
النعمان اليعلاوي
تشهد مدينة الرباط توترا سياسيا متزايدا، على خلفية قرارات هدم مبان في حي المحيط، حيث أصبحت هذه العمليات محور خلاف حاد بين المنتخبين، بين مؤيدين للهدم باعتباره ضرورة للتنمية العمرانية، ومعارضين يرون فيه استهدافا للفئات الهشة وسوء تدبير للملف.
ويعتبر مؤيدو الهدم، ومن بينهم منتخبون محسوبون على الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي، أن هذه العمليات تأتي في إطار مخطط تأهيل الأحياء العشوائية وتحسين المشهد الحضري للعاصمة، خصوصا مع الاستعدادات الجارية لاستقبال فعاليات كأس العالم لكرة القدم 2030. ويرون أن هذه القرارات تهدف إلى خلق فضاءات منظمة تحترم معايير التهيئة الحضرية.
في المقابل، يعترض منتخبون من المعارضة على هذه العمليات، معتبرين أنها تُنفَّذ دون تقديم حلول بديلة مناسبة للمتضررين، متهمين المجلس الجماعي وولاية الرباط بالتهاون في تدبير الملف الاجتماعي للسكان المتأثرين. وأكد بعضهم أن الأولوية يجب أن تكون لتوفير سكن بديل، قبل الشروع في أي عمليات هدم، محذرين من أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى احتجاجات اجتماعية، وتفاقم أزمة السكن في المدينة.
وفي هذا السياق، قال مستشار من المعارضة داخل مجلس مدينة الرباط: «لا يمكن تنفيذ مشاريع التهيئة على حساب الفئات الهشة، ودون إشراك السكان في اتخاذ القرار. ما يحدث هو ترحيل قسري غير مبرر». بينما يرى منتخب من الأغلبية أن «تنمية المدينة لا يمكن أن تتوقف، بسبب رفض البعض للتغيير. هناك حاجة إلى تطوير الأحياء، بما يليق بعاصمة البلاد».
وفي هذا السياق، سارعت أحزاب المعارضة إلى تقديم نفسها مدافعة عن السكان «ضد قرار الولاية»، وذلك في ندوات صحافية وبلاغات تنديدية ضده، حملت فيها من جانب آخر الأغلبية المسيرة لجماعة الرباط مسؤولية «التخلي» عن السكان، وتقدمها في صورة «العاجزة عن إصدار موقف في مواجهة الولاية»، في الوقت الذي تتهم الأغلبية المعارضة بمحاولة «الركوب السياسي على الملف».
ومع تصاعد الجدل، بات من الواضح أن قضية هدم مباني حي المحيط ليست مجرد إجراء إداري، بل تحولت إلى ورقة سياسية تستغلها مختلف الأطراف، لتعزيز مواقفها في مشهد سياسي متوتر.