شوف تشوف

الرأيالرئيسيةمجتمع

 التخصص الجامعي

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

 

تداعيات فضائح لوائح الماستر لا تزال تُردد رجع الصدى. ورغم أنها ليست الفضيحة الأولى على كل حال، خصوصا عندما يتعلق الأمر بتحديد اللوائح النهائية في كل موسم أو بنتائج الامتحانات، إلا أنه بات هناك إجماع في الأوساط الأكاديمية والطلابية، أكثر من أي وقت مضى، على أن الأمر وصل حدا لم يعد ممكنا السكوت عنه.

مشكلة التعليم العالي في المغرب لا تتعلق بمسألة نتائج الامتحانات وحدها، أو اختبارات الولوج. هناك مشكل آخر يتعلق بتوزيع التخصصات أساسا على الأساتذة. هناك مُشرفون حاصلون على الدكتوراه وجربوا تدريس تخصصات علمية وأكاديمية دقيقة في الخارج، وندموا على قرار العودة إلى الجامعة المغربية، حيث اصطدموا بجبال من المعيقات. وفي الوقت الذي يتألق فيه أبناء المدرسة العمومية المغربية في جامعات العالم وكبريات المعاهد، لا تزال الجامعة المغربية تتخبط في مشاكل ترتبط أساسا بالتسيير. في حين أن ما تجب مناقشته يجب أن يصب حاليا في صلب مضامين التكوين العالي.

قد لا يصدق أغلبكم أن هناك تخصصات جامعية في المغرب لا تزال تعتمد مراجع من سبعينيات القرن الماضي، وفي تخصصات علمية. وجل المراجع باللغة الفرنسية، في وقت تُنشر آلاف الدراسات سنويا باللغة الإنجليزية في التخصص ذاته. وهذا يعني أن الجامعة لا تزال تعيش في الماضي.

فترة الدراسة عن بُعد، خلال فترة الحجر الصحي، قدمت خدمة جليلة لأسرة التعليم العالي، أساتذة وطلبة، إذ تم اعتماد التدريس عن بُعد لأول مرة وظهر أنه أكثر نجاعة من الحصص الحضورية في الكليات. ولو تم اعتماد هذه التكنولوجيا في ما يتعلق بالتقييم النهائي وتعميم المراجع والأوراق البحثية، وليس فقط في ربط الاتصال بين الطلبة والأستاذ، لأصبحت النتائج مبهرة.

لا يعقل مثلا أن يكون طلبة تخصصات العلوم الإنسانية لا يزالون يدرسون مضامين مراجع تعتمد أرقاما وإحصائيات منذ سنة 1994. ولا يعقل أيضا أن جل الأساتذة في تخصصات مثل التاريخ لا يزالون يعتمدون دراسات منشورة قبل أربعين سنة. في الوقت الذي يمكن الولوج إلى المراجع من المواقع الرسمية للجامعات العالمية، والتي تتضمن مراجع فريدة جدا عن المغرب.

في جامعات العالم، تكون محاضرات تخصص التاريخ أكثر إثارة من التجارب العلمية في تخصص الفيزياء. فيما هنا، لا يزال البعض يصرون على إحالة الطلبة الذين يتعاملون يوميا بمنصات افتراضية ويتابعون محتوى رقميا غنيا، على صفحات منسوخة بـ «فوطوكوبي» لمراجع مكتوبة بلغة أكاديمية جافة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي.

إصلاح التعليم العالي لن يتحقق بإحالة أستاذ أو مسؤول على المحاسبة لأنه متورط في فضيحة جنسية. وحتى لو انتهى التحرش بالطالبات أو ظاهرة الجنس مقابل النقط، فإن مشكلة التعليم العالي بعيدة تماما عن هذا الواقع. ما يقع الآن بعيد عن التحصيل العلمي. يتعلق الأمر بفضائح تتعلق بما هو أخلاقي، مرتبط أساسا بأزمة ضمير، يمكن أن تقع في الجامعة وفي أي إدارة أخرى، وحتى داخل المساجد.

منذ سنوات والعقوبات تُسن لمواجهة الأساتذة الذين يمارسون ابتزاز الطالبات ويفرضون الجنس مقابل النقط. وفي كل موسم نسمع عن إحالة ملفاتهم إلى القضاء. ورغم ذلك، فإننا نسمع، في الموسم الذي بعده، عن الأستاذ الذي يتبادل الرسائل النصية مع طالباته ويطلب منهن مباشرة تقديم خدمات مقابل النجاح، أو عن الأساتذة الذين يطلبون المال من الطلبة مقابل ولوج التخصصات. وكأن الذين يمارسون هذه الأفعال الشنيعة يظنون أنهم لا يشبهون غيرهم، وأنهم لن يسقطوا أبدا في الفخ.

إذا كان أناس أكاديميون «يا حسرة» يفكرون بهذه الطريقة، فماذا تركوا للمجرمين الذين درسوا أصول النصب في الشارع؟ وصدق من قال إن الجامعة المغربية يجب أن تجمع «راسها» أولا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى