شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

حوادث الاستثمار والسياحة

بين تفاؤل الخطاب الرسمي، وإشادته بالتحسن الطفيف في خسائر حوادث السير، وبين المؤشرات الدموية التي تكشف عنها كل يوم حرب الطرقات، يؤكد الواقع حقيقة بوجهين متناقضين، أحدهما يرسم صورة وردية ومستقبلا باهرا في مجال القضاء على الحوادث، والآخر ينذر بمأزق لا نهاية له كما عبر عن ذلك التقرير الأخير الذي احتلت بلادنا بمقتضاه الرتبة الأولى عربياً والسادسة عالمياً من حيث حوادث السير، رغم كل التدابير المتخذة في هذا الشأن والتي لم تحقق أية نتائج تذكر.

للأسف رغم أن الأرقام الرسمية تتحدث عن التكلفة الثقيلة الناتجة عن حوادث السيارات، والتي تكلف خزينة الدولة المغربية ما يزيد عن 11 مليار درهم سنوياً، أي ما يوازي ميزانية أربع وزارات، وما تحصده الطرقات سنويا من أرواح تصل إلى 4000 قتيل كل سنة، بمعدل 10 قتلى كل يوم، وجريح واحد كل 7 دقائق، إلا أن الحال يزداد سوءا خلال السنوات الأخيرة.

صحيح أن السلطات أصدرت مدونة للسير تشددت في العقوبات، لكن رغم دخول هذه المدونة عامها العشرين، فإنها لم تغير من الواقع شيئا، كما أن الحملات التحسيسية حول السلامة الطرقية بشكل مباشر وعبر الوسائل السمعية البصرية لم تغير العقليات، وظلت حليمة على عاداتها القديمة فلا يمكن أن تفتح أية محطة مرئية أو مسموعة، أو تقرأ جريدة مكتوبة أو إلكترونية، دون أن تجد خبرا لحادثة سير.

والحقيقة أنه لا أحد يريد تحمل المسؤولية في ما يقع من جرائم على الطرق، وربما تجد بعض الجهات في تعدد الأسباب فرصة للتبريرات لكي تبعد نفسها عن تحمل المسؤولية في ما يقع من مجازر يومية. والمصيبة أن هاته المجازر لها تأثير كبير على صورة المغرب في مجال السياحة والاستثمار، فلا يمكن للمستثمرين والسياح أن يتوافدوا بكثافة لاستثمار أموالهم في بلد يهدد حياتهم بحوادث السير وهم يقرأون أن المغرب هو البلد السادس في العالم والأول عربيا في حوادث السير القاتلة.

وما لم تتحل السلطات بالجدية اللازمة وتضع استراتيجية وطنية واقعية وفعالة بعيدا عن استراتيجيات البهرجة والإنشاء والشعارات البراقة، ستظل الطرقات أكبر عدو لبلدنا يقتل عشرات الآلاف ويشرد مئات الآلاف من الأسر ويعرقل الاستثمار والسياحة والتنمية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى