شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

عقوبات بديلة

صادقت الحكومة على مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة، بعد إدخال تعديلات على مسودته الأولى، وذلك من أجل عقلنة الاعتقال وتخفيف تضخم كلفته المالية، ولكن ما الفائدة من هذا القانون إذا كان تطبيقه معقدا أو مستحيلا؟
ما فائدة اللجوء إلى بدائل جديدة كعقوبات، إذا لم توفر قبليا الشروط المناسبة لضمان حسن تنزيلها؟ وما فائدة هذا التشريع إذا ظل حبرا على ورق ولم يوفر له اللوجيستيك والموارد البشرية الكفيلة بجعله ساري المفعول؟ ثم ما الفائدة من هذا القانون، إذا ظلت السلطة التقديرية للقاضي واسعة دون تقييد؟
مشكلتنا أننا مولعون بتقليد الغير وبإنتاج قوانين ذات طابع حقوقي للتسويق الخارجي وكسب بعض النقاط في التصنيفات الدولية، مما يجعل الكثير من تلك القوانين تظل بعد اعتمادها مجرد حبر على ورق، لا أحد يفهمها أو يشعر بأثرها على أرض الواقع.
وإذا كان الهدف من اعتماد قانون العقوبات البديلة هو الاستهلاك الخارجي، وأن يقال عنا إن منظومتنا الجنائية حديثة ومسايرة للعصر وإن المغرب يصنف ضمن الدول التي أخذت بالسياسة العقابية البديلة، فلا حاجة لنا بهذا القانون، بل الاستمرار بالمنظومة الحالية أهون وأفضل من قانون جديد سيلتحق بالرفوف.
قانون العقوبات البديلة يحتاج إلى ثورة حقيقية في البيئة المؤسساتية القضائية والموارد البشرية والكلفة المالية لجعل هذا القانون يمشي على رجليه، والأسئلة المثارة هنا هو ماذا أعدت الحكومة مثلا من إمكانيات لتنفيذ عقوبة السوار الإلكتروني؟ ومن سيتابع ذلك؟ كيف سيتابعه؟ ما هي الموارد البشرية الأمنية المتوفرة لكي تتحمل هذا العبء القانوني الجديد؟ ما هي آليات التواصل، بين المديرية العامة للأمن الوطني والنيابة العامة والقضاء والمندوبية العامة للسجون، ومؤسسات أخرى مكلفة بإنفاذ القانون؟
هناك أسئلة كثيرة تدور حول مصير هذا القانون، فلكي يطبق كما يطبق في أمريكا والسويد وأستراليا لا بد من الرفع من عدد أفراد الشرطة، وخلق مؤسسات للتتبع، ومراقبة تنفيذ العقوبات المحكوم بها، سواء لخدمة الصالح العام أو عبر المراقبة الإلكترونية أو إعادة التأهيل.
ولنتحدث بصراحة تامة، إذا كانت الحكومة تراهن على تطبيق هذا القانون بالموارد الأمنية والقضائية والسجنية الحالية، فمن الأفضل التريث قبل إصداره، لأننا في هاته الحالة نرمي به في سلة المهملات، أو في أحسن الأحوال سيتم تطبيقه لصالح بعض الأفراد المحظوظين الذين سيستفيدون من القانون للإفلات الشرعي من العقوبة السجنية، والقيام ببعض الأعمال ذات النفع العام لضمان البقاء خارج أسوار السجن، وهنا سنجد أنفسنا أمام مشاكل أخرى، فبدل أن يحل هذا القانون مشاكل السياسة الجنائية، سينتج مشاكل أخرى إضافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى