شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

ضريبة الشعبوية

الافتتاحية

بلا شك، فإننا نؤدي اليوم فاتورة غالية لمواجهة تركة الشعبوية، التي سيطرت خلال العقد الأخير على المشهد السياسي، فمرحلة الفراغ السياسي والتيه الاجتماعي، الذي تزامن مع مرحلة ما سمي بالربيع العربي نتج عنها بروز قيادة سياسية إسلامية ويمينية ويسارية، تجاوزت قواعد اللعبة الديمقراطية العقلانية، وعملت على تجريف السياسة وتسويقها على أنها فن الدسائس والكذب والتشهير وبيع الوهم.

مقالات ذات صلة

لقد وجدت مؤسسات الدولة، في لحظة ما، أنها رهينة الدعابات الحامضة لبنكيران والمغامرات السوداء للعماري ومخططات شباط ومقالب إدريس لشكر ونبيل بنعبد الله، الذين ملؤوا دنيا السياسة تراشقا ب”البوليميك” الفارغ، دون أن يكون لذلك أي أثر على معيشة المواطن، الذي وجد نفسه وسط تجار سياسة يوهمون المغاربة بالسراب.

واليوم كل ما ينفجر من فضائح أخلاقية وجرائم مالية، وفشل في السياسات التي تحمي الأمن الغذائي والمائي والطاقي ومشاكل التعليم والبطالة والصحة، ما هي في الحقيقة سوى ضريبة للشعبوية التي انتهجها الجميع أغلبية ومعارضة، لأنها كانت تقود بسرعة إلى كسب المقاعد الانتخابية دون مجهود يذكر، اللهم سلاطة اللسان والقدرة على بيع الأوهام دون محاسبة.

وللأسف فإن زمن الشعبوية سمح بوصول نخبة معطوبة وفاسدة تبحث فقط عن تبييض جرائمها إلى المؤسسات التقريرية الحزبية والمؤسسات الدستورية التمثيلية، لأن الواقع السياسي كان يطلب خدماتها الانتخابية، قبل أن تصبح تلك الخدمات فضائح جنسية ومالية وتجارة في المخدرات، مما ضرب مصداقية المشهد السياسي في مقتل.

لقد أضعنا أكثر من عقد من الزمن في صراع الشعبويات، التي لا يهمها الزمن التشريعي أو التنموي أو نجاعة السياسات العمومية، وساهم الجميع في تغذية الشعبوية وصناعة شعبويات مضادة. وبقي الخاسر الأكبر هو المواطن الذي وجد نفسه ضحية أمام من لا يخاف من المحاسبة ولا يرحمه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى