
النعمان اليعلاوي
عاد ملف الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا ليطفو على السطح مجددا، بعدما كشف المكتب الوطني للجمعية المغربية لأمهات وآباء الطلبة عن «تفهم كامل» من مسؤولي وزارتي التعليم العالي والصحة لبعض مطالبهم، وفي مقدمتها تقليص آجال معالجة ملفات المعادلة. غير أن هذا التفهم، على أهميته، يظل- وفق عديد من الأسر- مجرد خطوة أولى في مسار طويل أثقلته التعقيدات الإدارية وغياب رؤية حكومية حاسمة، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، قبل أكثر من ثلاث سنوات.
في هذا السياق، أوضحت مصادر من الجمعية أنه تم عقد اجتماع رسمي احتضنته وزارة التعليم العالي، يوم 24 نونبر الماضي، يشير إلى تخصيص اللقاء لبحث «مستجدات ومعيقات» هذا الملف المزمن. لكن المتتبعين يسجلون أن المعيقات نفسها تتكرر منذ سنة 2022، من دون قرارات تنفيذية واضحة، رغم عشرات اللقاءات والوعود الحكومية المتلاحقة.
وخلال الاجتماع، عرضت الجمعية مذكرة ترافعية شاملة، تضمنت أبرز الإشكالات التي يواجهها الطلبة، من طول مسطرة المعادلة، إلى غياب مسارات واضحة لاستكمال التداريب. وأقر ممثلو الوزارتين، حسب البلاغ، بمشروعية هذه النقاط. غير أن الإقرار بوجود المشكلة لم يعد كافيا بالنسبة إلى الأسر التي ترى أن الحكومة فقدت الكثير من الوقت دون إجراءات ملموسة.
أما وعد وزارة التعليم العالي بإحالة المقترحات على شبكة عمداء كليات الطب خلال اجتماع 28 نونبر 2025، فيبقى- وفق مصادر من داخل الجمعية- خطوة بيروقراطية أخرى سبق أن سلكت المسار نفسه في سنوات سابقة، دون أن ينتج عنها حلول حقيقية. ويزيد من تعقيد الصورة أن مشروع القانون الجديد المنظم للتعليم العالي، الذي تتحدث عنه الوزارة، ما زال بدوره مثقلا بملاحظات وانتقادات واسعة داخل القطاع.
في المقابل، أكدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ضرورة توفير بنية تدريبية مناسبة، خاصة في مجال طب الأسنان، مع توسيع الفضاءات التدريبية وطنيا. لكن هذا الالتزام أيضا يطرح أكثر من علامة استفهام، لأن المؤسسات الصحية نفسها تعاني خصاصا هيكليا في التجهيزات والأطر، وهو ما قد يجعل من هذه الوعود مجرد نوايا حسنة غير قابلة للتنزيل السريع على أرض الواقع.
وتوقفت المصادر عند مطلب التعويض المالي لفائدة الطلبة العائدين، وهو مطلب قديم يعود إلى بداية الأزمة ولم ير النور، رغم الحديث عنه في أكثر من مناسبة. الجمعية ذكرت أنها ستراسل وزارة المالية بخصوصه، في خطوة تعكس مرة أخرى غياب تنسيق حكومي شامل يعالج الملف بشكل موحد، بدل تجزيئه بين الوزارات.
وفي ختام الاجتماع، تم الإعلان عن اتفاق لإحداث منصة إلكترونية موحدة تجمع مختلف المتدخلين. خطوة إيجابية نظريا، لكن التجربة تُظهر أن المنصات الإلكترونية في المغرب لا تشكل بديلا عن القرارات السياسية والإدارية الواضحة، بل غالبا ما تتحول إلى واجهة تقنية تخفي بطء المعالجة الفعلية للملفات.





