الرئيسيةالملف السياسي

الأحزاب السياسية تتلاعب بالمال العام تفاصيل تقرير المجلس الأعلى للحسابات

نشر المجلس الأعلى للحسابات غسيل الأحزاب السياسية، من خلال إصداره لتقرير حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم السنوي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها وكذا مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية بخصوص السنة المالية 2019. وعلى غرار السنوات السابقة، رصد التقرير جملة من الخروقات والاختلالات في تدبير حسابات جل الأحزاب السياسية، ومنها أحزاب تسهر على تدبير الشأن العام، الذي يجعلها مؤتمنة على حماية المال العام، فيما سجل التقرير أن بعضها يخرق قواعد المحاسبة المالية الخاصة بها، ولم تدل بوثائق تثبت أين صرفت نفقات تحصل عليها من جيوب دافعي الضرائب.

مقالات ذات صلة

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

هكذا بدأ دعم الأحزاب السياسية

يعتبر ظهير الحريات العامة الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 والمتعلق بتأسيس الجمعيات، أول إطار قانوني لتنظيم وتأسيس الأحزاب السياسية، ومن خلال تصفح هذا الظهير، يتضح أنه يمنع منعا كليا تمويل الأحزاب السياسية من الدولة، بحيث ينص الفصل 18 من الظهير على أنه «لا يمكن للأحزاب السياسية والجمعيات ذات الصبغة السياسية أن تتسلم بصفة مباشرة أو غير مباشرة إعانات من الدولة أو البلديات أو جماعات عمومية أو من المكاتب والمؤسسات العمومية».
لكن خلال سنة 1986، وجه الملك الحسن الثاني رسالة إلى الوزير الأول آنذاك، حثه فيها على تخصيص 20 مليون درهم سنويا لدعم الصحافة الوطنية ومساعدة الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية، وأشارت الرسالة إلى أن هذا القرار الملكي جاء استجابة لمتلمس تقدم به أعضاء لجنتي الداخلية والإعلام بمجلس النواب، واستجابت الحكومة للرسالة الملكية، حيث تم التنصيص على تخصيص هذا المبلغ في قانون المالية للسنة الموالية سنة 1987، ومنذ تلك السنة أصبحت الدولة تخصص مبالغ مالية لتمويل الأحزاب السياسية، لكن هذا التمويل طرح العديد من الإشكالات القانونية حول كيفية توزيع الدعم وتحديد لائحة الأحزاب المستفيدة، لكن دستور 1992 نص في فصله الثالث على تخصيص دعم للأحزاب المنخرطة في المسلسل الديمقراطي على تأطير المواطنين، وهو ما أضفى شرعية قانونية ودستورية على منح الدعم للأحزاب السياسية الذي أصبح معمولا به إلى حدود الآن.
بعد ذلك أصدرت الحكومة، بتاريخ 28 شتنبر 1992، مرسوما نص على تخصيص دعم للأحزاب لتمويل حملاتها الانتخابية، بحيث نص المرسوم على أنه «على الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع السياسي التي تتلقى إعانة من الدولة خصوصا في صورة مساهمة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية أو في صورة معونة للصحف التي تصدرها، أن تثبت في المواعيد ووفق الإجراءات التي تحددها الحكومة أن المبالغ التي تلقتها قد صرفت في الأغراض التي منحت من أجلها».
وحدد قانون الأحزاب السياسية نظام تمويل الأحزاب السياسية وكيفيات مراقبته، وحدد موارده المالية وأملاكه المنقولة والعقارية الضرورية لممارسة نشاطه وتحقيق أهدافه، وتشمل الموارد المالية للحزب، كما حددها القانون، واجبات انخراط الأعضاء، والهبات والوصايا والتبرعات النقدية أو العينية على أن لا يتعدى المبلغ الإجمالي أو القيمة الإجمالية لكل واحدة منها 300.000 درهم في السنة بالنسبة لكل متبرع، والعائدات المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية والثقافية للحزب، وعائدات استثمار أموال الحزب في المقاولات التي تصدر الصحف الناطقة باسمه، وفي مقاولات النشر والطباعة العاملة لحسابه، والدعم السنوي الذي تقدمه الدولة للمساهمة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب السياسية، وكذا الدعم المخصص للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، والدعم المخصص للأحزاب السياسية برسم المساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية في إطار الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية.
وحدد القانون كيفية منح الدعم السنوي للأحزاب السياسية من طرف الدولة، للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، وحدد مجموعة من الشروط والقواعد لذلك، وينص القانون على استفادة جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية والتي غطت نسبة 10 في المائة على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس النواب، مرة واحدة كل أربع سنوات، من مبلغ مالي للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية والعادية، وبخصوص مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية في الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية، ويحدد المبلغ الكلي للمساهمة المشار إليها بقرار يصدره رئيس الحكومة باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية بمناسبة كل انتخابات عامة جماعية أو جهوية أو تشريعية، ويراعى في توزيع مبلغ مساهمة الدولة عدد الأصوات التي يحصل عليها كل حزب على الصعيد الوطني وعدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب على الصعيد نفسه.

«رادار» مجلس جطو

أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم السنوي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها وكذا مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية بخصوص السنة المالية 2019، وأفاد التقرير بأن 32 حزبا سياسيا من أصل 34، أودعت حساباتها السنوية لدى المجلس.
وأوضح التقرير أنه تبين من خلال المعطيات المتعلقة بعملية تقديم الحسابات السنوية، أنه من أصل 34 حزبا، أودعت 32 حزبا حساباتها السنوية لدى المجلس، مسجلا أن كلا من الحزب المغربي الحر وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية تخلفا عن القيام بذلك. وحسب ما تم التصريح به من طرف الأحزاب السياسية، فقد بلغت مواردها ما مجموعه 127,39 مليون درهم، في حين بلغت نفقاتها ما قدره 145,73 مليون درهم.
وأشار التقرير إلى أنه عملا بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، قامت بعض الأحزاب بإرجاع جزء من الدعم الذي حصلت عليه إلى الخزينة قدره 5,07 مليون درهم خلال سنة 2019 و7,08 مليون درهم خلال سنة 2020، مشيرا إلى أنه، في المقابل، لم تقم أحزاب أخرى بإرجاع مبالغ دعم إلى الخزينة قدرها 13,75 مليون درهم، تتعلق بالدعم الممنوح للأحزاب برسم استحقاقات انتخابية سابقة أو برسم الدعم السنوي عن سنتي 2017 و2019، وأبرز أن هذه المبالغ تتوزع بين الدعم غير المستحق (حاصل الفرق بين مبلغ التسبيق المقدم للحزب برسم مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية والمبلغ العائد له وفقا للنتائج المحصل عليها في الاقتراع المعني)، والدعم غير المستعمل (حاصل الفرق بين مجموع المصاريف المنجزة من طرف الحزب ومبلغ الدعم العائد له)، أو المستعمل لغير الغايات التي منح من أجلها (مبلغ الدعم الذي تم صرفه في نفقات لا تندرج ضمن أوجه الصرف المحددة من طرف المقتضيات التنظيمية ذات الصلة، وكذا الدعم الذي لم يتم تبرير صرفه بوثائق إثبات).
وأكد التقرير أنه من أصل 32 حزبا التي أدلت بحساباتها السنوية إلى المجلس، قدمت 28 حزبا حسابات مشهودا بصحتها من طرف خبير محاسب مقيد في هيئة الخبراء المحاسبين، منها 26 حزبا أدلت بحسابات مشهود بصحتها بدون تحفظ، وحزبان قدما حسابين مشهود بصحتهما بتحفظ، ويتعلق الأمر بكل من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، فيما قدمت ثلاثة أحزاب تقارير خبراء محاسبين لم تراع المعيار 5700 من دليل معايير التدقيق القانوني والتعاقدي والمحدد من طرف المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين بالمغرب، حيث اكتفت من خلال التقارير المقدمة بالإشهاد بأن القوائم التركيبية «تعطي صورة أمينة للوضعية المالية للحزب» عوض الإشهاد بأنها «تكون صورة أمينة لأصول الحزب وخصومه ولوضعيته المالية وفائضه أو خصاصه»، ويتعلق الأمر بحزب الاستقلال، وحزب الحرية والعدالة الاجتماعية وحزب القوات المواطنة. وقدم حزب واحد حسابه السنوي دون تقديم تقرير الخبير المحاسب، وبالتالي لم يتم الإشهاد بصحة هذه الحسابات، ويهم الأمر حزب جبهة القوى الديمقراطية، في حين لم تقدم خمسة أحزاب الجداول المكونة لقائمة المعلومات التكميلية والمنصوص عليها في القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية رقم 1078.09 المتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، ويتعلق الأمر بحزب النهضة، وحزب الإصلاح والتنمية، والحزب الديمقراطي الوطني، وحزب النهج الديمقراطي، وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، فيما لم تقدم أربعة أحزاب كل الكشوفات المتعلقة بحساباتها البنكية، ويتعلق الأمر بحزب العهد الديمقراطي، وحزب المجتمع الديمقراطي، والحزب الديمقراطي الوطني، وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، وسجل المجلس أن ثلاثة أحزاب لم تقدم جردا بمستندات الإثبات المنصوص عليه في المادة 44 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، ويتعلق الأمر بالحزب الديمقراطي الوطني، وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، وحزب النهج الديمقراطي، وأشار التقرير إلى أن الحزب الاشتراكي الموحد قدم جدول «الدعم العمومي» وكذا حساب العائدات والتكاليف يتضمنان مبلغ الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء (70.000,00 درهم)، في حين لا تبرز كشوفات الحساب البنكي المقدمة من طرف الحزب أي عملية بشأن توصله بهذا المبلغ.
وبخصوص مسك المحاسبة، سجل المجلس أن ثمانية أحزاب قامت بمسك محاسباتها وفق الدليل العام للمعايير المحاسبية دون مراعاة الملاءمات المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية موضوع القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية، ويتعلق الأمر بحزب العهد الديمقراطي، وحزب الخضر المغربي، وحزب الحرية والعدالة الاجتماعية، وحزب النهضة، وحزب الإصلاح والتنمية، وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، والحزب الديمقراطي الوطني، وحزب النهج الديمقراطي، فيما لم تقم 10 أحزاب بتنزيل مبالغ الدعم الواجب إرجاعها إلى الخزينة على مستوى الموازنة، ويتعلق الأمر بحزب الاستقلال، وحزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب جبهة القوى الديمقراطية، وحزب العهد الديمقراطي، وحزب النهضة والفضيلة، وحزب الحرية والعدالة الاجتماعية، وحزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، والحزب الديمقراطي الوطني، وأشار التقرير إلى أن ثلاثة أحزاب لم تتضمن سجلاتها المحاسبية المدلى بها للمجلس حساب «الصندوق»، رغم أنها قامت بأداء عدة نفقات نقدا، كما أن حزبين لم يقوما بوضع الجداول المكونة لقائمة المعلومات التكميلية وفق النماذج الواردة بالقانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية، ويتعلق الأمر بكل من حزب الديمقراطيين الجدد وحزب العمل.

توصيات جطو

من خلال تدقيق حسابات الأحزاب السياسية وكذا فحص صحة نفقاتها برسم مساهمة الدولة في تمويل مصاريف تدبيرها وتنظيم مؤتمراتها، يوصي المجلس الأعلى للحسابات، في ما يخص السلطات الحكومية المختصة، بالحرص على إرجاع الأحزاب للمبالغ غير المستحقة من الدعم الممنوح لها، والمتعلقة باستحقاقات انتخابية سابقة واتخاذ الإجراءات اللازمة، عند الاقتضاء، في حق الأحزاب التي لم تقم بعد بهذا الإجراء القانوني، وحصر أصناف النفقات التي يمكن تمويلها بواسطة الدعم الممنوح للأحزاب للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، والعمل على وضع لائحة الوثائق التبريرية بالنسبة لكل صنف من نفقات الأحزاب، والعمل على تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأطر الإدارية للأحزاب بغرض تيسير استعمالها للمخطط المحاسبي، ووضع نظام معلوماتي مشترك بين الأحزاب السياسية بغرض استغلال أنجع للمخطط المحاسبي، ووضع دليل للمساطر المحاسبية.
وفي ما يخص الأحزاب السياسية، يوصي المجلس بالعمل على تقديم كل الوثائق المكونة للحسابات السنوية في الآجال المقررة في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، والحرص على الإشهاد بصحة الحسابات المدلى بها وفق مقتضيات قرار وزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية رقم 1078.09، ووفق المعيار 5700 من «دليل معايير التدقيق القانوني والتعاقدي» للهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين وذلك بهدف تحقيق مزيد من الشفافية في الحسابات المالية، والعمل على مسك محاسبة وفق مقتضيات «الدليل العام للمعايير المحاسبية» مع مراعاة الملاءمات المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، والحرص على وضع بيان مفصل حول صرف المبالغ المحولة للهيئات المحلية للأحزاب وإرفاقه بالحساب السنوي مدعما بالوثائق المثبتة، والحرص على الإدلاء بوثائق مثبتة تحترم القوانين والأنظمة المعمول بها شكلا ومضمونا في انتظار وضع لائحة الوثائق التبريرية بالنسبة لكل صنف من نفقات الأحزاب.
وبالنسبة للفواتير، ينبغي أن تكون مؤرخة ومرقمة مسبقا ومحررة في اسم الحزب، وأن تتضمن جميع المعلومات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة، ولاسيما القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والمدونة العامة للضرائب، وبالنسبة للتعويضات، الإدلاء بلائحة المستفيدين مع ذكر بياناتهم الشخصية وطبيعة الخدمات المقدمة ومبلغ الأجر المدفوع وإرفاقها بالإثباتات المتعلقة بصرف المبالغ المعنية، والحرص على تسديد كل نفقة يساوي أو يفوق مبلغها 10 آلاف درهم بواسطة شيك أو تحويل بنكي، واحترام المقتضيات الخاصة بالنفقات الصغرى المنصوص عليها في القرار المشترك بين وزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية.

هل يستعمل جطو سلطة منع الدعم عن الأحزاب المخالفة؟

طبقا لأحكام الفصل 147 من الدستور، يتولى المجلس الأعلى للحسابات تدقيق حسابات الأحزاب السياسية المشار إليها في المادة 42 من هذا القانون التنظيمي، و كذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم المشار إليه في المادة 32 من قانون الأحزاب، ولهذه الغاية، تقدم الأحزاب السياسية للمجلس الأعلى للحسابات في 31 مارس من كل سنة على أبعد تقدير جردا مرفقا بمستندات إثبات صرف النفقات المنجزة برسم السنة المالية المنصرمة، وبجميع الوثائق المتعلقة بالحسابات. وإذا لم يقدم الحزب السياسي المستندات و الوثائق المشار إليها في قانون الأحزاب، إلى المجلس الأعلى للحسابات في الآجال المقررة، وجه  الرئيس الأول للمجلس إلى المسؤول الوطني عن الحزب المعني إنذارا من أجل تسوية وضعية الحزب خلال أجل ثلاثين يوما، وإذا لم يقم الحزب بتسوية وضعيته بعد انصرام هذا الأجل، فإنه يفقد حقه في الاستفادة من الدعم السنوي المشار إليه في المادة 32 من القانون التنظيمي للأحزاب، برسم السنة الموالية، دون الإخلال باتخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القوانين الجاري بها العمل.

ويتولى المجلس الأعلى للحسابات فحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمها كل حزب معني برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاته الانتخابية، وإذا تبين للمجلس بأن المستندات المدلى بها من لدن حزب سياسي في شأن استعمال مبلغ مساهمة الدولة الممنوح له برسم حملاته الانتخابية لا تبرر، جزئيا أو كليا، استعمال المبلغ المذكور طبقا للغايات التي منح من أجلها أو إذا لم يدل بالمستندات و الوثائق المثبتة المطلوبة، يوجه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى المسؤول الوطني عن الحزب إنذارا من أجل إرجاع المبلغ المذكور إلى الخزينة أو تسوية وضعية الحزب خلال أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإنذار.

وإذا لم يقم الحزب المعني بالاستجابة لإنذار الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات داخل الأجل المحدد قانونا، يفقد الحزب حقه في الاستفادة من الدعم السنوي إلى حين تسوية وضعيته تجاه الخزينة، دون الإخلال باتخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القوانين الجاري بها العمل.

هذه موارد ونفقات الأحزاب السياسية خلال سنة 2019

بلغت موارد الأحزاب السياسية المصرح بها هذه السنة ما مجموعه 127,39 مليون درهم، مقابل 120,84 مليون درهم سنة 2018، و128,04 مليون درهم سنة 2017. وتشمل، من جهة، الدعم المقدم من طرف الدولة بمبلغ 59,66 مليون درهم، الذي يتوزع بين الدعم السنوي للمساهمة في تغطية مصاريف التدبير (98,21%) وتنظيم المؤتمرات الوطنية العادية (0,39%) وكذا تشجيع تمثيلية النساء (%1,40)، ومن جهة أخرى، الموارد الذاتية بمبلغ 67,73 مليون درهم، التي تشمل أساسا واجبات الانخراط والمساهمات (65,92%) وعائدات غير جارية أخرى (33,63%) وعائدات مالية (0,45% ).

وبخصوص مجموع الدعم العمومي الممنوح من طرف الدولة للأحزاب السياسية، فقد بلغ ما قدره 59,66 مليون درهم، يتوزع بين الدعم السنوي برسم المساهمة في تغطية مصاريف التدبير بمبلغ 58,59 مليون درهم (98,21%)، وتنظيم المؤتمرات الوطنية العادية بمبلغ 0,24 مليون درهم (%0,39)، والدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء بمبلغ 0,83 مليون درهم (1,40%).

واستنادا إلى مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، فقد خصص قانون المالية لسنة 2019 اعتمادات بمبلغ 80 مليون درهم برسم مساهمة الدولة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب السياسية وتنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، في حين بلغ الغلاف المالي الذي تم صرفه فعليا في هذا الإطار للأحزاب السياسية ما مجموعه 58,83 مليون درهم، أي ما يعادل 73,54% من مجموع الاعتمادات المفتوحة برسم قانون المالية المذكور.

وبلغ الغلاف المالي الذي تم تخصيصه للأحزاب السياسية في هذا الإطار، حسب رسالة وزير الداخلية رقم 5216/م.إ بتاريخ 28 ماي 2019، ما مجموعه ستين (60) مليون درهم، وزعت منه 58,59 مليون درهم على سبعة وعشرين (27) حزبا، بينما لم يتم صرف مبلغ إجمالي قدره 1,41 مليون درهم العائد للأحزاب السياسية، وعرفت السنة المالية 2019 صرف غلاف مالي قدره 234.375,00 درهم لحزب الديمقراطيين الجدد بمناسبة عقد مؤتمره الوطني العادي، خلال السنة المذكورة.

وبلغ الغلاف المالي الذي تم منحه خلال هذه السنة برسم دعم الدولة لتشجيع تمثيلية النساء ما مجموعه 834.000,00 درهم، استفادت منه تسعة (09) أحزاب، إذ تم صرف مبلغ 100.000,00 درهم لكل من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الحركة الشعبية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب جبهة القوى الديمقراطية وحزب الإنصاف، وكذا مبلغ 99.000,00 درهم لحزب التقدم والاشتراكية ومبلغ 95.000,00 درهم لحزب الخضر المغربي، وأخيرا مبلغ 70.000,00 درهم لكل من حزب العدالة والتنمية والحزب الاشتراكي الموحد.

وإضافة إلى دعم الدولة الممنوح للأحزاب السياسية، شملت موارد الأحزاب موارد ذاتية كذلك، بلغت ما مجموعه 67,73 مليون درهم، تتوزع أساسا بين واجبات الانخراط والمساهمات (65,92%) وعائدات غير جارية (33,63 %)، ويتبين من خلال المعطيات المتعلقة بموارد الأحزاب السياسية، أن التمويل الممنوح للأحزاب السياسية من طرف الدولة مثل هذه السنة 46,83% من مجموع الموارد المصرح بها، مقابل %54,90 سنة 2018 و59,15% سنة 2017، وأن 91,20% من مجموع الموارد المصرح بها أنجزت من طرف سبعة (07) أحزاب، وقد بلغت النسبة المذكورة 89,83% سنة 2018 و88,50% سنة 2017.

وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أن باقي الأحزاب التي قدمت حساباتها إلى المجلس، اعتمدت كليا على مواردها الذاتية لعدم استفادتها من التمويل العمومي، ويرجع ذلك إما لعدم مشاركتها في الانتخابات العامة التشريعية (حزب القوات المواطنة وحزب النهج الديمقراطي)، أو لوجود نزاع  معروض أمام القضاء حول منصب الأمين العام (حزب العهد الديمقراطي)، أو لعدم إرجاع مبالغ غير مستحقة إلى الخزينة برسم استحقاقات سابقة (حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية والحزب الديمقراطي الوطني).

وفي ما يخص نفقات الأحزاب السياسية، فقد بلغت النفقات المصرح بصرفها من طرف الأحزاب السياسية هذه السنة ما مجموعه 145,73 مليون درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بالمقارنة مع سنتي 2018 (116,87 مليون درهم) و2017 (138,43 مليون درهم)، وتتوزع بين تكاليف التسيير بمبلغ 119,33 مليون درهم (81,89%)، مقابل 97,80 مليون درهم سنة 2018 و94,63 مليون درهم سنة 2017؛ج، واقتناء أصول ثابتة بمبلغ 26,14 مليون درهم (17,93,%)، مقابل 9,23 مليون درهم سنة 2018 و13,24 مليون درهم سنة 2017، ومصاريف تنظيم المؤتمرات الوطنية العادية بمبلغ 0,26 مليون درهم (0,18%)، مقابل 9,84 مليون درهم سنة 2018 و30,56 مليون درهم سنة 2017.

أغلب الأحزاب السياسية لا تحترم مخطط المحاسبة

 

كشف افتحاص التقارير المالية المفصلة لكل حزب عن وجود اختلالات في تدبير دعم الدولة، ولذلك قدم المجلس الأعلى للحسابات مجموعة من التوصيات لهذه الأحزاب، حيث شدد في ما يتعلق بتقديم الحساب السنوي، على وجوب الإدلاء إلى المجلس بالحساب السنوي مشهود بصحته من طرف خبير محاسبي مقيد في جدول هيئة الخبراء المحاسبين، وضرورة تقديم جرد بمستندات إثبات صرف النفقات المنجزة برسم الدعم السنوي، منفصل عن تلك المنجزة بواسطة الموارد الأخرى، ووجوب إعداد بيانات مفصلة حول صرف المبالغ التي تمنح للتنظيمات الجهوية للحزب، وإلحاقها بالحساب السنوي مدعمة بالمستندات المثبتة، مع الحرص على تطبيق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب، في ما يخص أساسا تقييم وتسجيل ممتلكات الحزب في اسمه كشخص معنوي والإدلاء بجرد لهذه الممتلكات، ووضع موازنة الافتتاح المنصوص عليها في القرار المشترك لوزير الداخلية، ووزير الاقتصاد والمالية.

ووضعت وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية، مخططا محاسباتيا موحدا لجميع الأحزاب السياسية، لكي تقدم حساباتها للمجلس الأعلى للحسابات، ويروم هذا المخطط وضع آليات شفافة وواضحة لتوفير المعلومات والبيانات المالية والمحاسبية حول أنشطة الأحزاب السياسية، سيما ما يتعلق بشروط استعمال الموارد المالية التي تمنح لها من طرف الدولة، أو التي تحققها من واجبات انخراط أعضائها ومن المتبرعين لها، ولذلك تم وضع نظام محاسبي موحد خاص بالأحزاب السياسية يتوافق وخصوصيتها، ومن شأنه أن يكون عند نهاية كل دورة محاسبية صورة أمينة وصادقة عن ممتلكاتها ونتائجها المالية، كما يمكن أيضا من معرفة شروط استعمال الأحزاب السياسية لمواردها المالية، سواء الممنوحة لها من طرف الدولة، أو المستخلصة من واجبات انخراط الأعضاء وكذا من المتبرعين.

وأصدر وزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية في الحكومة السابقة قرارا مشتركا، ألزم كل الأحزاب السياسية، باحترام مقتضيات التنظيم المحاسبي كما هو منصوص عليه في الدليل العام للمعايير المحاسبية، وينبغي لكل حزب إيداع أمواله باسمه لدى مؤسسات بنكية من اختياره، وألزم كل حزب سياسي عند اختتام كل دورة محاسبية بإعداد القوائم التركيبية، التي من شأنها أن تكون صورة أمينة لأصوله وخصومه ولوضعيته المالية وفائضه وخصاصه. وتروم عملية وضع القوائم التركيبية، تبسيط وملاءمة القوائم التركيبية مع طبيعة تسيير الأحزاب السياسية، وخلافا لما هو منصوص عليه في الدليل العام للمعايير المحاسبية، تم تحديد هذه القوائم في ثلاث عوض خمس، وتشكل كلا لا يتجزأ، وهي الموازنة، وحساب العائدات والتكاليف، وقائمة المعلومات التكميلية.

كما حدد القرار قواعد المحاسبة، بحيث تتم معالجة التمويل العمومي (دعم وإعانات الدولة للأحزاب السياسية بمناسبة الحملات الانتخابية)، حسب طريقة منحها بصفة مباشرة أو غير مباشرة (حصة اتحاد الأحزاب السياسية)، وحسب دورية منح هذا التمويل، وتتم معالجة الوصايا والهبات حسب استعمالها وتخصيصها، وتقيد الموارد العينية بناء على قيمتها، مع الإشارة بدقة في قائمة المعلومات التكميلية إلى المعلومات المتعلقة بالهبات والوصايا والتبرعات، وبالتمويل العمومي (الموارد)، والإعانات الممنوحة من طرف الحزب للجمعيات والمؤسسات، والدعم المقدم من طرف الحزب للمرشحين للانتخابات.

ونص القرار على أن النتيجة المحققة عن طريق المحاسبة هي النتيجة التي تم اكتسابها نهائيا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال توزيع الفائض على المنخرطين وليس لهم فيه أي حق فردي، ويتم تخصيص الفائض أو الخصاص طبقا لمقررات الجهاز التداولي للحزب كما هو منصوص عليه في نظامه الأساسي. وبخصوص الوصايا والهبات المتعلقة بالأملاك الدائمة، والموضوعة رهن تصرف الحزب السياسي لتحقيق أهدافه المبينة في أنظمته الأساسية، فقد اعتبرها القرار بمثابة مساهمات في الأموال الذاتية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى