جهة مراكش مقبرة العمال والولاة
من الكلاوي إلى شوراق.. تعددت الأسباب والعزل واحد

مباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال، قام الملك محمد الخامس بتعيين مجموعة من العمال على رأس عمالات المملكة، أغلبهم من أقطاب الحركة الوطنية. كثير منهم لا يربطهم بالإدارة الترابية إلا التاريخ النضالي، كما تحكم حزب الاستقلال في تعيينات العمال ورجال السلطة عامة.
ويبقى عدي وبيهي، عامل إقليم تافيلالت (الرشيدية حاليا)، في عهد الملك الراحل محمد الخامس، أبرز عامل يقال من منصبه، بعدما دخل في صراع علني مع حزب الاستقلال، الذي كان جزءا من منظومة الحكم في تلك الفترة.
كان عدي معروفا بولائه للعرش وتعلقه بشخص محمد الخامس، إلا أنه ظل يدبر شؤون السكان بمنطق قبلي عفا عنه الزمن، في وقت كان فيه أغلب رجال السلطة من المنتمين أو المتعاطفين مع حزب الاستقلال. تزعم عدي تمردا ضد الحكم وزعماء الحركة الوطنية، الذين عملوا على عزله من منصبه والحكم عليه بالسجن ثم الإعدام.
وفي مراكش، التي كان يمتد حكمها إلى ورزازات، ظل الباشا التهامي الكلاوي حاكما عاما لهذه المنطقة، بكل ما يحمله مفهوم الحكم من سلطة مطلقة يختزل فيها الإداري والقضائي والجبائي، لذلك قال الصحافي الفرنسي كوستاف بابان، في كتابه عن الكلاوي: “كان يصف بعض السياسيين الفرنسيين بـ”قبيلة كلاوة على نهر السين”، من شدة ولائهم له.
حين توترت العلاقة بين الكلاوي والقصر، انتظر محمد الخامس مرور أسبوعين على وفاته ليعين المهدي الصقلي عاملا على مراكش.
وعلى غرار ما سبق أن تبناه الملك الحسن الثاني في بداية حكمه، من الاعتماد على أطر عسكرية إلى جانب أطر حزبية، سلك الملك محمد السادس أساليب تجريبية في تعيين ولاة ينتمون إلى أحزاب سياسية قبل أن يتم تعيين ولاة وعمال تقنوقراطيين، مع الرهان على دورهم كأدوات تحرك التنمية المحلية والإقليمية.
هذا التوجه كان يتماشى مع مضمون الخطاب الذي ألقاه الملك بالدار البيضاء في 12 أكتوبر 1999 أمام الولاة والعمال ورؤساء الجهات، والذي أكد فيه على المفهوم الجديد لتسيير الشأن المحلي.
دم عيد الأضحى يطيح بوالي جهة مراكش
قررت وزارة الداخلية إعفاء فريد شوراق من مهامه واليا على جهة مراكش آسفي وعامل عمالة مراكش، وإلحاقه بمصالحها المركزية بالرباط. وجاء هذا القرار بعد ثلاثة أيام عن عيد الأضحى المبارك.
تأكد قرار العزل حين أوكلت وزارة الداخلية لرشيد بنشيخي، عامل إقليم الحوز، مهمة وال بالنيابة عن الجهة، في انتظار تعيين مسؤول جديد على الجهة من طرف الملك محمد السادس.
حسب الأخبار والصور المتداولة في منصات التواصل الاجتماعي، فإن الإعفاء يأتي على خلفية ظهور الوالي وهو يقوم بنحر أضحية العيد، بنفس الطقوس الملكية، وهو يصرح أمام الحاضرين بأنه ينحر الأضحية نيابة عن سكان الجهة، وهو تصريح تحول إلى مادة للسخرية.
تلقى الوالي دعوة للالتحاق بالمصالح المركزية بالرباط، في سياق إجراء إداري يتخلله استفسار ورد، قبل عرض النازلة على محققين للنظر في مسببات وخلفيات هذا الفعل، فيما بارك المغاربة هذا القرار معتبرين ما أقدم عنه الوالي عملا استفزازيا يتعارض والقرار الملكي، ما يجسد حرص وزارة الداخلية على تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان الالتزام الصارم بالضوابط الأخلاقية والقانونية المنظمة لعمل رجال السلطة.
نفس جرة قلم العزل مست معاذ الجامعي، والي جهة فاس مكناس، وبعض أفراد محيطه، على غرار ما يحصل في مراكش من استنطاق لمن كانوا في دائرة مسرح الذبيحة، فالقضية حسب مقربين من دائرة القرار المركزي، مثل كرة ثلج ويرتقب أن تسقط مسؤولين آخرين بالولاية.
لكن المحللين للقضية يستغربون من سقوط واليين من العيار الثقيل في هذا الخطأ الفظيع، بل إن شوراق، حسب مصادرنا، كان مرجعا في الإدارة الترابية، وهو الحاصل على دكتوراه في علوم الاقتصاد من جامعة لوميير ليون، وله إلمام واسع بالتنمية المجالية، علما أنه بدأ مساره المهني كأستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة في سنة 1983، قبل أن ينتقل لإدارة المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي بالجهة الشرقية، حيث شغل هذا المنصب إلى حين تعيينه عاملا على إقليم الرحامنة، وفي سنة 2017، عين عاملا على إقليم الحسيمة، قبل أن يرتقي إلى درجة وال لجهة مراكش آسفي وعاملا على عمالة مراكش، خلفا للوالي السابق كريم قسي لحلو، قبل سنتين.
مؤتمر المناخ “كوب 22” يعصف بالوالي بيكرات
لم يكن عبد السلام بيكرات، والي جهة مراكش، يعتقد أن الحماس الذي سكنه حين تم اختيار مدينة مراكش لاحتضان مؤتمر المناخ العالمي “كوب 22” سيتحول إلى إحباط، وأن سعادته بمهمته على رأس قطب اللوجستيك والأمن للمؤتمر ستكلفه غاليا.. إذ تم إعفاؤه من مهامه في المؤتمر قبل انطلاقته، بسبب “اختلالات تنظيمية متعلقة ببطء سير الأشغال التي تعرفها القرية السياحية بمنطقة أكدال التابعة لجماعة المشور”. ولملء المنصب الشاغر، فقد بادرت وزارة الداخلية إلى تعيين نور الدين بوطيب، الكاتب العام لوزارة الداخلية، برئاسة قطب اللوجستيك والأمن للكوب 22.
هذا الوالي الذي عصفت به غضبة ملكية من ولاية مراكش، بسبب تعثر الإعداد لمؤتمر المناخ للأمم المتحدة، عاد سريعا لتولي مهام الوالي، رغم الغضبة الملكية التي أبعدته لقرابة عامين حين تم نقله بدون مهمة في أحد مكاتب وزارة الداخلية، كانت كافية للتأمل من جديد والبحث عن انطلاقة جديدة بعد تبرير مسببات الارتباك التنظيمي الذي شهده مؤتمر المناخ العالمي، حيث أفادت تقارير المحققين بأن سير أشغال القرية السياحية لم تتعدى 60 في المائة قبل شهر واحد من تنظيم التظاهرة العالمية، وهو الأمر الذي لم تتقبله وزارة الداخلية فعجلت بإقالة بيكرات من مهامه في مؤتمر المناخ.
ومن المفارقات الغريبة أن يحصل هذا في ظرفية ضربت فيها وزارة الداخلية بقوة، حين أحالت ولاة على الإدارة المركزية وهم عبد الفتاح البجيوي، محمد قادري، اليزيد زلو، وقبلهم جلول صمصم وعبد السلام بيكرات.
أعفي عبد السلام بيكرات، في الوقت الذي شن فيه حربا على المطاعم ومقاهي الشيشة والملاهي الليلية، في الوقت الذي وضعه حزب العدالة والتنمية في فوهة المدفع، وقيل إن إعفاء عبد السلام كان شرط “البيجيدي” في تنسيق انتخابي مع حزب الأصالة والمعاصرة، وثانيها ألا يقدم حزب العدالة والتنمية منافسا ضد أحمد اخشيشن، وهو شرط “البام”، لتتم الصفقة، لكن الراجح أن العزل جاء نتيجة تعثر المشاريع التي دشنها الملك في المدينة.
لكن عبد السلام بيكرات، ابن تيفلت وخريج المعهد الملكي للإدارة الترابية، سيستعيد بريقه تدريجيا بعد تعيينه واليا ملحقا بالإدارة المركزية، ابتداء من تاريخ 15 يوليوز 2017، وبعد سنة واحدة، وتحديدا بتاريخ 20 غشت 2018، سيحظى عبد السلام مجددا بالثقة الملكية، حيث عينه ملك البلاد واليا على جهة بني ملال -خنيفرة وعاملا على إقليم بني ملال، ثم واليا على جهة العيون -الساقية الحمراء وعاملا على إقليم العيون ابتداء من تاريخ 07 فبراير 2019.
البجيوي.. الوالي الذي وقف أمام المحققين
في صيف سنة 2018، ظهر اسم عبد الفتاح البجيوي، الوالي السابق لجهة مراكش آسفي، في لائحة مجموعة من رجال السلطة من بينهم عمال ورجال سلطة من مختلف الرتب.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، قد قرر إحالة عشرة متهمين في قضية أملاك الدولة على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، بعد متابعتهم في حالة سراح، ملتمسا منه إجراء تحقيق في مواجهتهم، وإغلاق الحدود في وجههم وسحب جوازات سفرهم، فيما تمت إحالة والي جهة مراكش آسفي المعزول عبد الفتاح البجيوي على المجلس الأعلى للسلطة القضائية للتحقيق معه نظرا للامتياز القضائي (والي سابق).
توبع في هذه القضية، إضافة إلى والي جهة مراكش آسفي المعزول عبد الفتاح البجيوي، عمدة مراكش السابق محمد العربي بلقايد، وعدد من مسؤولي المصالح الخارجية بولاية جهة مراكش آسفي، حيث وجهت لهم تهمة “تبديد أموال موضوعة تحت يد موظف عمومي بمقتضى وظيفته”.
وكانت هيئة حقوقية وراء انفجار هذه القضية، حين طالبت في فبراير 2018، “بفتح بحث قضائي بشأن تفويت العشرات من الهكتارات من أراضي الدولة لمنتخبين ومضاربين في إطار لجنة الاستثناءات التي كان يرأسها الوالي المعزول عبد الفتاح لبجيوي، بأثمان زهيدة، والتي كان ظاهرها تشجيع الاستثمار، ليتبين أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مضاربة في هذه الأراضي، ومن بينها بقع أرضية كانت مخصصة لمشاريع ملكية في إطار المشروع الملكي “مراكش.. الحاضرة المتجددة” لتتحول بقدرة قادر إلى مشاريع خاصة وريع انتفع منه مضاربون ومنتخبون ليراكموا من خلاله ثروات غير مشروعة”.
حصل هذا الوضع للوالي بالرغم من خبرته القانونية، فهو الحاصل على الدكتوراه في القانون العام، وخريج المدرسة الوطنية للإدارة والمعهد الملكي للإدارة الترابية.
بدأ عبد الفتاح البجيوي حياته الإدارية كمجند في إطار الخدمة المدنية بإقليم بولمان في 24 أكتوبر 1977. وتم تعيينه، بعد تخرجه من المعهد الملكي للإدارة الترابية، في منصب قائد قيادة أقا بإقليم طاطا في 22 دجنبر 1979، ثم رقي إلى منصب رئيس دائرة فم زكيد بنفس الإقليم في فاتح شتنبر 1986، ثم انتقل إلى عمالة مراكش كرئيس دائرة أيت اورير في 6 أكتوبر 1990.
وحظي البجيوي بثقة الملك الحسن الثاني، فعينه في 25 يناير 1994 عاملا على إقليم طاطا، ثم عاملا على إقليم تارودانت بتاريخ 27 شتنبر 1998. كما نال ثقة الملك محمد السادس فعينه عاملا على إقليم خريبكة في 22 يوليوز 2004، ثم عاملا على إقليم شيشاوة في 22 يناير 2009. ثم واليا لجهة كلميم – السمارة، وعاملا على إقليم كلميم بتاريخ 10 ماي 2012، ثم واليا على جهة دكالة – عبدة، وعاملا على إقليم آسفي بتاريخ 20 يناير 2014، وهو المنصب الذي ظل يشغله الى أن حظي بمنصب والي جهة مراكش – آسفي، وعاملا على عمالة مراكش، بتاريخ 23 يونيو 2016.
الشرايبي.. الوالي الذي داسته عجلات “الجرار”
خلافا لكثير من قرارات وزارة الداخلية، في الشق المتعلق بالعزل أو التدبير الزجري، فقد ذكر بيان صادر عن اللجنة المركزية للانتخابات أنها رصدت “اختلالات كبيرة” في الخدمات الإدارية للولاية وقررت بالتالي “إعفاء منير الشرايبي من مهامه كوال على جهة مراكش تانسيفت الحوز”.
أصل النازلة شكاية من مرشح عن جبهة القوى الديمقراطية يرصد فيها مخالفات في مكتب التصويت، مما دفع المحكمة الإدارية إلى إلغاء نتائج انتخابات 12 يونيو 2009 الجماعية في بلدية المنارة، لتلغي بالتالي انتخاب فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش. وبعد مرور شهر على الاقتراع، نظم مسؤولو حزب الأصالة والمعاصرة إضرابا على مدى 48 ساعة للاحتجاج على القرار، مما أسفر عن عزل منير الشرايبي. وحسب عمدة مراكش فإن الوالي طلب منها تفويض المهام الاستراتيجية خاصة الإسكان لمصالحه، وهو ما دفع المنصوري إلى عقد ندوة صحفية لكشف المستور، ولأن المنصوري تعد دراعا لحزب الأصالة والمعاصرة فقد أصدر الحزب بيانا كشف فيه “عورات” تدبير الشأن الجماعي في عهد الشرايبي، وهو ما جعل بقية رجال السلطة يقفون على مدى القوة التي يملكها “البام” في الساحة السياسية بمراكش، خاصة في ظل السرعة في اتخاذ قرار العزل.
لم يكتف حزب الأصالة والمعاصرة بفتح جبهة مع والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، بل إن “البام” قدم ملفا كاملا يوضح بالتفصيل “التصرفات غير اللائقة للولاة والعمال في عدد من المدن”، ولجأ بالموازاة مع ذلك لحرب إعلامية. لكن قيادات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وصفت قرار وزارة الداخلية بإعفاء منير الشرايبي، بـ”العبث والالتباس الذي بات يميز الحياة السياسية بعد ظهور حزب الجرار”.
انتهت علاقة التقنوقراطي منير بالإدارة الترابية، وهو خريج مدرسة البوليتكنيك الشهيرة، والذي جيء به من قطاع اجتماعي بعد أن شغل منصب مدير عام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكان يمارس مجموعة من الأعمال الجمعوية، سيما في الشق الرياضي، حين شغل لفترات منصب نائب رئيس للرجاء البيضاوي، وهو الهوس الكروي الذي لازال يحركه حتى وهو بعيد عن السلطة.
حين اعتزل السلطة مكرها، عاد منير إلى عالم الأبناك، من خلال “بنك إفريقيا”، كما كانت له مساهمات في إرساء قواعد البنوك التشاركية، من موقعه كمدير عام لهذا البنك المرجعي.
جلموس أول ضحايا اكديم إيزيك
سقط اسم محمد جلموس فجأة من لائحة تعيينات العمال والولاة ومسؤولي الإدارة الترابية، وتبين أن أحداث مخيم اكديم إيزيك بضواحي العيون قد أطاحت بوالي جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، رغم تعيينه لبضعة أيام في منصب آخر كوال على جهة دكالة عبدة وعامل لإقليم آسفي، دون أن يمارس مهامه في هذا التعيين الملفوف بالغموض، فيما تم تعيين خليل الدخيل بديلا له بالعيون، وهو من القيادات السابقة للبوليساريو ويعتبر من العائدين إلى الوطن، مما يؤكد رغبة الدولة في وضع الرجل الصحراوي المناسب في بؤرة التوتر المناسبة.
لا يدري محمد جلموس، الذي يقضي ما تبقى من حياته بين أكادير ومراكش، بعيدا عن هواجس السلطة، ما إذا كان فشله في تدبير ملف شغب العيون هو الذي أعفاه من نياشين السلطة، أم إصراره على التقيد بالتعليمات القادمة من العاصمة الرباط بشكل حرفي، وما ترتب عنه من فشل في تدبير الاختلاف بحيز نفوذه الترابي، وراء معضلته.
صحيح أن جلموس كان من المقربين لإلياس العماري، منذ فترة إشرافه على الشأن العام لعمالة إقليم قلعة السراغنة بجهة مراكش، إلا أن الداخلية لا تعترف بالصداقات، بعدما عجز رفاق الأمس عن تثبيت الرجل واليا على عبدة دكالة، وكأن شبح مخيم اكديم إيزيك ظل يرافقه، فأصبح في اعتقاد السلطات المركزية عنصرا غير قادر على احتواء الغضب الشعبي عاجز عن تدبير شؤون نفوذه الترابي رغم الامكانيات الكبيرة المتاحة له ماديا ولوجيستيكيا بجهة العيون الساقية الحمراء.
أكد الوالي السابق محمد جلموس في تصريحات صحفية تعاطفه مع الاتحاد الاشتراكي، بل عبر عن نيته الترشح للانتخابات الجهوية في مسقط رأسه ببزو ضواحي بني ملال، كوكيل للائحة حزب الوردة، مبررا هذا الاختيار بمحاولة إبعاد تهمة “المتعاطف” مع “البام”، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال حاربه حين كان على رأس القيادة الترابية بالعيون، ووقع له صدام مع مكونات حزب الميزان خاصة من طرف حمدي ولد الرشيد العمدة الاستقلالي لمدينة العيون.
عامل قلعة السراغنة ينتهي رئيسا لجماعة قروية قبل أن تجرفه “كورونا”
في عهد الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية الأسبق، صدر قرار يقضي بإعفاء نجيب بن الشيخ، عامل إقليم قلعة السراغنة (جهة مراكش)، من مهامه، وإحالته على الإدارة المركزية بوزارة الداخلية في الرباط، بناء على تقرير، أنجزته لجنة تفتيش مركزية، أثناء زيارتها لعمالة قلعة السراغنة.
وكانت اللجنة قد حلت بالعمالة للتحقيق في الظروف والملابسات المتعلقة باستفادة عامل الإقليم المذكور من مبلغ مالي بقيمة 100 مليون سنتيم، قيمة شيك خاص برجل الأعمال، المقاول عبد الرزاق الورزازي، رئيس بلدية العطاوية، الذي سبق أن تبرع به لفائدة المهرجان الثقافي المعروف باسم “تساوت” على حد ادعائه.
فند نجيب ادعاءات تبرع رجل أعمال لفائدة مهرجان ثقافي، لكن تحقيقات مفتشية وزارة الداخلية ظلت تسائله في ملف صفقة عمومية تتعلق بفتح مسلك قروي قامت به الجماعة دون احترام للمساطر القانونية الخاصة بالصفقات العمومية والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، وكذا بناء منشآت تطهيرية لم تذكر في عنوان الصفقة ومد الشبكة الكهربائية بواسطة الأعمدة إلى بعض المساكن بدوار ديور الحاج بجماعة أحلاف المجاورة والتابعة لإقليم آخر، ما أنهى مساره كعامل للإقليم.
شغل نجيب مناصب قيادية في وزارة الداخلية، حيث عين كاتبا عاما لجهة الشرق ثم عاملا على إقليم قلعة السراغنة، وحين اعتزل السلطة عاد إلى مسقط رأسه وانتخب رئيسا لجماعة مكارطو بمنطقة ابن أحمد إقليم سطات في اقتراع الثامن من شتتبر 2021، حيث خاض نجيب، هو شقيق العربي بن الشيخ، المدير العام السابق للمكتب الوطني التكوين المهني، الاستحقاقات الانتخابية، باسم حزب التقدم والاشتراكية.
حين ضرب وباء “كورونا” البلاد، أصيب نجيب بن الشيخ، العامل السابق لقلعة السراغنة ورئيس جماعة مكارطو بإقليم سطات، كان الرجل ضحية الفيروس فمات بالمستشفى العسكري بالرباط، بعد أن قضى أياما قليلة في قسم العناية المركزة.
الكلاوي.. حاكم مراكش وأحوازها الذي أقاله المرض وغضب السلطان
حين عاد السلطان محمد الخامس إلى عرشه وشعبه، لم يجد التهامي الكلاوي، الحاكم المطلق لمراكش والجنوب المغربي، بدا من التماس عفو السلطان، فتوجه إلى فرنسا لملاقاته قبل أن يصل إلى المغرب خلال عودته من المنفى. في لقائه بالملك العائد إلى عرشه، تخلص التهامي من جبروته وارتمى على قدمي محمد الخامس يبتغي الصفح، فلم يصدق المغاربة والفرنسيون هذا المشهد الذي تناقلته الصحف الفرنسية بتعاليق ساخرة.
لم يكن الكلاوي يرضى لنفسه بصدور قرار إعفائه من مهمة حاكم مراكش، لكنه آمن بنهاية حكمه فصرف النظر عن الاهتمام بأمور الدنيا، “كان بالكاد يتغذى ببعض الحليب الساخن ويقضي وقته في شقته بفندق كلاريدج صامتا ومهموما، لكنه كان مغمورا بالصفاء والسكينة”، يقول ابنه عبد الصادق الكلاوي في كتاب حول سيرة والده.
يصف ابن الحاكم وضعية والده تلك الأيام التي تلت اللقاء بالسلطان قائلا: “بدأت ملامحه في الغور، وإن كان لا يزال يتحرك بخفة، لكنه غدا هزيلا وأشبه بالشبح، فكل الأطباء الذين تابعوه منذ سنتين بمراكش لم يهتموا سوى بالحفاظ عليه حتى ينجز مآرب الآخرين”، ثم يضيف متحدثا عن أطباء الكلاوي: “كانوا يبتزون منه أجورا خيالية فيما لم يكونوا يقدمون تقاريرهم عن حالته الصحية له ولا لعائلته، إلى أن تطور ورم سرطاني في جسمه احتل المعدة وسد منافذها، ولم يترك سوى بعض السائل للمرور إليها، وهو ما خلف عنده مغصا ونزيفا حادا كلما تناول طعاما”.
كان الباشا ينتظر قرار إعفائه من مهامه، لكن انفراجا حصل حين بعث الملك محمد الخامس صهره مولاي الحسن بن إدريس لعيادة التهامي الكلاوي، كما أن الحسن الثاني ولي العهد حينئذ بعث إلى الباشا رسالة بخط يده دون فيها: “الحسن بن محمد ولي عهد المملكة المغربية يرجو للباشا الحاج التهامي الكلاوي الصحة والعافية ويدعو له بالهداية والسراء”. وكان ذلك في 28 دجنبر 1955.
في أيامه الأخيرة، سيكتب الباشا رسالة أشبه بطلب إعفاء أو رسالة وداع كما يقول ابنه: “نخبر سيدنا أننا وضعنا أبناءنا وباقي أفراد عائلتنا في خدمة جلالته وتحت حمايته، إننا نضعهم في كنفه، ولنا اليقين التام أن سيدنا سوف يحيطهم بعنايته ويقبل بهم تحت وصايته”.
يوم 23 يناير 1956، انتقل التهامي الكلاوي إلى دار البقاء، ودفن في ضريح سيدي بن سليمان الجزولي، بحضور أهله وبحضور شخصيات سامية مثل الوزير الحسن اليوسي الذي بعثه الملك وقتها، وأندري لوي دوبوا، المقيم العام الفرنسي.
بعد حصول المغرب على الاستقلال، كتب ضابط الاستعلامات الفرنسي “أندري هاردي” الذي كان خليفة لحاكم الدار البيضاء “بونيفاس”، تقريرا للإقامة العامة جاء فيه: “بعد أن عين المغاربة عاملا على ضواحي مراكش ضابطا في الجيش الفرنسي وابن عم السلطان، الكولونيل مولاي حفيظ، عينوا فقيها هو المهدي الصقلي عاملا على مراكش (6 فبراير 1956) بعد موت الكلاوي مباشرة، وتعيين هذا الفقيه في عمالة مراكش، ليس بالشيء الحسن، ورغم أنه يلبس الكسوة الأوربية ومعها الطربوش، فإنه مسلم متطرف وهابي المذهب، بدأ عمله بالرغبة في إغلاق جامع الفنا وحذف مظاهرها وطرد الحلاقي ومروضي الأفاعي، فهو إذن يرغب في القضاء على مراكش والسياحة فيها”.





