شوف تشوف

الرأيالرئيسيةمجتمع

وباء لا يزال على قيد الحياة

يونس جنوحي

رغم أننا واجهنا وباء “كورونا”، واتضح أنه انحسر ولم يعد بالحدة التي كان يحصد بها آلاف الأرواح حول العالم يوميا، إلا أننا لا نزال عاجزين أمام أمراض من القرن التاسع عشر.

السل لا يزال يحصد ضحاياه في القرى والمدن. ورغم حملات التوعية، إلا أن الحالات لا تزال تُسجل سنويا، وتعرف بين الفينة والأخرى وجود وفيات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمرضى الذين يعيشون ظروف مُزرية.

مرض السل ينتشر في البنايات التي تفتقر إلى التهوية والنظافة، ولكم أن تتصوروا عدد البنايات المغربية التي لا تصلح للسكن، بما فيها البنايات التابعة للمدارس، خصوصا الأقسام الداخلية. إذ رغم حملات التوعية، إلا أن بعض الأوساط العمومية لا تصلح للاستغلال البشري، وتُسجل حالات إصابة بالسل في صفوف نزلائها. هذا بالإضافة إلى الحالات الأخرى التي تُسجل بسبب تطورات رداءة النظام الغذائي وانتقال العدوى التي تصيب الجهاز التنفسي مباشرة.

غياب التهوية في عدد من مراكز الإيواء، المخصصة للقاصرين، أكثر ما يُقلق الناشطين في قطاع الصحة، الذين يكرسون وقتهم للتوعية من أخطار الإصابة بالسل.

هذه الأيام، هناك حملة وطنية للتوعية بداء السل، وأول أمس كان سكان منطقة زاگورة على موعد مع لقاء تواصلي، في إطار هذه الحملة، بأخطار السل وطرق انتقال العدوى، وكيفية تجنب الإصابة به قدر الإمكان.

والخلاصة، التي خرج بها أغلب من حضروا اللقاء، أن السل رفيق دائم للهشاشة. ورغم أن منطقة زاكورة تعرف وجود حالات إصابة أقل مقارنة مع مناطق أخرى في المغرب، إلا أن التوعية بمخاطر الإصابة بالسل وانتقال العدوى، باتت ضرورية، خصوصا مع استمرار تسجيل الإصابات في العالم وليس في المغرب فقط، ليكون “السُّل” بذلك أحد الأمراض الأطول عمرا في التاريخ.

لا يعقل مثلا أن يكون العلاج ضد السل مجانيا تماما في كل مناطق المغرب، ومع ذلك لا تزال حالات الإصابة تُسجل سنويا، بل وتحصد الأرواح في بعض الحالات التي تكون فيها الإصابات متفاقمة.

المجانية التي توفرها الدولة، وهذه معلومة لم يُسلط عليها الضوء، في العلاج من مرض السل، لم تفلح في إقناع بعض المصابين لكي ينتقلوا إلى المراكز الصحية لبدء حصص العلاج. ومرد هذا، حسب خبراء وأطر وزارة الصحة، راجع أساسا إلى عدم معرفة هؤلاء المصابين أن الخدمات الصحية المرتبطة بالعلاج من مرض السل تبقى مجانية، ويُسجل تخوف لدى أغلب الحالات من مُطالبتهم بأداء مصاريف العلاج والنوم لأسابيع فوق أسرّة المستشفيات.

بعض الحالات تماثلت للشفاء بعد تسجيل تحسن في الوجبات الغذائية. ورغم ما يقال عن “حساء المستشفيات”، إلا أنه في بعض الحالات يصير شبيها بـ”مائدة من السماء” بالنسبة لبعض الفئات الهشة التي تعيش تحت خط الفقر بكثير.

بروتوكول العلاج من السل يشدد على ضرورة تطهير المساكن التي يقطن بها المصابون، وهو ما يعني أن حملة مواجهة السُّل لا تقتصر فقط على علاج المرضى، أو وضعهم في مساكن لائقة تحفظ كرامتهم وتوفر لهم التهوية المناسبة، بل تتطلب أيضا القطع مع السكن العشوائي الذي لا يحترم كرامة الإنسان، فكيف يحترم صحته!

هناك إجماع اليوم في صفوف خبراء وزارة الصحة وأطرها، الذين يعرفون مناطق الظل في ملف مرض السل، على أن مواجهة هذا الداء تبدأ بإخبار الجميع بأن العلاج مجاني، وأن المُصابين لن يدفعوا درهما واحدا مقابل الاستفادة من العلاج. فأغلب الحالات التي وصلت مرحلة متقدمة من الإصابة يصبح معها العلاج معقدا، إذ لم يكن أصحابها يعرفون نهائيا أن العلاج من السُّل مجاني، أو أنهم لم يُصدقوا من أخبرهم بأنهم لن يدفعوا درهما واحدا للمستشفى مقابل العلاج.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى