حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

البينيون..

 

 

يونس جنوحي

اليد الممدودة نحو الجزائر عمّرت أكثر من قرن ونصف حتى الآن. منذ أن كانت الجزائر مدينة واحدة فقط، وتُعتبر وما يُحيط بهاتعيين الصورة البارزة للمقالة إيالة عثمانية باعها العثمانيون لاحقا لفرنسا، قبل أن يغادروا إلى إسطنبول، وتنتهي قصة “الباي” ومن معه..

الرجل المريض، هكذا كانت تنعت دول أوروبا كافة الدول التي احتلتها إمبراطورية تركيا. في حين أن المغرب إمبراطورية شريفة يحكمها السعديون.

المولى المنصور الذهبي هو الذي جعل العثمانيين يقتنعون يقينا أن المغرب عصي تماما على الاختراق. الطربوش التركي والسروال المزركش لم يستطيعا تجاوز “مْغنية”.. وفي الوقت الذي كان فيه السلطان العثماني يُرسل خطابات جوفاء لكي تُتلى فوق رؤوس الجزائريين، كان سلطان المغرب يُرسل إعانات حقيقية تُعين الجزائريين على مقاومة الاحتلال الفرنسي قبل 1830. والنتيجة كانت أن فرنسا قررت ضرب وجدة، بذريعة أن المغاربة أقحموا أنفسهم في تلك الحرب.

“البينيون”، هكذا كان المغاربة يسمون الجزائريين، قبل تأسيس دولة الجزائر في الأسبوع الأول من يوليوز سنة 1962. وهذه حقيقة تاريخية يجب أن يُعاد إليها الاعتبار ويستوعبها الذين يستثمرون في الصراع.

أجدادنا كانت الجزائر بالنسبة لهم مدينة توجد في الشرق. وسكان المدن الأخرى في التراب الجزائري الحالي، كانوا “بينيين”، لأنهم يسكنون بين المغرب الأقصى والقيروان ثم طرابلس.

وهذه الحقيقة يوثق لها عالم الاجتماع الأمريكي “كيفن دواير”، وهو صديق عزيز أنجز جملة من الأبحاث الميدانية في المغرب، عندما كان يحضر الدكتوراه ما بين 1969 و1975. ولديه كتاب مثير عنوانه “Moroccan Dialogues” صدر سنة 1982، نشر فيه مجموعة من التسجيلات الصوتية مع رجل مغربي اسمه “الفقير”، وبعض سكان قرية صغيرة في إقليم تارودانت خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

الدكتور “دواير” لا يزال على قيد الحياة، وكتابه لا يزال مطروحا للبيع داخل الولايات المتحدة وأوروبا، واقتناء نسخة أسهل من شراء خلاط كهربائي من موقع صيني.

“الفقير” هو اسم الرجل الذي حاوره الدكتور كيفن. ويحكي عن تصور المغاربة للحماية الفرنسية، والاستعمار في بلاد الجزائر، وهو الذي أكد على مسألة “البينيين” في وصف سكان المنطقة..

قبائل جزائرية اليوم، طالما كانت تربطها البيعة مع المغرب قبل قرنين وربما أكثر.. اعتادت القبائل المجاورة لفگيگ، الذهاب في رحلة الصيف والشتاء لزيارة المدن الروحية في المغرب مثل “فاس” و”مولاي إدريس زرهون”.. وحتى بعض الزوايا في محيط وجدة وتازة. وتربطهم مع سير هؤلاء الأولياء ملاحم تاريخية ومعاهدات على مقاومة الاحتلال الفرنسي قبل أكثر من قرن ونصف.

كاد المخطط الاستعماري أن ينسب فگيگ، هذه المدينة المغربية الهادئة، إلى الجزائر، ويقتطعها من المغرب لولا أن سكانها خرجوا في مظاهرات ونالت صدورهم نصيبا من الرصاص، وأحرج الخبر الإقامة العامة الفرنسية في الرباط.

بعد استقلال المغرب، طالما جلس وزراء الخارجية المغاربة المتعاقبون مع نظيرهم عبد العزيز بوتفليقة. عندما التقى بوتفليقة مع نظيره مولاي أحمد الشرقاوي، سنة 1966، كان ينادي الملك الراحل الحسن الثاني بـ”سيدنا”، ويؤكد على وزير الخارجية أن ينقل تحياته إلى جلالته. لكنه عندما يستقل الطائرة إلى الجزائر، يغير موقفه إلى الجهة الأخرى.

وفي اتفاق الحدود الشرقية سنة 1970، كان الملك الراحل سخيا مع الجزائريين، وأبان عن حسن نية في تسوية موضوع الحدود بشكل نهائي.

توالت اللقاءات، إلى حدود 1978 بدون نتيجة. وبعد وفاة الهواري بومدين جاء آخرون.. منهم أصدقاء المغرب الذين أبعدوا، إما قسرا أو بالاغتيال مثل ما وقع مع بوضياف في بداية التسعينيات، إلى أن جاء الرئيس الحالي الذي اغتيل رمزيا في أكثر من مناسبة..

هناك حكمة كبيرة استخلصها المغرب منذ زمن.. لو كان النظام الجزائري يملك يدا، لمدها إلى المغرب.. لكن المشكل أن السياسة في الجزائر كثيرة الرؤوس، ويدها الوحيدة في جيب الجزائريين.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى