.

لكن الحقيقة أن ما اتفقت عليه هذه اللجنة قبل أيام فقط، علينا أن ننظر إليه باهتمام. فقد تقرر استرجاع ممتلكات الأمير عبد القادر وإعادتها إلى الجزائر. ولكم أن تتصوروا هنا حجم ما يمكن للمغرب أن يستعيده من فرنسا، تفوق قيمته بكثير مقتنيات الشخصيات المغربية والجزائرية، وحتى شخصيات من جنسيات أخرى. لأن ما سُرق من المغرب في فترة الحماية، تجاوز بكثير الممتلكات الشخصية إلى ما يمثل القيمة الرمزية التي يتشارك فيها المغاربة جميعا.

ما يحتفل به الإعلام الجزائري هذه الأيام، على أساس أنه ورش للذاكرة المشتركة، لا يعدو أن يكون واحدا من تداعيات زيارة ماكرون الأخيرة إلى البلاد في وقت كان فيه الجزائريون ينتظرون انفراجا اقتصاديا يخرج البلاد من الأزمة الخانقة التي أخرجت الناس ليقفوا في طوابير للحصول على المواد الاستهلاكية الأساسية في بلد يحتل صدارة الدول المُزودة بالغاز الطبيعي لأقوى الدول الأوروبية. لكن بدل أن يتم الإعلان عن جدولة للديون، وهذا ما كان ينتظره الخبراء، أعلن ماكرون عن تأسيس لجنة مشتركة لدراسة مرحلة الاستعمار والاعتذار عن جرائم فرنسا. علما أن بعض أعضاء اللجنة الجزائرية هم أنفسهم جريمة من جرائم الاستعمار، بحكم أن بعضهم لا يتحدثون العربية إطلاقا!

خمسة أشخاص جزائريين وخمسة فرنسيين، جلسوا في الجزائر، وليس في فرنسا، واتفقوا على أن تستعيد الجزائر ممتلكات الأمير عبد القادر.

هذا الأخير، لولا الدعم الذي لقيه من المغرب عندما كان يخوض حربه ضد الجيش الفرنسي، لما قاد مقاومة نوعية جعلت اسمه يُخلد في التاريخ. حتى أن دعم المغرب له في المنطقة الحدودية في وجدة، جعل فرنسا تمتلك ذريعة للتحامل مع المغرب والتخطيط لولوجه. وكان المغاربة مستعدين لدفع ثمن مؤازرتهم لإخوانهم في الجزائر حتى لو اقتضى الأمر الدخول في معركة في المنطقة الشرقية، ضد الجيش الفرنسي، وهو ما وقع فعلا، والبقية تعرفونها.

وحفيد الأمير عبد القادر جاء بممتلكاته إلى المغرب وعاش سنوات طويلة جدا في الشمال.

من سوف يُحدد يا ترى ممتلكات الأمير عبد القادر لكي تستعيدها الجزائر؟ وحتى لو تم تحديدها فعلا، هل يضمن أعضاء هذه اللجنة أنهم استعادوا فعلا جزءا من الذاكرة المشتركة للجزائريين إن هم استعادوا متعلقات شخصية للأمير الذي يعتبر رمزا من رموز الكفاح ضد الاستعمار؟

ما يجب أن يُسترجع من فرنسا، هو آلاف الآثار والمخطوطات والمدافع الحديدية التي يعود تاريخها إلى قرون خلت، وكلها سُرقت بداية القرن الماضي من منطقة شمال إفريقيا كاملة، وليس فقط حزمة من أوراق تعود ملكيتها إلى شخص معين.

هل يملك الجزائريون الخمسة الذين يروجون الآن لإنجازهم، فكرة عما سرقه الاستعمار الفرنسي في المنطقة الشرقية المشتركة بين المغرب والجزائر من مخطوطات عثر عليها جنودهم في القصبات القديمة؟ هناك مكتبات كاملة صادرتها فرنسا عندما كان أصحابها ينوون تهريبها حتى لا تصل إليها أيادي الجنود الفرنسيين عند دخولهم إلى المناطق المغربية، ولا أحد يدري مصيرها.

فرنسا متورطة في سرقة تاريخ شمال إفريقيا وليس فقط احتلال الدول، وإلا كيف يفسرون لنا توافد أعداد من الباحثين المتخصصين في الآثار إلى المغرب، والذين كانت أعدادهم في بعض الأحيان تفوق أعداد قادة الحملات العسكرية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى