حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

عن ثقة دونالد ترامب

أرنست خوري

مدهشة درجة الثقة بالنفس التي يبديها دونالد ترامب من دون انقطاع. ثقة بانتصار حتمي في الانتخابات، رغم أنه كان متأخرا بـ14 نقطة، مزورة برأيه، عن منافسه جو بايدن قبل 27 يوما فقط من حلول الموعد الكبير. وثقة بتهافت العلم الذي يقول بخطورة فيروس كورونا، تمسي عنوانا للجهل: ارتداء غطاء الوجه هو جبن بمفهومية رجل الأعمال الفاشل، والتزام الحجر الصحي، بحسبه، تعبير عن نقص في الرجولة عند بايدن. ثقة تتحول يقينا انتحاريا عندما يقرر الرئيس الأصفر العودة إلى ممارسة عمله من المكتب البيضاوي الموبوء، بعلامات النصر وبلا كمامة، رغما عن رغبة الأطباء بإبقائه في المستشفى لأنه «لم يُشفَ بعد»، وفق اعترافهم. هي الثقة نفسها تصبح دعوة إلى التقاط المرض، عندما يحرض الرئيس مواطنيه على «الخروج» (من الحجر)، على عكس كل التوصيات الصحية في أكثر بلد مصاب بكورونا في العالم. أما أن تتحول الثقة إلى فعل جرمي، فذاك تحقق بالفعل عندما منع فريق ترامب في البيت الأبيض، بحسب «نيويورك تايمز»، إصدار إرشادات صارمة تحول دون طرح لقاح لـ«كورونا» قبل انتخابات الرئاسة، لأنه لن يكون موثوقا به علميا بأي حال في هذه الفترة الزمنية القصيرة، التي يصر ترامب على أن تشهد طرحا للقاح سيكون برأيه بطاقة فوز مضمون بولاية ثانية.
منسوب الاستعراض في عودة ترامب إلى مقر الرئاسة يختصر الحكاية كلها. يعتقد الرجل أن الأمريكيين لا يزالون يحتاجون رئيسا لا يشبه الرؤساء، وهذا أحد مكونات تعريف الشعبوية. يعتقد أن أنصاره وطيفا وازنا من الناخبين المترددين، يبحثون عمن يشبههم في قيادة أقوى بلد في العالم. رئيس يشتم، يتنمر، يتحرش، يستهزئ بالعلم وبالأطباء وبالقوانين ويحرض على القتل ويبرر العنصرية ويتهرب من الضرائب ولا يحترم أحدا، رئيسا أجنبيا كان أو موظفا حكوميا أمريكيا أو فئة وازنة من المجتمع الأمريكي حتى. يعتقد الرجل أن الأمريكيين اختاروا غالبية ساحقة من رؤسائهم الـ45 من بين «الزعماء الذين يشبهون الرؤساء» على مر تاريخ اتحادهم، بالتالي لن يكون مفاجئا إن استفاقوا في الثالث من نونبر المقبل ليختاروا التجديد لترامب بصفته رئيسا «لا يشبه الرؤساء». والأهم أن ترامب لاحظ كيف أن أربع سنوات من هذه الممارسة المهينة للسلطة، لم تكن كافية لتقديمه إلى محاكمة جدية، فكانت الخلاصة واضحة أمام ناظريه: أنصاري راضون، فوجب تقديم جرعة زائدة من الشعبوية لهم.
لكن كل ما سبق قد لا يكون كافيا لكي يفوز الرجل في الثالث من نونبر. هو يدرك ذلك تماما، وقد وفر على المحللين مشقة التحليل والبحث عن خياراته المحتملة لتبرير البقاء في البيت الأبيض، وكشف كل أوراقه: ترامب لن يعترف بخسارته الانتخابات، بحجة أن التصويت عبر البريد يشوبه تزوير واسع النطاق. أغلب الظن أنه سيفوز بأصوات مراكز الاقتراع، لأن ناخبيه يعتبرون أنفسهم أقوى من كورونا، تماما مثل رئيسهم الماتشو – مان. في المقابل، فإن أصوات البريد ستكون لمصلحة بايدن وبفوارق قياسية. القوانين الأمريكية تؤمن للرجل مروحة من الأدوات، لكي يطعن مجددا ومجددا بالنتائج ليعاد التصويت في هذه الولاية، والفرز والعد في غيرها. سيفعل الرجل المستحيل لكي لا يضطر إلى تسليم مفاتيح الرئاسة إلى غيره، حتى حلول 20 يناير (الموعد الدستوري الملزم لانتقال السلطة لرئيس جديد، أو تجديدها لولاية ثانية). ولحظة اجتياز تاريخ العشرين من يناير، يصبح الحسم في من يكون رئيسا للولايات المتحدة بيد المحكمة العليا وحدها، بأعضائها التسعة المعينين لا المنتخبين. أعضاء صارت غالبيتهم من المحافظين اليمينيين، بحسب المعايير الأمريكية، ومن الذين يعتبرهم ترامب من «جماعته». خطة كان يمكن أن تكون جهنمية، لكن في زمن ترامب تصبح عادية جدا، لا مؤامرة فيها، بل خريطة طريق كشف الرئيس بنفسه عنها من دون حرج وبكل ثقة بالنفس.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى