شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

القراءة أولا

تفتتح، اليوم الخميس 2 يونيو وإلى غاية 13 منه، فعاليات الدورة 27 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، بمشاركة 712 عارضًا، منهم 273 عارضًا مباشرًا، و439 عارضًا غير مباشر، يمثلون 55 بلدًا من العالم العربي والبلدان الإفريقية والأوروبية والأمريكية والآسيوية مما جعل هذا الملتقى الثقافي يصنف ضمن أهم عشرين معرضا في العالم. لا أحد ينكر الأهمية الثقافية والإشعاعية وحتى الدبلوماسية التي يقدمها هذا المعرض كحدث وطني متميز، لكنه بعد 27 سنة من التنظيم لم يتحول حقيقة إلى وسيلة لحل أزمة القراءة التي تتسع رقعتها يوما بعد يوم، حيث لا زال هناك من يرى أن الكتاب أصبح شيئا من الماضي، في ظل هجوم تسونامي التكنولوجيا عليه.

والحقيقة أن المعرض الدولي للكتاب بكل تلك الإمكانيات المالية التي تخصص له، والاستنفار الأمني الذي يصاحبه، يسائلنا عن الجدوى من تنظيمه ولِمَ يصلح معرض الكتاب؟ وهل له أثر فعلي على الحقل الثقافي المغربي؟ ومن يستفيد منه حقا هل المواطن الباحث عن الكتاب أم الوسطاء والتجار وسماسرة الملتقيات والمؤتمرات؟ وأهم السؤال هل بإمكان المعرض أن ينهي ذلك الود المفقود بين الكتاب والقارئ، أم أنه معرض احتفالي وسوق تجاري لا يقدم شيئا للكتاب ولا يقوم بأي مجهود؟

والواقع أن أحد الأمراض المستعصية التي نعاني منها في بلدنا هو أزمة القراءة في غياب أي سياسة عمومية وقطاعية قادرة على التخفيف من الهروب الجماعي من القراءة، ويكفي الرجوع للأرقام حول علاقة المواطن المغربي بالكتاب ليظهر حجم المعضلة، فهو لا يخصص، يوميا، سوى دقيقتين، للقراءة مقابل ساعتين و14 دقيقة يمضيها أمام التلفاز وأكثر من ثلاث ساعات يقضيها على مواقع التواصل الاجتماعي.

هناك إذن أزمة قراءة وانصراف الناس عن الكتب دون أن نغفل عن محنة الكتاب وصناعة النشر ككل التي تحولت إلى مهنة للتفقير، وهذه الأزمة لا يمكن إلا أن تكون مدعاة للقلق الاجتماعي، لما قد يترتب على ذلك من أعطاب وتهديدات اجتماعية. طبعا جزء من هذا التآكل له أسباب اقتصادية جعلت شراء الكتب من باب الكماليات، فالوضع الاقتصادي والاجتماعي لمئات الآلاف من الأسر أخرج الكتاب من دائرة أولوياتها وربما ساهم هذا الوضع في تآكل وانقراض القراءة كعادة تربوية عائلية منذ الصغر لجيل جديد نشأ في بيت لا يعرف عادة اقتناء الكتب عموما.

واليوم قبل الغد هناك حاجة ماسة لسياسة عمومية ناجعة وشاملة، لتطوير المستوى الثقافي والمعرفي، بعيدا عن الحسابات المادية للميزانية العامة، فالدولة التي تخرج الآلة الحاسبة في شؤون الكتاب والقراءة والثقافة، فلا يمكن أن تنتظر منها أي خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى