
الأخبار
اهتزت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالناظور على وقع فضيحة فساد مالي وصفت بالخطيرة، تزامنت مع تواجد الوزير سعد برادة بالجهة الشرقية لترؤس أشغال المجلس الإداري للأكاديمية.
وأحالت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، نهاية الأسبوع الماضي، على النيابة العامة المختصة المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، مسؤولة تربوية تشغل مهمة رئيسة قسم البنايات والتجهيز والممتلكات بمديرية التعليم بالناظور إضافة إلى مقاول ومساعده، قبل إحالتهم على قاضي التحقيق الذي قرر إيداعهم السجن ومتابعتهم في حالة اعتقال بتهمة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير واستعماله بهدف تحصيل منافع شخصية.
وأكدت مصادر «الأخبار» أن عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، التي باشرت البحث في هذه الفضيحة بناء على معطيات دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، كانت استدعت، الثلاثاء الماضي، فور تفجر الفضيحة، تقنيين بمديرية التعليم بالناظور، كانوا مكلفين بتتبع أشغال مشاريع وصفقات مشكوك في احترامها المعايير والمساطر القانونية المعمول بها، حيث رافقتها تلاعبات خطيرة من أجل تفويتها بشكل غير قانوني لفائدة مقاولة يديرها عشيق رئيسة المصلحة وفق معلومات البحث.
وحسب معطيات حصرية توفرت لـ«الأخبار»، تفجرت فضيحة الفساد المالي بقطاع التعليم بالناظور بعد تقدم مقاول بشكاية إلى وزارة المالية، تفيد بتعرضه لشطط واضح بعد التأخر في التأشير على صفقته من طرف مراقب الدولة بأكاديمية الشرق داخل الآجال القانونية، وكشف البحث الأولي أن رئيسة المصلحة بالمديرية كانت تتعمد هذا الخرق من أجل محاباة مقاول، حيث تورطت في خروقات جسيمة تتعلق بالتماطل في عرض الصفقات على مراقب الدولة بالأكاديمية من أجل التأشير عليها داخل الآجال القانونية، وذلك لتفويت الفرصة على نائليها وتمريرها في ظروف مشبوهة لمقاول تربطه بها علاقة خاصة.
وكشفت تحقيقات المصالح الأمنية، المنجزة بالتنسيق مع النيابة العامة المختصة، عن خروقات مالية وإدارية خطيرة داخل المديرية الإقليمية للتعليم بالناظور، بطلتها رئيسة مصلحة البناءات والتجهيزات، التي استغلت منصبها للتلاعب بالصفقات العمومية وتحقيق مصالح شخصية على حساب المال العام.
وتشير التحقيقات إلى أن المتهمة، التي كانت تشغل منصب حارسة عامة قبل خمس سنوات، وعينت بالمنصب ذاته في ظروف أثارت استغراب الجميع، أقدمت على سلسلة من الخروقات المالية والإدارية، مستغلة نفوذها وعلاقتها الشخصية مع أحد المقاولين.
ومن أبرز هذه التجاوزات، تفيد المعطيات نفسها، التماطل المتعمد في التأشير على الصفقات العمومية، حيث كانت تعرقل الإجراءات المرتبطة بالمشاريع التي لا يكون عشيقها المقاول طرفا فيها، مما يؤدي إلى تعطيلها وتأخير تنفيذها بشكل متعمد.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الأسلوب «الإجرامي» الذي تعتمده المسؤولة التربوية في تأخير عرض الصفقات على التأشير، كان الهدف منه إعادة الإعلان عن الصفقات مرات عدة، من أجل تمكين عشيقها من الظفر بها. وأكدت مصادر الجريدة أن هذا الإجراء غير الإداري والخارج عن القانون لم يعطل المشاريع التعليمية الحيوية فحسب، بل ألحق ضرراً كبيراً بثقة المواطنين والمقاولين في نزاهة التدبير الإداري، وأدى إلى إفلاس العديد من المقاولات، فضلا عن ضياع فرصة تنزيل المشاريع المرتبطة تحديدا بالإحداثات المدرسية وتوفير العرض المدرسي اللازم بمديرية الناظور على مدى سنوات.
وأفادت مصادر «الأخبار» بأنه، رغم الخروقات الواضحة التي وثقتها لجنة جهوية انتدبها مدير الأكاديمية للبحث في شكايات عديدة توصل بها حول تنامي خروقات بمديرية التعليم بالناظور منسوبة للمسؤولة التربوية، وأوصت على إثرها بعزل المتهمة من منصبها، إلا أن هذه التوصية ظلت حبيسة الرفوف، ما أثار تساؤلات كبيرة حول فرضية وجود حماية أو تواطؤ من جهات داخلية بالمديرية لهذه المرأة الحديدية، ما عزز شكوك المقاولين والشركاء في التزام المديرية بمعايير الشفافية وتكافؤ الفرص.
وارتباطا بانعكاسات هذ القضية- الفضيحة، التي تعد نموذجاً صارخا للفساد وسوء استغلال السلطة، يطرح السؤال من جديد حول الحكامة في تنزيل المشاريع وتدبير الصفقات بوزارة التربية الوطنية، خاصة بالمديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، ما يلزم تكثيف آليات المراقبة والرقابة والتفتيش الدقيق لكل الصفقات التي تكلف الملايير دون جدوى، كما تطرح هذه الفضيحة أهمية تسريع الإصلاحات الهيكلية لمحاربة الفساد الذي يهدد استقرار القطاعات الحيوية بالمغرب.





