شوف تشوف

الرئيسيةالقانونية

الإطار الدستوري والقانوني لحالة الطوارئ الصحية وإشكالية الآجال

محمد أمغار دكتور في القانون محام بهيئة الدار البيضاء

طرح الفصل السادس من المرسوم بمثابة قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية نقاشا قانونيا، وإن كان تطبيق الفصل يبدو واضحا من المنظور القانوني.
الكل يعرف أن هذا القانون تم اتخاذه في إطار قواعد العقلنة البرلمانية المرتبطة بالحد من احتكار البرلمان للتشريع، وإعطاء الفرصة للحكومة للتشريع في مجالات عديدة والتشريع للقضايا الطارئة في السياسة العامة.
ومن أهم قواعد وإجراءات العقلنة البرلمانية منح الدستور للحكومة، إمكانية التشريع في الفترات الفاصلة بين الدورات البرلمانية. هذه القاعدة القانونية الدستورية كرسها الدستور المغربي في تاريخه القصير، بحيث نجد أن المشرع الدستوري المغربي أعطى للحكومة إمكانية التشريع في الفترات الفاصلة بين الدورات البرلمانية، وذلك بمقتضى المادة 58 من دستور 1962، والمادة 54 من دستور 1970، والمادة 54 من دستور 1972، والمادة 54 من دستور 1992، والمادة 56 من دستور 1996، هذه المقتضيات أكدتها المادة 81 من دستور 2011 مع بعض التعديلات المسطرية الطفيفة. وفي هذا الإطار جاء في المادة 81 من الدستور أنه يمكن للحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وبالاتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان خلال دورته العادية الموالية.
يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه، وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب.
ويتضح أن إسناد التشريع إلى الحكومة في الفترة الفاصلة بين الدورات البرلمانية أملته الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تدفع إلى ضرورة التشريع في مجال معين بشكل مستعجل، لا يمكن معه انتظار انعقاد البرلمان في دوراته المنصوص عليها في الدستور لعنصر الاستعجال.
لذلك فإن الحكومة وطبقا لقواعد عقلنة عمل البرلمان، أعدت مشروع المرسوم بمثابة قانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية في إطار الإجراءات الدستورية المنصوص عليها في المادة 81، لاتخاذ إجراءات قانونية ناجعة في إطار مبدأ المشروعية لمواجهة هذا الوباء حماية للصحة العامة، مع العلم أن المرسوم بمثابة قانون أسس كذلك دستوريا لتبرير أسباب اتخاذه في ظل مقتضيات المادة 81 على المبادئ المنصوص عليها في المادة 21 من الدستور، التي نصت على حق الفرد في سلامة شخصه وأقربائه، والمادة 24 من الدستور التي ذهبت إلى أن لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة، وعلى اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، التي تهدف إلى مواجهة الأوبئة والأمراض عالميا.
وهذه المقتضيات كلها تبرر عنصر الاستعجال في إصدار المقتضيات القانونية المنصوص عليها في المرسوم بمثابة قانون موضوع النقاش.
لذلك وبقراءة في أغلب المراسيم بمثابة قانون الصادرة في التجارب البرلمانية المغربية منذ 1962، نجد أنها دائما مبررة بحالة الاستعجال، والتي لا يمكن معها انتظار انعقاد الدورات البرلمانية والمناقشة البرلمانية العادية المرتبطة بمسطرة التشريع البرلماني.
لذلك فإن المرسوم بمثابة قانون رقم 2.20.292 تم التشريع بواسطته لمواجهة كارثة حالة وقائمة وهي جائحة كورونا، والتي اتخذت السلطات العامة مجموعة من الإجراءات القانونية لمواجهتها، تنفيذا للقوانين المغربية السائدة ومنها المرسوم الملكي لسنة 1968، وتنفيذا كذلك لمقتضيات اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية. ولتأكيد الإجراءات القانونية المتخذة في ظل القوانين القائمة، فإن المرسوم التطبيقي عدد 2.20.293 الصادر في 24 مارس 2020، أكد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية إلى غاية 20 أبريل 2020، دون الإشارة إلى تاريخ بداية حالة الطوارئ الصحية، مع العلم أن الفصل السادس من المرسوم قانون رقم 2.20.292 نص على أنه يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة.
لذلك فإن الفصل واضح بخصوص ابتداء الآجال المتمثل في حالة الطوارئ الصحية، أي إن الآجال تبدأ منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
إن الفهم القانوني السليم، وفق ما تم الإشارة إليه أعلاه، سواء على مستوى قواعد العقلنة البرلمانية، أو قواعد حماية صحة وحياة الأشخاص المنصوص عليها دستوريا أو مدلول الفصول وتكاملها، ومشروعية القرارات المتخذة في ظل القوانين السائدة، فإن الآجال المنصوص عليها في المادة 6 من المرسوم بمثابة قانون تتوقف خلال فترة حالة الطوارئ بكاملها، ولأن المرسوم بمثابة قانون جاء لمواجهة جائحة حالة وقائمة، في ظل حالة طوارئ صحية دخلت فعليا حيز التنفيذ، منذ 20 مارس 2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى