شوف تشوف

إنها الحرب إذن

بدأ الأمر على شكل تقرير مخابراتي ألماني بلبوس بحثي
سربه “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية”، يحمل المغرب مسؤولية “هروبه” عن الركب المغاربي المتعثر، داعيا صراحة المانحين الأوروبيين للجم طموحات المغرب الاقتصادية ووضع عراقيل أمام قطار تقدمه الذي لا تتناسب سرعته مع السرعة الإقليمية السلحفاتية حتى تتاح الفرصة للكسالى للحاق به. وكأن المغرب عليه أن يدفع ثمن طموحه ونجاحاته داخل العمق الأفريقي.
ثم انتقل الأمر من مجرد تقديم مقترحات مجردة إلى تطبيق إجراءات عملية بدأنا نراها رأي العين على أرض الواقع، تدخل كلها في إطار الحرب الاقتصادية ضد مصالح المملكة.
فكان أوج المعركة قضية التجسس ببرنامج بيغاسوس واتهام المغرب بالتنصت على هواتف رؤساء ورجال دولة، ثم انتقلوا إلى سرعة أكبر عندما تم استهداف سائقين مغاربة يشحنون البضائع نحو دول أفريقية فتم إرسال كوموندو مدرب لاغتيال اثنين فيما ترك ثالث على قيد الحياة لكي يحكي ما حدث بهدف بث الرعب في نفوس السائقين المغاربة الذين يضمون تموين الأسواق الأفريقية بالمنتجات المغربية.
ثم صوبوا آلتهم الإعلامية صوب قاطرة الاقتصاد الوطني المكتب الشريف للفوسفاط معيدين أسطوانة احتواء الفوسفاط المغربي على نسبة عالية من الكادميم المسببة للسرطان، علما أن اللوبي نفسه قاد قبل سنوات المعركة ذاتها ضد الفوسفاط المغربي في الاتحاد الأوربي لصالح الفوسفاط الروسي مستعملين نفس الذريعة.
وقبل هذا بدأت التحرشات الجزائرية بالمملكة بتوجيه الرئيس ووزير خارجيته ورئيس أركانه لتهم خطيرة للمغرب، بدأت باتهامه بالضلوع في إضرام النيران في القبايل والتخطيط لتقسيم الجزائر والقيام بحرب إلكترونية.
في قضية قطع الجزائر للعلاقات مع المغرب وما تلاها من تصعيد من الجانب الجزائري لديه تفسير واحد، فرنسا تريد أن تبتز المغرب ولذلك تستعمل الجزائر كأداة للضغط. فهي تعتقد أن الحركات التي تقوم بها الجزائر ستجعل المغرب يلجأ إلى باريس لمطالبتها بالقيام بالوساطة، عندها ستعرض باريس مطالبها مقابل القيام بذلك وإصدار الأوامر لرجالها في قصر المرادية لكي يوقفوا حركاتهم البهلوانية.
سوى أن المغرب متمسك بعدم الانسياق وراء حماقات قادة الجزائر لأنه يعرف أن الماسك الحقيقي بالقرار الجزائري لا يوجد في قصر المرادية. ولذلك يتصرف مع الجار بحكمة وتعقل ودبلوماسية تبتعد عن المعاملة بالمثل.
الشعب الجزائري يفهم هذه الرسائل ويلتقط مغازيها وهذا ما يجعل حكام الجزائر يخرجون عن طوعهم في كل مرة.
وأعتقد أن حكام الجزائر ومن يحركم من الخلف إذا ما قرروا الدخول في مغامرة مع المغرب فإن الجزائريين لن يطاوعوهم وسيرفضون التصادم مع إخوتهم المغاربة.
واليوم تدخل الحرب الاقتصادية المعلنة على المغرب منعطفا جديدا بعدما قضت محكمة العدل الأوروبية بإلغاء العمل باتفاقيتين تجاريتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، على أساس أنهما تشملان منتجات قادمة من الصحراء المغربية.
المغرب كان دائما متضررا من هذه الاتفاقيات بحكم عائدها الذي لا يوازي كل الثروات البحرية التي يتم استغلالها من طرف الأساطيل الأوروبية، خصوصا الاسبانية التي لديها وحدها 92 سفينة تصطاد في السواحل المغربية وتربح من تصدير السمك 4,4 مليارات يورو سنويا في حين أن عائدات المغرب من تصدير السمك لا تتجاوز 1,5 مليار يورو، ولذلك فأول من أعلن تضامنه مع المغرب ضد قرار محكمة العدل الأوروبية كانت هي الحكومة الإسبانية.
ولا يكاد يختلف اثنان على أن القرار الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية هو قرار سياسي وليس قانونيا، وهو يدخل في إطار الحرب الاقتصادية والتجارية المعلنة ضد المملكة من طرف أعضاء نافذين في هذا الاتحاد.
فكما يعرف الجميع هناك الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية وكل جهاز لديه أجندته ويقوم بدور محدد.
المغرب اليوم يدفع ثمن انحيازه للخندق الأنغلوساكسوني المشكل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحلفائهما. لذلك فهو يوجد في مرمى نيران الخندق الأوروبي، الفرنسي الألماني أساسا، وأيضا في مرمى الخندق الروسي الذي توجد الجزائر ضمن أدواته.
وعصب المعركة سيكون هو الطاقة، والغاز تحديدا، والذي عرفت أسعاره ارتفاعا مهولا. وكما يعرف الجميع ففرنسا تستورد حاجياتها من الغاز من الجزائر وروسيا وقطر، وهذا الخندق الذي يملك سلاح الغاز يملي شروطه على زبنائه، ولذلك يجب على المغرب أن يتحرك بسرعة، وما الزيارة رفيعة المستوى التي قام بها الجنرال فاروق بلخير، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، لدولة الإمارات واستقباله من طرف ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلا خطوة في هذا الاتجاه لتفعيل الشراكات الموقعة بين المغرب وحلفائه العرب والغربيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى