سهيلة التاور
اسمها جيل تريسي جاكوبستبلغ من العمر 69 عاما، وهي ابنة جياكوبا (Giacoppa)، الموظف السابق في أحد المصارف الأمريكية الذي ينحدر من أصل إيطالي، ووالدة منحدرة من أصول إنجليزية واسكتلندية امتهنت التنظيف.
وكانت جيل، الشقيقة الأكبر لأربع بنات، تمتهن التعليم لسنوات طويلة وهي من دعاة إصلاح المدرسة الأمريكية، والفرصة قد جاءتها لتجسيد أفكارها. في شهر غشت الماضي، قالت جيل بايدن للصحافة «أحب التعليم، وإذا وصلنا إلى البيت الأبيض سأواصل التدريس. أريد من الجميع أن يقدروا المعلمين، وأن يعرفوا مساهماتهم، ويحترموا مهنة التعليم أكثر». كما أبدت جيل بايدن اهتماما خاصا أيضا بعائلات العسكريين الأمريكيين ونشطت في مجال التوعية من أخطار مرض السرطان وهي التي تألمت كثيرا وزوجها جو لوفاة قريب بسرطان الدماغ.
حازت جيل بايدن درجة البكالوريوس من جامعة ديلاوير، ودرجتي الماجستير من جامعة ويست تشيستر ومن جامعة فيلانوفا، ودرجة الدكتوراة من جامعة ديلاوير. ودرست جيل اللغة الإنجليزية في المدارس الثانوية لمدة 13 عامًا، وعملت بين عامي 1993 و2008 في تدريس اللغة الإنجليزية وكتابتها في كلية ديلاوير الفنية والمجتمعية.
وبعد زواجها الأول الذي تم عام 1970 وانتهى إلى طلاق بعد 4 سنوات، تعرفت جيل على السيناتور جو روبينات بايدن سنة 1975 وهي في عامها الدراسي الأخير. وكان بايدن حينها أبا في الـ33 من عمره يرعى طفليه بعد وفاة والدتهما. وابتدأت العلاقة بينهما بدعوة من جو إلى السينما في فيلادلفيا ، لتنتهي إلى زواج وأنجاب ابنتهما آشلي العام 1981وتصبح جيل بايدن اليوم، بعد مشوار حياة طويل، السيدة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية.
مساندة قوية
اختارت جيل الدخول في عدة معارك إلى جانب زوجها، عبر دعمه ومساندته، إذ أنشأت سنة 1993 «مبادرة بايدن لسرطان الثدي» لتثقيف الشابات ذوات الدخل المنخفض بشأن الوقاية من أمراض الثدي، كانت المبادرة بسبب إصابة أربع من صديقاتها بسرطان الثدي في نفس العام.
وساهمت من خلال منظمتها الصغيرة «Book Buddies» في مساعدة العديد من العائلات الفقيرة، إذ تجمع الكتب وتوزعها على أولئك الذين لا يقدرون على شرائها بسبب ظروفهم، مما جعل اسمها مرتبطاً بالمبادرات الاجتماعية.
ولم تكتف جيل بذلك، إذ إنها اتخذت مواقف سياسية مع زوجها كذلك، ففي عام 2001، وصلت إلى تجمع حاشد للحزب الديمقراطي بقميص أسود مكتوب عليه كلمة «لا» في موقف علني أمام منخرطيه أنها لا تريد بايدن أن يترشح للبيت الأبيض.
وبعد إعادة انتخاب جورج بوش في عام 2004، ارتدت الزي الأسود بالكامل لعدة أسابيع، قالت وقتها إنها «في حداد» تخليداً لذكرى الجنود الذين قتلوا في حرب العراق. إلا أنها اكتشفت في عام 2007 من الإقبال على الاجتماعات داخل الحزب الديمقراطي بأن الولايات المتحدة متجهة نحو الديمقراطيين، وأن باراك أوباما في طريق مُعبّدة نحو البيت الأبيض، فنصحت زوجها بالانضمام إليه قائلة «أوباما قادر على الوصول» لتصبح بعدها السيدة الثانية في أمريكا.
في تجمع حاشد في لوس أنجلوس، وخلال حشد انتخابي ضخم، اندفع أحد المتظاهرين إلى المنصة لمقاطعة جو بايدن، ليجد أمامه جيل كحامية لزوجها، شرحت موقفها وقتها بأن «عليها دائماً أن تحمي أحباءها»، إذ وصفتها القناة بأنها ظِل بايدن الذي لا غنى عنه، ممرضته ومستشاره.
وفي واشنطن، تقارنها التقارير الإعلامية بنانسي ريغان، «معالجة الرئيس»، خاصة مع رئيس مسن 78 سنة، أدارت نانسي بابتساماتها المكتب البيضاوي بقبضة من حديد، وهو ما ظهر مع جيل إبان الحملة الانتخابية حيث كانت مديرة حملة بايدن الفعلية التي تدير جدوله الزمني وطريقة ظهوره، خوفاً من كورونا. وتأكيداً لذلك، قال رون كلاين، كبير موظفي البيت الأبيض المستقبلي في جو بايدن، أن «جيل ستكون عنصراً أساسياً في الإدارة القادمة ومستشار الرئيس الأكثر أهمية، وهي أكثر العناصر نيلاً لثقته».
وفي 7 نونبر 2020 ، وفي أول خطاب له إلى الأمة بعد انتصاره، شكر الرئيس المنتخب حديثاً جو بايدن زوجته مرة أخرى على «عملها الدؤوب إلى جانبه»، وقال بعينيه في الكاميرات: «أنا زوج جيل: الأم وأم العسكريين والمعلمة».
طموحة ومستقلة
نالت جيل بايدن شهادة الدكتوره في التعليم عام 2007، وهي معلمة مدرسة منذ عقود. واختارت السيدة جيل أنها لن تكون سيدة أولى كلاسيكية، إذ إنها لا تريد التخلي عن وظيفتها كمحاضرة في كلية مجتمع فرجينيا الشمالية، على بعد حوالي 32 كيلومترا غرب البيت الأبيض، متعلقة جداً بوظيفتها حيث تقول ميشيل أوباما أنها لم تر قط جيل دون مجموعة من النسخ لتصحيحها.
عندما جرى تعيين زوجها نائباً للرئيس باراك أوباما سنة 2008، واصلت جيل التدريس أربع مرات في الأسبوع في إحدى جامعات فرجينيا، وكانت تجيب دائماً على أسئلة الطلاب على علاقتها ببايدن بأنها «صديقة مقربة منه»، وللتحفظ، طلبت من عملاء الخدمة السرية الذين يحمونها عدم الدخول معها إلى الفصل. وجيل بايدن قالت بالفعل إنها ستبقى أستاذة حتى بعد دخولها البيت الأبيض، وبذلك ستصبح السيدة الأولى لأول مرة التي تعمل في المجتمع الأكاديمي. وخلال مؤتمر الحزب الديمقراطي في الصيف الماضي، اختارت جيل خطابها بصفتها السيدة الأولى في المستقبل، من فصلها الصغير في كلية ديلاوير في دلالة على عدم التخلي عن مهنتها.
وبعد أكثر من 230 عاما من تقلّد مارثا زوجة الرئيس جورج واشنطن منصب السيدة الأولى عام 1789، ستكون «جيل» الأولى التي تدخل البيت الأبيض وتشغل في الوقت ذاته وظيفة يومية. حتى أنه عندما كانت «جيل» السيدة الثانية، كانت تحمل معها عادة فستان سهرة لارتدائه بعد إنهاء عملها في الكلية، حيث تتوجّه مباشرة إلى البيت الأبيض أو مقر إقامة نائب الرئيس لحضور الحفلات والمراسم المسائية.
تحديات مقبلة
استطاعت «جيل» أن تصبح رسميا السيدة الأولى للولايات المتحدة. ورغم أن هذا المنصب لا يتطلّب أي واجبات دستورية، فإنه منصب مليء بالتحديات والمتاعب. فقد عانت السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما من سوء المعاملة والكثير من التعليقات العنصرية حول جسدها وملابسها. كما واجهت السيدة الأولى ميلانيا ترامب كذلك انتقادات لاذعة بسبب عدم انتقالها من نيويورك إلى البيت الأبيض مباشرة بعد فوز زوجها بالرئاسة، ورأى كثيرون أنها «منعزلة» و»عديمة الإحساس» كما هاجمها آخرون بدعوى عدم مواجهة زوجها والتنديد بسياساته.
ف»جيل» -البالغة من العمر 69 عاما- تتقلد هذا المنصب الرمزي وهي تتمتع بعدة مزايا لم تحظ بها كثير ممن سبقوها، فمن غير المنتظر أن تتعرّض لإساءات عنصرية، كما أنها قد تلعب دورا مهما فترة رئاسة زوجها حتى وإن لم تحصل على منصب رسمي.ودور السيدة الأولى لن يكون شيئا غريبا على «جيل» حيث كانت السيدة الثانية للولايات المتحدة لمدة 8 سنوات، عندما كان زوجها نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، واستفادت كثيرا من احتكاكها بالسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما.
وكتبت «ميشيل» في منشور لها على إنستغرام قبل انتخابات عام 2020 «أنا محظوظة جدا لأنني تعرفت على الدكتورة (جيل) بايدن أثناء وجودنا في البيت الأبيض، وقد كانت شريكتي».
ذوق راقي
تعكس أزياء جيل بايدن شخصيتها القوية والمرحة في الوقت ذاته. ييدو أن الفساتين المشجرة هي المفضلة لديها، كونها في أكثر من مناسبة اختارت فستان مطبّع بهذه النقشة بألوان مختلفة. ويوم انتخاب جو بايدن رئيس للولايات المتحدة الأميركية، اختارت إطلالة كلاسيكية ومرحة في الوقت عينه واعتمدت فستان مشجر أسود من Oscar De La Rentaمطبّع بالزهور الملوّنة. إلى جانب حبّها لنقشة الزهور، يبدو أن جيل بايدن تميل أيضاً إلى التصاميم التي تتداخل فيها أنماط ورسومات مختلفة. من ناحية أخرى هي تحب الأسلوب المينيمالي الناعم الذي غالباً ما نراها به، ففي الكثير من الأوقات تعتمد فستان يصل إلى حدود الركبة أو سروال مع قميص. إلى جانب أزيائها المرحة، المينيمالية والناعمة، تلجأ جيل بايدن في بعض الأحيان إلى التصاميم المشاكسة. في إحدى المناسبات اعتمدت فستان جلد أسود مع حذاء أزرق بالكعب العالي. أما يوم تنصيب الرئيس بايدن فقد اختارت جيل فستان أزرق سماوي مع معطف باللون نفسه والذي أعطاها طلة بهيجة وكلاسيكية في نفس الوقت.